جولة البرهان.. بحث عن الحل في محركات جهود السلام
من الخرطوم، ثم بورتسودان إلى القاهرة، خرج الفريق أول عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة قائد الجيش السوداني، ينشد حلا للأزمة في بلاده.
الوجهة الأولى للبرهان، منذ اندلاع الاقتتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، القاهرة، وربما تقوده جولة إلى دول أخرى في الإقليم، أولها السعودية، التي ترعى مع الولايات المتحدة، مفاوضات في جدة.
فما دلالات اختيار القاهرة محطته الأولى، وهل يجد البرهان حلا للأزمة في جولته الخارجية الأولى؟.
يرى المراقبون للشأن السوداني أن قائد الجيش يحاول خلال جولته الخارجية، إيجاد مخرج للأزمة المتطاولة، عبر الحلول السياسية، بعد فشل الحل العسكري على الأرض.
ويؤيد ذلك صياغة بيان صادر عن مجلس السيادة الانتقالي، قال إن البرهان غادر اليوم الثلاثاء، إلى مصر للقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، وسيجري مباحثات مع الرئيس المصري "تتناول تطورات الأوضاع في السودان".
كما سيبحث البرهان مع السيسي، وفق البيان، "العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيز دعمها وتطويرها بما يخدم شعبي البلدين والقضايا ذات الاهتمام المشترك".
ولم يكشف البيان المقتضب مزيدا من التفاصيل، أو يعلن المحطة القادمة لرئيس مجلس السيادة السوداني.
لكن الزيارة إلى مصر بعد صيام طويل عن السفر منذ اندلعت الاشتباكات بين "الدعم السريع" والجيش السوداني، منتصف أبريل/ نيسان الماضي، يستشف فيها رغبة في الوصول إلى حل للأزمة، ويدُ ممدودة في السلام، تنتظر مؤازرة من الدول المؤثرة مثل مصر.
دور مصر مستمر
ويقول المحلل السياسي ،الطاهر ساتي، "إن زيارة البرهان إلى القاهرة لها تأثير على مجمل أحداث السودان الماضي والحاضر والمستقبل، بحكم التاريخ والجغرافيا، ومصر دولة لا يمكن تجاوزها في أي حدث سوداني بحجم الحرب".
ساتي في حديث لـ"العين الإخبارية"، أوضح أن "أمن مصر من أمن السودان والعكس صحيح، لذلك كانت حريصة من قبل الحرب على الاستقرار السياسي، واجتهدت في حل الأزمة ما بين الأطراف السياسية سياسيا، جمعتهم في لقاء القاهرة، الذي كان فرصة للحل السياسي وتجاوز الحرب، لكن تعنت قوى الحرية والتغيير وتمترسها حول الاتفاق الإطاري ساهم في اندلاع الحرب."
وتباع المحلل السياسي السوداني أنه "مصر كانت أول دولة بعد الطلقة الأولى اجتهدت وتدخلت إيجابا لإيقاف الحرب ودعت دول الجوار للمشاركة وتقديم حلول لإنهاء الحرب ولا تزال".
وأشار إلى أن "مصر تعمل لحل الأزمة كدولة شقيقة تربطنا بها علاقة تاريخية للحفاظ على حماية أمنها القومي، ثم بصفتها دولة جارة متأثرة بالحرب وبصفتها دولة في الاتحاد الأفريقي، كل هذه الصفات تعطي مصر الأولوية في تقديم الحلول."
ونوه ساتي، إلى أن "زيارة البرهان إلى مصر في أول زيارة بعد الحرب طبيعية، ونتوقع من مصر بثقلها الإقليمي والدولي أن تساهم مع الشعب السوداني وجيشه في إنهاء الحرب وفرض السلام.. فلها علاقاتها الدولية والإقليمية للمساهمة في إعادة تعمير في إعادة ما دمرته الحرب".
الطريق إلى جدة
بالنسبة إلى الكاتب والمحلل السياسي، أمير بابكر، فإن "خروج البرهان من الحصار داخل القيادة العامة للجيش، هو في اتجاه إيجاد حلول سلمية لأزمة الحرب".
وقال بابكر في حديث لـ"العين الإخبارية"، "رغم الحديث المتشنج في بورتسودان، واضح أن خط السير الخارجي سيكون من القاهرة إلى جدة وهي المحطة الرئيسة لمفاوضات السلام في السودان".
المحلل السياسي السوداني مضى قائلا: "إن القاهرة مجرد رافعة لمفاوضات جدة، وتدعم خطواتها في اتجاه الحل السلمي بالسودان".
وشدد على أن "لا مخرج للأزمة في السودان، سوى المفاوضات والحلول السياسية، خاصة وأن الحرب أثبتت تكلفتها الباهظة سواء في الخرطوم أو نيالا أو مدن البلاد الأخرى".
وشهدت نيالا بدارفور اليوم الثلاثاء سقوط عدد من القتلى أغلبهم أطفال، جراء سقوط شظايا على مدنيين، إثر اشتباكات ضارية بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وكان البرهان تحدث يوم أمس الإثنين، عن خروجه من العاصمة الخرطوم، قائلا إن الحديث عن كونه باتفاق سياسي أو صفقة أو بمساعدة جهة خارجية "مجرد وهم".
والخميس ظهر البرهان بمدينة "أم درمان" غرب العاصمة، وتفقد عددا من المنشآت العسكرية بعدما ظل متمركزا في مقر القيادة العامة بالخرطوم منذ أبريل/نيسان.
وقبلها كان آخر ظهور للبرهان في 18 يوليو/تموز، عندما ظهر حاملا سلاحا رشاشا ومسدسا وقنبلة يدوية وهو يترأس اجتماعا عسكريا بمركز القيادة والسيطرة للجيش وسط الخرطوم.
وساطات على طريق الحل
واستضافت مصر يوليو/ تموز الماضي قمة لدول جوار السودان اختتمت أعمالها بالتوافق على وضع آلية وزارية، بمشاركة دول الجوار بالتنسيق مع المسارات الإقليمية والدولية الأخرى لتسوية الأزمة.
والآلية الوزارية تتضمن وضع خطة عمل تنفيذية تشمل اقتراح حلول عملية وقابلة للتنفيذ لوقف الاقتتال والتوصل إلى حل شامل للأزمة السودانية عبر التواصل المباشر مع الأطراف السودانية المختلفة، في تكاملية مع الآليات القائمة، بما فيها الإيغاد والاتحاد الأفريقي.
وستعرض الآلية نتائج اجتماعاتها وما توصلت إليه من توصيات على القمة القادمة لدول جوار السودان، وفق البيان الذي لم يحدد موعدها.
ومنذ مايو/ أيار الماضي، تستضيف جدة السعودية، بالتنسيق بين المملكة والولايات المتحدة، مفاوضات بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، للوصول إلى وقف لإطلاق النار، يقود إلى حل للأزمة، وشاركت لمدة جولات متتالية وفود من الطرفين المتصارعين في المفاوضات,
ونجحت مفاوضات جدة أكثر من مرة في الوصول إلى الدخول في هدنة بين الجانبين، لكنها سرعان ما تفشل، ليعود الصراع إلى المربع الأول، وما تزال تلك المفاوضات متعثرة إلى الآن، وسط تفاؤل بأن تستأنف في أي وقت، ويعود الجيش والدعم السريع، إلى التفاوض.