إلى أين المفر؟.. «جحيم الحرب» يخنق نازحي السودان
جحيم حرب السودان يرتد وبالا على نازحيه ممن يجدون أنفسهم مجبرين على مواجهة محنة البحث لأكثر من مرة عن ملاذ آمن.
سيناريو جديد يطرق أبواب النازحين الفارين من جحيم الحرب في السودان، يحمل في طياته تداعيات إنسانية خطيرة في ظل انعدام دور الإيواء وشح الغذاء والدواء.
يأتي ذلك في وقت صعدت فيه ولايات سودانية وتيرة حملاتها لترحيل النازحين الهاربين من الرصاص والقصف العشوائي في مناطق النزاعات من المدارس الحكومية ومراكز الإيواء.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش و"الدعم السريع" حربا مروعة خلفت نحو 15 ألف قتيل و8.5 مليون نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة، فضلا عن دمار هائل بالبنى التحتية.
وسبق أن استضافت مدينة جدة محادثات برعاية سعودية أمريكية، في 11 مايو/أيار 2023، أسفرت عن أول اتفاق مع طرفي الحرب على الالتزام بحماية المدنيين.
وأفلح منبر جدة في إعلان أكثر من هدنة، تخللتها خروقات عديدة وتبادل للاتهامات، ما دفع الرياض وواشنطن، قبل أشهر، إلى تعليق المفاوضات.
إخلاء بالقوة
شهود عيان أفادوا لـ"العين الإخبارية" بأن سلطات نهر النيل (شمال) أخلت النازحين بالقوة من مدرستي "الحميراء" و"بدر" في حي "الحصايا"، وسط عاصمة الولاية عطبرة وأمرتهم بالذهاب إلى "القرية 6" بمنطقة المناصير.
ويقول النازح السوداني الفاتح عبدالله، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، إن السلطات طالبتهم بالمغادرة قبل شهر، ومؤخرا قامت الشرطة وعناصر من الأمن بطردهم من المدارس.
وأضاف أن السلطات سلمتهم خطابات تطالبهم بالإخلاء وتخيرهم بين مواجهة مصيرهم أو الذهاب إلى "القرية 6" بمنطقة المناصير.
من جهتها، تقول النازحة السودانية هاجر عبدالمجيد إن "قوة أمنية حضرت إلى المدرسة وطالبت الناس بالخروج بشكل نهائي، وهددت باعتقال كل من يرفض تنفيذ القرار".
وأضافت هاجر لـ"العين الإخبارية" أن "كل الأبواب مغلقة بوجوهنا، كما أن مدخراتنا المالية نفدت بالكامل، ومصيرنا النهائي غير معروف".
لكن مسؤولا محليا بحكومة الولاية أبلغ، "العين الإخبارية"، أن الجهات المختصة أكملت ترتيبات نقل النازحين الذين يسكنون بلدة السرور السافلاوي إلى منطقة المناصير الجديدة، وتسليم كل أسرة منزلا مجهزا بالكامل.
ووفق تقارير إعلامية؛ تضم الولاية نحو 288 مركزا للإيواء، بينها 95 مركزا في مدينة عطبرة في 39 مدرسة و52 جمعية (زاوية) و4 أندية رياضية.
ونزحت نحو 17 ألف أسرة إلى مدينة "بربر"، إذ يوجد الكثير منهم في مركز الإيواء داخل المدارس والجمعيات.
وتستضيف الولاية 11% من جملة النازحين داخليا في السودان، وفقا لمصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة، الصادرة في الثالث والعشرين من فبراير/شباط الماضي.
قيود صارمة
مع تصاعد أزمة النزوح، فرض والي (حاكم) ولاية كسلا شرقي السودان، اللواء متقاعد الصادق محمد الأزرق قيودا صارمة على مراكز الإيواء في الولاية الواقعة شرقي السودان تضمنت حظر الأنشطة.
ورصدت "العين الإخبارية" وجود أعداد كبيرة من النازحين بمحيط مقر جمعية "الهلال الأحمر" السوداني بولاية كسلا، في انتظار إكمال إجراءاتهم وترحيلهم إلى دور إيواء جديدة، بعد اكتظاظ المدارس بالنازحين الفارين من نيران الحرب في العاصمة الخرطوم، وولاية الجزيرة (وسط)، وغرب ولاية سنار (جنوب شرق).
وأصدر حاكم كسلا أمر طوارئ اطلعت عليه "العين الإخبارية"، قرر بموجبه "حظر إقامة أي نشاط أو اجتماعات داخل مراكز الإيواء، إلا بعد أخذ إذن من الجهات المختصة".
وتضمن أمر الطوارئ حظر سكن مواطني الولاية والنازحين غير المسجلين لدى الهلال الأحمر في مراكز الإيواء، ومنع استضافة أي شخص لا يملك إفادة سكن بهذه المراكز.
ومنع الوالي إجراء تعديل في استمارة السكن بمراكز الإيواء أو إضافة أي شخص بالمراكز دون علم لجنة السكن.
ومنح حاكم ولاية كسلا الجيش وقوات الشرطة وجهاز المخابرات العام سلطة تنفيذ الأمر الذي تضمن القيود على مراكز الإيواء، على أن يُعاقب من يخالفه بالسجن لمدة لا تزيد على عامين أو الغرامة المالية.
مراكز إيواء جديدة
في مدينة بورتسودان شرقي السودان أعلنت السلطات المحلية فتح المدارس إخلاء النازحين وترحيلهم إلى مراكز الإيواء الجديدة.
وقال مسؤول محلي بحكومة الولاية، لـ"العين الإخبارية"، إن السلطات المختصة هيأت البيئة الداخلية لاستقبال ضيوف الولاية وتوفير كافة المعينات لمراكز الإيواء وتخصيص خيمة لكل أسرة.
ويُعاني النازحون من ضعف الاستجابة لاحتياجاتهم الإنسانية، إثر فقدان معظمهم أعمالهم ووظائفهم، ما جعل 18 مليون سوداني يُعانون الجوع الشديد بينهم نحو 5 ملايين على شفا المجاعة، وفق إحصاءات منظمات دولية.
aXA6IDMuMTQ1Ljg1Ljc0IA== جزيرة ام اند امز