ثلاثاء السودان.. مواجهات تستعر والبوصلة تنشد "منبر جدة"
نيران تأبى أن تخبو فيما تستعر المعارك لتتخذ طابعا شرسا يفاقم أوجاع السودان وسط اتصالات مكثفة ضمن وساطة تنشد استئناف المفاوضات.
وفي شهادات متفرقة لـ"العين الإخبارية"، أفاد شهود عيان بأن منطقة "بُري" وسط العاصمة الخرطوم شهدت قصفا عنيفا بالطائرات الحربية والمدافع، ما أدى إلى تدمير مبان سكنية.
وطبقا للشهود، فإن القصف المدفعي أسفر عن مقتل 3 مواطنين دفنت جثثهم بمقابر المدينة، بالإضافة إلى إصابات عديدة بصفوف المواطنين.
كما قال شهود عيان آخرون إن مدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم، شهدت أيضا اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" ما أدى إلى تعقيد الأوضاع الإنسانية على الأرض.
وحسب الشهود، فإن مدينة بحري شمالي العاصمة الخرطوم، شهدت أيضا تحليقا للطيران العسكري، وسماع دوي المدافع الثقيلة.
الوساطة على الخط
على طريق حل الأزمة المتصاعدة، تلقى رئيس مجلس السيادة السوداني القائد العام الانتقالي، الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، اليوم الثلاثاء، اتصالا هاتفيا من وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله آل سعود.
وبحسب بيان صادر عن إعلام مجلس السيادة، أكد البرهان خلال الاتصال الهاتفي "ضرورة التزام قوات الدعم السريع بالخروج من المستشفيات والمراكز الخدمية ومنازل المواطنين وفتح مسارات تقديم المساعدات الإنسانية حتى يحقق منبر جدة نجاحه".
وشكر البرهان وزير الخارجية السعودي والمملكة العربية السعودية على مجهوداتهم، وفق المصدر نفسه.
والأحد الماضي، أعلن قائد قوات "الدعم السريع"، محمد حمدان دقلو "حميدتي"، خلال اتصال هاتفي مع وزير الخارجية السعودي، التزامهم بحماية المدنيين ومواصلة العمل على تسهيل إيصالات المساعدات الإنسانية لتخفيف المعاناة عن كاهل المواطنين.
وقال "حميدتي" عبر صفحته الرسمية بموقع "فيسبوك": "ناقشت خلال اتصال هاتفي مع وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، مجمل الأوضاع بالسودان في ظل الجهود المبذولة من الوساطة السعودية الأمريكية".
وأضاف: "أكدت دعمنا لمنبر جدة والتزامنا الكامل بإعلان حماية المدنيين ومواصلة العمل على تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية لتخفيف المعاناة عن كاهل شعبنا، أيضا أعربت عن ترحيبنا بالبيان المشترك الذي أعلنت عنه الوساطة اليوم حول استمرار المباحثات غير المباشرة".
وتابع: "تبادلنا كذلك وجهات النظر حول آخر التطورات في البلاد، وأكدنا على أهمية التنسيق وتكثيف الجهود المشتركة من أجل تحقيق الاستقرار في بلادنا".
وجدد حميدتي الشكر لـ"المملكة العربية السعودية قيادة وشعبا على الدعم السخي لأشقائهم في السودان مما كان له أثر كبير في تخفيف المعاناة الإنسانية التي يعيشونها جراء هذه الأزمة".
وراء ستار
بالنسبة للكاتب والمحلل السياسي السوداني، محمد الأسباط، فإن "الاتصالات التي أجراها وزير الخارجية السعودي جاءت بعد يومين من البيانات الصادرة من وزارة الخارجية السعودية والوساطة المشتركة، وضمت تلك البيانات مؤشرات وخطوات تجري خلف ستار لعودة ممثلي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى طاولة التفاوض".
وقال الأسباط في حديثه لـ"العين الإخبارية": "أيضا البيان الذي أصدره الجيش عقب تعليق المفاوضات عندما ذكر أنه تفاجأ بتعليق المفاوضات وأنه يدعو السعودية والولايات المتحدة للعمل الجاد من أجل وقف الحرب، وكذلك البيانات المتتالية التي صدرت من قوات الدعم السريع التي تؤكد على استعدادهم للتعامل مع منبر جدة."
واعتبر أن "كل هذه المؤشرات تشير إلى أن الطرفين سيعودان إلى طاولة التفاوض لا سيما أن الوفدين لم يغادرا جدة وهناك ضغوط تمارس عليهما خاصة فيما ورد تلميحا في بيان الخارجية السعودية قبل يومين عندما ذكر أن هناك محادثات غير رسمية تجري بين وفدي التفاوض".
وخلص إلى أنه "لكل ذلك، من المتوقع أن يعود الوفدان إلى التفاوض في غضون اليومين المقبلين".
مفاوضات غير رسمية
من جهته، يقول الكاتب والمحلل السياسي محمد المختار، إن "الاتصالات التي أجراها وزير الخارجية السعودي مع قائدي الجيش والدعم السريع تشير إلى قرب استئناف التفاوض".
وأضاف المختار في حديثه لـ"العين الإخبارية": "يبدو أنه خلال هذه الفترة هناك مفاوضات غير رسمية وأوراق طرحتها الوساطة، فبالتالي عودة الطرفين للمفاوضات قريبة جدا، وأعتقد أن هناك ضغوطات كبيرة جدا مورست عليهما خلال الفترة الماضية، علاوة على ذلك خطوة تعليق التفاوض من قبل الوساطة في الفترة الماضية كانت بمثابة كارت ضغط على الطرفين".
وتابع: "رشحت معلومات بأن الجيش السوداني يريد العودة إلى طاولة المفاوضات لكن بعد محاولة رفع سقف التفاوض بفرض سيطرته الميدانية على الأرض".
ومن المتوقع وفق –محمد المختار- توقيع اتفاق دائم لوقف إطلاق النار في جولة التفاوض الجديدة بمدينة جدة السعودية.
مكاسب على الأرض
الكاتب والمحلل السياسي، عبد اللطيف أبو بكر، يرى أن منبر جدة التفاوضي في إطار المباحثات بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، يشهد تكتيكات من كلا الطرفين لتحقيق مكاسب على الأرض قبل الوصول إلى اتفاق حول وقف دائم لإطلاق النار، ومن ثم الدخول في مراحل متقدمة لحل الأزمة السياسية العالقة.
ويقول أبو بكر لـ"العين الإخبارية"، إن "الاتجاه السليم من وجهة نظري الشخصية لمعالجة الأزمة الحالية الشروع في توقيع اتفاق الوقف الفوري لإطلاق النار الدائم، وفتح المسارات الإنسانية الآمنة، والبدء في معالجة الأزمة وترسيخ مبدأ السلام بين أبناء الوطن، تفاديا لانزلاق البلاد في الفوضى الشاملة".
وأشار إلى أن "الأولوية ينبغي أن تكون لخروج العسكر من المشهد السياسي، وإبعاد المواجهات المسلحة عن معالجة الأزمة الوطنية وانتهاج مبدأ الحوار".
والأحد الماضي، دعت السعودية والولايات المتحدة، الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، إلى الاتفاق على وقف جديد "فعال" لإطلاق النار، كاشفة عن عدم مغادرة ممثلي الطرفين للمملكة.
والأربعاء، أعلن الجيش السوداني تعليق مشاركته في مباحثات جدة بسبب ما قال إنه "عدم التزام قوات الدعم السريع بتنفيذ بنود الاتفاق واستمرار الخروقات".
ويتبادل الطرفان السودانيان اتهامات ببدء القتال أولا وارتكاب خروقات خلال سلسلة من الهدنات لم تفلح في وضع نهاية للاشتباكات المستمرة منذ 15 أبريل/نيسان الماضي، والتي خلَفت مئات القتلى وآلاف الجرحى بين المدنيين، إضافة إلى موجة جديدة من النزوح واللجوء بأحد أفقر دول العالم.
aXA6IDMuMTM4LjEzNC4yMjEg
جزيرة ام اند امز