أزمة السودان.. هل يفتح التسليح الشعبي باب الحرب الأهلية؟
مع اتساع رقعة الحرب في السودان، وتمدد قوات "الدعم السريع" في مساحات شاسعة، تزايدت حالات الاستنفار والتسليح الشعبي، لمؤازرة الجيش، مما ينذر بتحول الصراع إلى حرب أهلية.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023 يشهد السودان حربا بين الجيش و"الدعم السريع" خلَّفت أكثر من 9 آلاف قتيل، فضلا عما يزيد على 6 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، وفق الأمم المتحدة.
ويتبنى فلول نظام الرئيس المعزول عمر البشير في ولايات مختلفة حملات مكثفة لتسليح المواطنين بحجة حماية مناطقهم من قوات "الدعم السريع" التي وسعت انتشارها خارج العاصمة الخرطوم.
ويسعى تنظيم الإخوان، وفق مراقبين، إلى نشر السلاح بين المكونات المجتمعية في البلاد، لكي تأخذ الحرب أشكالا أخرى، أكثر بشاعة وتعقيدا، بعد أن فقد الجيش السوداني السيطرة على المعركة في ميادين القتال.
وانتظمت حملات استنفار وتدريب وتسليح للمواطنين في ولايات الجزيرة والنيل الأبيض وسنار والقضارف، ونهر النيل، والشمالية، وكسلا، والقضارف والبحر الأحمر، تحت مسمى "المقاومة الشعبية المسلحة".
وخلال الأيام الماضية، أعلن حاكم ولاية نهر النيل محمد البدوي، أمام حشد كبير من مواطني مدينة شندي تدريب الشباب على حمل السلاح، كما تعهد قائد سلاح المدفعية، اللواء محمد الأمين بفتح مخازن الأسلحة لتوزيعها على المتطوعين.
وفي لقاء بمدينة سواكن على ساحل البحر الأحمر شرقي السودان، أعلن حاكم ولاية البحر الأحمر مصطفى محمد نور، تدشين "المقاومة الشعبية المسلحة"، وأكد جاهزية مواطني ولايته للدفاع عن منطقتهم.
من جانبه، قال زعيم قبائل "البجا" في شرق السودان، محمد الأمين ترك، أمام آلاف أنصاره إن "زمن المفاوضات مع "الدعم السريع" انتهى، وجاهزون لحمل السلاح".
وبشأن "المقاومة الشعبية المسلحة"، أدانت قوات الدعم السريع في بيان تلقت "العين الإخبارية" نسخة منه، ما وصفته بتسليح المدنيين من قِبل استخبارات الجيش السوداني.
وأوضحت أن أنصار الرئيس المعزول عمر البشير في حزب المؤتمر الوطني المحلول يسعون إلى تسليح المدنيين، بهدف تفكيك البلاد وتقسيمها من جديد، قواتنا لن تسمح بتنفيذ هذا المخطط.
خيارات عدمية
وقال الكاتب والمحلل السياسي السودان، عباس عبد الرحمن، إن :الطريق الوحيد لحل أزمة الحرب العبثية هو التفاوض لوقفها لأن استمرارها يعني المزيد من التعقيدات والخيارات العدمية التي ستحول السودان إلى نقطة النهاية والمحو من الوجود".
وأضاف عبدالرحمن لـ"العين الإخبارية"، أن "الجيش السوداني يريد من الحملات كسب الوقت لترتيب صفوفه وإعادة الأمور إلى نصابها، لكن ضاع الوقت وازدادت الخسائر وكثر الدمار وعم أرجاء البلاد".
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي، عبد اللطيف أبو بكر، إن "حالة التعبئة والاستنفار والتسليح بلغت ذروتها في السودان، وظلالها ووصلت إلى قاع المجتمع، فالاستقطاب القبلي أصبح المحور الأول للنزاع وشاهد على حالة التفسخ التي يسير نحوها السودان بمتوالية هندسية".
وأوضح أبو بكر لـ"العين الإخبارية"، أن تنظيم "الإخوان"، يسعى لتسليح المواطنين لإشعال الحرب الشاملة، بعد فشل كتائبه الجهادية في الحرب، وعدم مقدرته على النصر على قوات "الدعم السريع"، التي أثبتت كفاءة قتالية عالية.
وأشار إلى أن شبح الحرب الأهلية يلوح في الأفق بسبب ممارسات في التعبئة والاستنفار والتسليح، لإكمال فصول الفتنة وانزلاق البلاد نحو المجهول، مضيفا أن "الإثنية المسلحة ستمزق الدولة، والفلول يمثلون الآباء والأمهات الشرعيين لخطابي الكراهية والإثنية".
تأجيج الصراعات
وقد اكتسب السودانيون تجارب في تسليح المدنيين لكنها أدت إلى تأجيج الصراعات مثلما حدث في إقليم دارفور غربي البلاد حيث اندلع النزاع في العام 2003 وراح ضحيته 300 ألف قتيل ونزوح 2.5 مليون ساكن من منازلهم، وفق الأمم المتحدة.
وتفيد إحصائية رسمية صدرت في العام 2018، بوجود 5 ملايين قطعة سلاح بحوزة المدنيين في مختلف مناطق البلاد.
وكان البرهان قد أعلن في يونيو/حزيران الماضي التعبئة العامة والاستنفار، ودعا الشباب القادرين على حمل السلاح إلى التوجه إلى أقرب وحدة عسكرية.
وقُدر عدد المواطنين السودانيين الذين خضعوا للتدريب في الولايات خلال الأشهر الماضية بأكثر من 400 ألف، لكن عدد من انخرطوا في القتال إلى جانب الجيش، محدود للغاية.
aXA6IDMuMTM4LjEyNC4yOCA=
جزيرة ام اند امز