"العين الإخبارية" تنشر تفاصيل الوثيقة الدستورية بالسودان
الوثيقة وضعت "الحصانة الإجرائية" لأعضاء مجلس السيادة وحكام الأقاليم ويتم رفعها بواسطة المجلس التشريعي.
بعد اجتماعات ماراثونية تواصلت ليل نهار، تمكن المجلس العسكري الانتقالي بالسودان وقوى الحرية والتغيير من تجاوز عقبة الوثيقة الدستورية بعد التوافق على بنودها والتوقيع عليها بالأحرف الأولى، الأحد، وسط أجواء احتفالية سادت الشارع السوداني.
وينتظر أن يتم التوقيع الرسمي على الاتفاق النهائي الذي يشمل وثيقتي "الإعلان السياسي والدستوري" يوم 17 أغسطس/آب الجاري، بحضور إقليمي ودولي رفيع المستوى.
وحصلت "العين الإخبارية" على النسخة النهائية للوثيقة الدستورية، بعد إجراء التعديلات اللازمة في النقاط الخلافية والتي كانت محل نقاش خلال الاجتماعات الماضية.
تحقيق السلام
وبحسب الوثيقة الدستورية، فإن الحكومة الانتقالية تلتزم بالعمل على تحقيق السلام والعدالة الشاملة وإنهاء الحرب بمخاطبة جذور المشكلة السودانية ومعالجة آثارها مع الوضع في الاعتبار التدابير التفضيلية المؤقتة للمناطق المتأثرة بالحرب والمناطق الأقل نمواً والمجموعات الأكثر تضرراً.
كما نصت الوثيقة على إلغاء جميع القوانين والنصوص المقيدة للحريات أو التي تميز بين المواطنين على أساس النوع، ومحاسبة منسوبي النظام البائد على كل الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب السوداني منذ 30 يونيو 1989، وفق القانون.
كما تعمل الحكومة الانتقالية على تفكيك بنية التمكين لنظام الثلاثين من يونيو 1989 وبناء دولة القانون والمؤسسات.
يشار إلى أن هذه النقاط كانت محل مطالبات قوى الحرية والتغيير خصوصاً الحزب الشيوعي، بعد غيابها من الوثيقة الفائتة.
وأكدت الوثيقة معالجة الأزمة الاقتصادية بإيقاف التدهور الاقتصادي والعمل على إرساء أسس التنمية المستدامة، وذلك بتطبيق برنامج اقتصادي واجتماعي ومالي وإنساني عاجل لمواجهة التحديات الراهنة.
كما تعمل الحكومة الانتقالية على الإصلاح القانوني وإعادة بناء وتطوير المنظومة الحقوقية والعدلية، وضمان استغلال القضاء وسيادة القانون، بجانب العمل على تسوية أوضاع المفصولين تعسفياً من الخدمة المدنية أو العسكرية والسعي لجبر الضرر عنهم وفقاً للقانون.
كذلك تعمل الحكومة على إنشاء آليات لإعداد ووضع دستور دائم لجمهورية السودان، وعقد مؤتمر قومي دستوري قبل نهاية الفترة الانتقالية، وسن التشريعات المتعلقة بمهام الفترة الانتقالية.
أيضاً وضع برامج لإصلاح أجهزة الدولة من خلال الفترة الانتقالية بصورة تعكس استقلاليتها وقوميتها وعدالة توزيع الفرص دون المساس بشروط الأهلية والكفاءة على أن تُسند مهمة أعمال وإصلاح الأجهزة العسكرية للمؤسسات العسكرية وفق القانون.
ويتم وضع سياسة خارجية متوازنة تحقق المصالح الوطنية العليا للدولة وتعمل على تحسين علاقات السودان الخارجية وبنائها على أسس الاستقلالية والمصالح المشتركة، ما يحفظ سيادة البلاد وأمنها وحدودها.
وحسمت الوثيقة الدستورية الجدل حول التحقيق في حادث فض الاعتصام وما صاحبها من انتهاكات، حيث نصّت على "تشكيل لجنة تحقيق وطنية مستقلة بدعم أفريقي عند الاقتضاء وفق تقدير اللجنة الوطنية لإجراء تحقيق شفاف ودقيق في الانتهاكات التي جرت في الثالث من يونيو/حزيران 2019، والأحداث والوقائع التي تمت فيها انتهاكات لحقوق وكرامة السودانيين؛ مدنيين أو عسكريين، على أن تشكل اللجنة خلال شهر من تاريخ اعتماد تعيين رئيس الوزراء وأن يشمل أمر تشكيلها ضمانات لاستقلاليتها وتمتعها بكل الصلاحيات للتحقيق وتحديد المدى الزمني لأعمالها".
عقبة الحصانة
وحول عقبة حصانة أعضاء مجلس السيادة التي كانت محل خلاف وجدل بين أطراف التفاوض في الفترة الماضية، فتم التوافق على "الحصانة الإجرائية" لأعضاء مجلس السيادة وحكام الأقاليم، ويتم رفعها بواسطة المجلس التشريعي.
ونصت على "لا يجوز اتخاذ إجراءات جنائية ضد أي من أعضاء مجلس السيادة أو مجلس الوزراء أو المجلس التشريعي الانتقالي أو ولاة الولايات وحكام الإقليم دون أخذ الإذن برفع الحصانة من المجلس التشريعي".
ويصدر القرار برفع الحصانة الإجرائية بالأغلبية البسيطة لأعضاء المجلس التشريعي، وإلى حين تشكيل المجلس التشريعي يكون رفع الحصانة من اختصاص المحكمة الدستورية وإذا لم يكن التشريعي منعقداً يجب عقد جلسة طارئة.
وتلتزم الدولة، بحسب الوثيقة الدستورية، باحترام الكرامة الإنسانية لتؤسس على العدالة والمساواة وكفالة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، على أن تكون السيادة للشعب تمارسها الدولة طبقاً لنصوص المرسوم الدستوري وهو القانون الأعلى الذي تسود أحكامه على جميع القوانين.
وأوضح الإعلان أن طرفي الاتفاق يعتبران بعضهما شركاء في إدارة الفترة الانتقالية، كما يتفقان على الاحتكام للنظام الأساسي للاتحاد الأفريقي والبروتوكول القاضي بإنشاء مجلس الأمن والسلم.
وأكد أن السلطة الانتقالية تلتزم بإنفاذ حكم القانون وتطبيق مبدأ المساءلة ورد المظالم والحقوق المسلوبة ولا تسقط بالتقادم الجرائم التي تنطوي على الإساءة لاستخدام السلطة التي ارتكبت منذ الثلاثين من يونيو/حزيران 1989 بغض النظر عن أي نص وارد في أي قانون.
مستويات الحكم
ونصّت "الوثيقة الدستورية" على أن جمهورية السودان دولة لا مركزية تكون مستويات الحكم فيها مقسّمة بين "الحكم الاتحادي الذي يمارس سلطاته لحماية سيادة السودان وسلامة أراضيه وتعزيز رفاهية شعبه عن طريق ممارسة السلطات على المستوى القومي".
أما الحكم الإقليمي يمارس سلطاته على مستوى الولايات وفق ما يقرر من تدابير لاحقة، بينما الحكم المحلي يقوم بتقديم الخدمات العامة من خلال المستوى الأقرب للمواطنين ويحدد القانون هياكله وسلطاته.
كما أشارت الوثيقة إلى أن السلطة القضائية هي سلطة مستقلة ينعقد لها الاختصاص القضائي في الدولة، والمحكمة الدستورية مستقلة ومنفصلة عن السلطة القضائية وتختص بالنظر والفصل.
وتشمل القوات النظامية، بحسب نص الإعلان، كلا من القوات المسلحة والدعم السريع، وهي مؤسسة وطنية حامية لوحدة الوطن وسيادته وخاضعة لقرارات السلطة السيادية والتنفيذية وفق القانون.
فيما تختص قوات الشرطة والأمن بحفظ الأمن وسلامة المجتمع وتخضع لسياسات وقرارات السلطة السيادية والتنفيذية وفق القانون، وتتولى الخدمة المدنية العامة إدارة جهاز الدولة لتطبيق وتنفيذ خطط وبرامج السلطة التنفيذية وفق القانون.
وأكدت الوثيقة أن الاتفاقيات والمعاهدات والبروتوكولات العسكرية الدولية والإقليمية التي أبرمتها جمهورية السودان والتي تخدم المصلحة الوطنية العليا سارية المفعول خلال الفترة الانتقالية، ما لم تُلغَ أو تعدل بالتشاور بين مجلسي السيادة والوزراء.
وتلزم الوثيقة أعضاء مجلس السيادة والوزراء وحكام الولايات أو الأقاليم لدى توليهم مناصبهم بتقديم إقرار سري بالذمة المالية يتضمن ممتلكاتهم والتزاماتهم بما في ذلك ما يتعلق بزوجاتهم وأبنائهم وفق القانون.
كما تلزمهم بعدم مزاولة أي مهنة خاصة أو عمل تجاري أو مالي أثناء توليهم مناصبهم ولا يجوز لهم تلقي أي مقابل مالي أو هدايا أو عمل من أي نوع من أي جهة غير الحكومة، ولا يحق لأعضاء مجلس السيادة والوزراء الترشح في الانتخابات التي تلي المرحلة الانتقالية.
مجلس السيادة وصلاحياته
ويمثل رأس البلاد وسيادتها ووحدتها والقائد الأعلى للقوات المسلحة، ويتكون بالتوافق بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير، ويشكل من 11 عضواً؛ 5 تختارهم قوى الحرية والتغيير و5 يختارهم المجلس العسكري الانتقالي ويكون العضو رقم 11 مدنيا يتم اختياره بالتوافق بين الطرفين.
ويرأس مجلس السيادة في الـ21 شهراً الأولى أحد الأعضاء العسكريين يقوم بترشيحه المجلس العسكري، فيما يرأس الفترة المتبقية أحد الأعضاء المدنيين ترشحه قوى الحرية والتغيير، ويؤدي أعضاء مجلس السيادة القسم أمام رئيس القضاء.
ويمارس مجلس السيادة سلطات اعتماد تعيين رئيس وأعضاء مجلس الوزراء بعد اختيارهم من قبل قوى إعلان الحرية والتغيير، واعتماد تعيين حكام الأقاليم أو ولاة الولايات وفق ما يكون عليه الحال بتوصية من مجلس الوزراء.
كما يعتمد تعيين أعضاء المجلس التشريعي وتشكيل مجلس القضاء العالي بتوصية من مجلس الوزراء، واعتماد تعيين رئيس القضاء وقضاة المحكمة العليا ورئيس وأعضاء المحكمة الدستورية بعد اختيارهم بواسطة مجلس القضاء العالي.
كذلك يعتمد تعيين النائب العام بعد اختياره من قبل مجلس الوزراء، واعتماد تعيين المراجع العام من قبل مجلس الوزراء، واعتماد سفراء السودان في الخارج بترشيح من مجلس الوزراء.
ويقبل مجلس السيادة اعتماد السفراء الأجانب بالسودان، وله سلطة إعلان الحرب بناء على توصية من مجلس الوزراء ومصادقة المجلس التشريعي، وإعلان حالة الطوارئ بطلب من مجلس الوزراء والمصادقة عليه من المجلس التشريعي خلال 15 يوما من تاريخه.
ومن صلاحيات مجلس السيادة التوقيع على القوانين المجازة من المجلس التشريعي، وفي حالة امتناع مجلس السيادة لمدة 15 يوما عن التوقيع يعتبر القانون مبرماً.
كذلك للمجلس السيادي سلطة المصادقة على الأحكام النهائية الصادرة بالإعدام من السلطة القضائية وله سلطة العفو وإسقاط العقوبة وفق القانون، كذلك التوقيع على الاتفاقيات الدولية والإقليمية بعد المصادقة عليها من المجلس التشريعي.
وتصدر قرارات مجلس السيادة بالتوافق أو بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس في حال عدم التوافق، ويشترط في عضو مجلس السيادة أن يكون سوداني الجنسية ولا يحمل جنسية دولة أخرى وألا يقل عمره عن 35 عاماً وأن يكون مشهودا له بالنزاهة وألا يكون قد أدين بحكم نهائي في جريمة تتعلق بالشرف والأمانة أو الذمة المالية.
مجلس الوزراء والمجلس التشريعي وصلاحياتهما
يتكون مجلس الوزراء من عدد لا يزيد على 20 وزيراً يتم اختيارهم بواسطة قوى الحرية والتغيير ويعتمدهم مجلس السيادة، وتكون مسؤولية الوزراء تضامنية فردية أمام المجلس التشريعي وعن أداء مجلس الوزراء.
يمارس مجلس الوزراء ابتدار مشاريع القوانين ووضع مشروع الموازنة والسياسات العامة للدولة والمعاهدات الدولية والاتفاقيات الثنائية متعددة الأطراف، ولحين تكوين المجلس التشريعي يكون لمجلسي الوزراء والسيادة سلطة سن القوانين في اجتماع مشترك.
ومنح الإعلان مجلس الوزراء كذلك صلاحيات تعيين وإعفاء قادة الخدمة المدنية ومراقبة وتوجيه عمل أجهزة الدولة ومؤسساتها، بما في ذلك أعمال الوزارات والمؤسسات والهيئات والجهات العامة التابعة لها أو المرتبطة بها والتنسيق فيما بينها وفق القانون، إضافة إلى العمل على إيقاف الحرب والنزاعات وبناء السلام وتحقيق الأهداف التي نص عليها إعلان الحرية والتغيير، وإصدار اللوائح المنظمة لأعماله.
فيما نصت الوثيقة على أن المجلس التشريعي وصلاحياته سلطة مستقلة لا يجوز حلها ولا تتجاوز عضويته 300 عضو ليس من بينهم من شارك نظام الإنقاذ حتى سقوطه، وألا تقل نسبة تمثيل النساء عن 40% من عضوية المجلس.
ويتكون المجلس التشريعي بنسبة 67% من قوى الحرية والتغيير ونسبة 33% للقوى الأخرى غير الموقعة على إعلان الحرية والتغيير والتي تتم تسميتها وتحديد نسب مشاركة كل منها بالتشاور بين قوى الحرية والتغيير ومجلس السيادة.
ويتولى التشريعي سلطات سن التشريعات ومراجعة القوانين وإصدار التشريعات واللوائح التي تنظم أعماله ورئيس المجلس ونائبه ولجانه المتخصصة، كما يراقب أداء السلطة التنفيذية ومساءلتها وسحب الثقة منها، وإجازة الموازنة العامة والمصادقة على الاتفاقيات والمعاهدات الإقليمية والدولية.
الحقوق والحريات
تكون وثيقة الحقوق والحريات عهداً بين جميع أهل السودان وحكوماتهم على كل مستوى والتزاما من جانبهم بأن يحترموا حقوق الإنسان والحريات الأساسية ويعملوا على ترقيتها، وتعد حجر الأساس للعدالة الاجتماعية والمساواة والديمقراطية.
ولكل إنسان حق أصيل في الحياة والكرامة والسلامة الشخصية ويحمي القانون هذا ولا يجوز حرمان أي إنسان من الحياة تعسفاً، وتكون المواطنة أساس الحقوق المتساوية والواجبات لكل السودانيين.
وأكد الإعلان أن لكل شخص الحق في الحرية والأمان ولا يجوز إخضاع أحد للقبض أو الحبس ولا يجوز حرمانه من حريته أو تقييدها إلا لأسباب وفقاً لإجراءات يحددها القانون، ولكل شخص حُرم من حريته أن يعامل بإنسانية وباحترام لكرامته الإنسانية.
aXA6IDUyLjE0LjE2Ni4yMjQg جزيرة ام اند امز