القصف يصل «عروس نيل» السودان.. الحرب تتوسع والمخاوف تتزايد
لهيب حرب السودان يصل إلى الضفة الغربية للنيل الأبيض، تحديدا إلى كوستي أو «عروس النيل» كما يحلو للمحليين تسميتها، في توسع يفاقم المخاوف.
وتزداد المعارك في السودان احتداما ويتسع نطاقها، ما يبدد آمالا في العودة إلى طاولة مفاوضات الحل السياسي، رغم الجهود الإقليمية والدولية.
واليوم الجمعة، أفادت مصادر عسكرية لـ"العين الإخبارية" بسماع دوي انفجارات عنيفة بمدينة كوستي بولاية النيل الأبيض (جنوب)، هزت أرجاء المنطقة.
ووفق المصادر، فإن 3 طائرات مسيرة حلقت في سماء المدينة، فيما أسقطت المضادات الأرضية التابعة للجيش اثنين منها، بينما انفجرت الثالثة ما أدى إلى إصابة رجل شرطة بالقرب من مقر النقل النهري، وإسعافه إلى المستشفى.
كما أفاد شهود عيان "العين الإخبارية" بسماع دوي الانفجارات وتصاعد ألسنة الدخان في سماء المنطقة، ما أدى إلى هلع ورعب في صفوف المواطنين.
ولم يتسن لـ"العين الإخبارية" الحصول على تعليق فوري من طرفي النزاع (الجيش وقوات "الدعم السريع") حول انفجارات مدينة كوستي.
وكوستي مدينة تقع في النيل الأبيض بالسودان، أكبر مدن الولاية، وتربض على ارتفاع 390 مترا فوق سطح البحر بالضفة الغربية للنيل الأبيض على بعد 360 كيلومترا (224 ميلا) من العاصمة الخرطوم، قبالة مدينة "ربك" عاصمة الولاية.
وتعتبر كوستي إحدى المدن المهمة والاستراتيجية في السودان، باعتبارها حلقة وصل وملتقى طرق، حيث تقع في منتصف الطريق من غرب السودان نحو بورتسودان في الشرق والخرطوم.
وتضم أكبر ميناء نهري في السودان، تنساب عبره حركة مرور الأفراد والبضائع بين البلاد وجارتها الجنوبية.
والمدينة التي تلقب بـ«عروس النيل» تعد مركزا رئيسيا لزراعة قصب السكر وصناعة السكر في أفريقيا، ومركزا محليا مهما أيضا لتجارة القطن، وبها محطة سكك حديد تربط غرب السودان بوسطه وشرقه.
تضامن عربي
مع تصاعد وتيرة العنف أعلن القادة العرب تضامنهم مع السودان في الحفاظ على سيادته ومؤسساته، كما دعوا إلى إنهاء النزاع عبر التسوية.
والخميس، اختتمت بالبحرين أعمال الدورة الـ33 للقمة العربية، في اجتماعات ركزت على أوضاع الدول العربية المضطربة، على رأسها فلسطين والسودان.
وعبرت القمة في بيانها الختامي عن "كل التضامن مع السودان في الحفاظ على سيادته واستقلاله ومؤسسات الدولة في طليعتها القوات المسلحة".
ودعا المجتمعون إلى الالتزام بتنفيذ إعلان جدة، بغرض التوصل إلى وقف إطلاق نار يكفل فتح مسارات الإغاثة الإنسانية وحماية المدنيين.
كما دعوا الحكومة السودانية وقوات «الدعم السريع» إلى الانخراط الجاد والفعال مع مبادرات تسوية الأزمة، من بينها منبر جدة ودول الجوار، من أجل إنهاء النزاع واستعادة الأمن والاستقرار.
وسبق أن استضافت مدينة جدة محادثات برعاية سعودية أمريكية، في 11 مايو/أيار 2023، أسفرت عن أول اتفاق طرفي الحرب على الالتزام بحماية المدنيين.
وأفلح منبر جدة في إعلان أكثر من هدنة، تخللتها خروقات عديدة وتبادل للاتهامات، ما دفع الرياض وواشنطن إلى تعليق المفاوضات في ديسمبر/كانون الأول 2023.
وفي 8 مارس/آذار الماضي، دعا مجلس الأمن الدولي إلى وقف إطلاق النار في السودان خلال شهر رمضان، في مشروع القرار الذي قدمته بريطانيا وأيدته 14 دولة وامتنعت روسيا عن التصويت عليه، ويدعو "كافة أطراف النزاع للسعي إلى حل مستدام للنزاع عبر الحوار".
وتزايدت دعوات أممية ودولية إلى تجنيب السودان كارثة إنسانية قد تدفع الملايين إلى المجاعة والموت، جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 12 ولاية من أصل 18 في البلاد.
إحلال السلام
من جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش المجتمع الدولي إلى تكثيف جهوده من أجل إحلال السلام في السودان، حاثاً الأطراف المتحاربة على الاتفاق على وقف دائم لإطلاق النار تتبعه عملية سياسية.
بدوره، شدد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي على ضرورة وقف الحرب المدمرة في السودان فورا، على أن يجلس أهله في حوار مباشر بينهم بعيداً عن كل تدخل أجنبي.
وتقول الأمم المتحدة إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب -أحد أفقر بلدان العالم-، يشهد "واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا "أسوأ أزمة جوع في العالم".
ويعاني 18 مليون سوداني، من بين إجمالي السكان البالغ عددهم 48 مليونا، نقصا حادا في الغذاء، وبات مئات الآلاف من النساء والأطفال معرضين للموت جوعا.
كما انهار النظام الصحي بشكل شبه كامل في السودان، وتقدر الخرطوم الخسائر في هذا القطاع بقرابة 11 مليار دولار.
ومنذ 15 أبريل/نيسان 2023 يخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" حربا خلّفت نحو 14 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.
aXA6IDMuMTQ1LjkzLjIyNyA= جزيرة ام اند امز