أزمة السودان.. هدنة مرتقبة «وشيكة» وخارطة طريق لإنهاء الحرب
رغم الحديث عن تقدم ملموس في مفاوضات جدة وأنباء عن "هدنة مؤقتة وشيكة"، تسارعت وتيرة العنف والاقتتال، اليوم الخميس، في مدن العاصمة الخرطوم.
كما شهدت مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور غربي السودان توترات أمنية بالغة التعقيد، باعتبارها آخر مدينة في الإقليم خارج سيطرة قوات "الدعم السريع".
ومؤخرا، سيطرت قوات "الدعم السريع" على مدن الجنينة، حاضرة ولاية غرب دارفور، ونيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور، وزالنجي حاضرة ولاية وسط دارفور، والضعين حاضرة ولاية شرق دارفور، وتخطط حاليا للسيطرة على الفاشر، حاضرة ولاية شمال دارفور، ليصبح كل الإقليم تحت سيطرتها.
ومع تصاعد أعمال العنف قال حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي إن الحرب بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" "أكبر انفجار في تاريخ البلاد، وأن الحرب الحالية أدت إلى خسائر كبيرة وما زالت تحصد الأرواح وتهدد وحدة البلاد".
وفي مؤتمر صحفي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ليل الأربعاء، أكد مناوي "استمرار الاتصالات بطرفي الحرب بمن فيهما قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) وآن آخر اتصال بينهما جرى الثلاثاء"، ونفى أن يكون موقفه بـ"إنهاء الحياد من الحرب انحيازا للجيش السوداني".
وأوضح مناوي أن "الوضع في إقليم دارفور مذر، ولا توجد دولة، وأن الولايات الأربعة في قبضة الدعم السريع، مع غياب الجيش، ما جعل معسكرات النازحين أكثر أمنا من المدن".
وأضاف: "هناك نحو 4 ملايين نازح، وتحولت العاصمة الفاشر إلى معسكر نزوح كبير وسط انتهاكات كبيرة استبيحت خلالها الأرواح والأموال والممتلكات".
تقدم المفاوضات
ومع التقدم الملموس في مفاوضات جدة، يسعى كل طرف لتوسيع سيطرة نفوذه في ميدان المعركة، لتحقيق مكاسب وأوراق تضغط لتحسين الموقف التفاوضي.
وأفادت مصادر دبلوماسية "العين الإخبارية" عن قرب التوصل لاتفاق لوقف إطلاق العدائيات بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" لمدة 30 يوما كفترة أولى، يعقبها وقف دائم لإطلاق النار.
وحسب المصادر، فإن توزيع النقاط الأمنية (الارتكازات العسكرية) في العاصمة الخرطوم، تشكل عقبة كبيرة أمام التوصل لاتفاق وقف القتال المستمر منذ 15 أبريل/نيسان الماضي، لكن المشاورات متواصلة من أجل حل المشكلة.
وأفاد شهود عيان "العين الإخبارية" باندلاع اشتباكات جديدة جنوبي العاصمة الخرطوم، بالأسلحة الثقيلة والخفيفة، ما أدى إلى تصاعد ألسنة اللهب والدخان في سماء المنطقة.
وطبقا للشهود فإن مدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم، شهدت أيضا اشتباكات عنيفة، ما أدى إلى موجة نزوح جديدة إلى المناطق الطرفية.
كما أكد الشهود أن مدينة بحري شمالي العاصمة الخرطوم شهدت أيضا تحليقا للطيران العسكري، وسماع دوي المدافع الثقيلة.
ويقول المواطن السوداني عبدالباسط يوسف "مع الأنباء الواردة بشأن المفاوضات في جدة، إلا أن المعارك مستمرة، ما أدى إلى تعقيد الحياة اليومية".
وأشار يوسف في حديثه لـ"العين الإخبارية": "أتمنى أن تصل المفاوضات إلى مبتغاها بوقف إطلاق النار، وفتح المسارات الإنسانية لتوصيل المساعدات".
الصراع على السلطة
وفي تحذير مباشر، ألقى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش باللوم بشكل مباشر في الأزمة المستمرة في السودان ومعاناة سكانه المدنيين على القادة العسكريين المتحاربين في البلاد وداعميهم من دول الإقليم.
وعقد غوتيريش مؤتمرا صحفيا مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي في ختام المؤتمر السنوي السابع للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في نيويورك.
وفي رد له على سؤال أحد الصحفيين حول فشل الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في إنهاء القتال في السودان، وجه الأمين العام للأمم المتحدة أصابع الاتهام مباشرة إلى القادة العسكريين، عبدالفتاح البرهان القائد العام للجيش السوداني، ومنافسه محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع، واتهمهما بـ"تجاهل مصالح شعبهما والانخراط بدلا من ذلك في صراع على السلطة".
من جهته، شدد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي على الحاجة إلى "مساءلة مرتكبي الجرائم خلال هذا النزاع".
وأضاف أن "الجهود تركز الآن على تحقيق وقف إطلاق النار في السودان، وبعد ذلك من الواضح أنه ستكون هناك تحقيقات، وسيتم تحديد المسؤوليات”.
وأعرب عن تفاؤله بشأن المفاوضات الجارية في جدة في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وقال فكي: “آمل ذلك، وقد قيل لي إن الأمور تمضي قدماً. قد نرى وقفاً لإطلاق النار على الفور”.
خارطة طريق لإنهاء الحرب
وللخروج من عنق الزجاجة أجاز المكتب التنفيذي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، مشروع خارطة طريق إنهاء الحرب وتحقيق السلام وتأسيس انتقال مدني ديمقراطي مستدام.
وقدمت خارطة الهيئة، التي يرأسها عبدالله حمدوك، حسب بيان اطلعت عليه "العين الإخبارية"، مقترحات عملية حول كيفية دعم المجهودات الجارية في منبر جدة للوصول لوقف عدائيات يطور لوقف شامل لإطلاق النار بآليات مراقبة فعالة، وكيفية ربط هذه الجهود بعملية سياسية شاملة لا تستثني أحدا سوى المؤتمر الوطني/الحركة الإسلامية وواجهاتهما، بما يحقق حلا سياسيا تفاوضيا نهائيا يستند إلى مبادئ أساسية تحقق السلام الشامل والتحول المدني الديمقراطي المستدام.
وأعلنت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) الشروع فورا في حراك داخلي وخارجي واسع لطرح الأفكار التي احتوتها الخارطة، والدفع بجهود الوصول لحل سياسي سلمي تفاوضي يضع حدا للحرب الدائرة في البلاد.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023 يشهد السودان حربا بين الجيش و"الدعم السريع" خلَّفت أكثر من 9 آلاف قتيل، فضلا عما يزيد على 6 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، وفق الأمم المتحدة.
aXA6IDE4LjExOS4xOTIuMiA= جزيرة ام اند امز