كان ملفتاً ما سمعناه على لسان الرئيسين من حديث عميق المعاني صريح التعبير، شفاف وخالٍ من المجاملات في حق بلد كل منهما.
ذلك المشهد الذي تابعناه على وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية في مصر والسودان من حميمية وود منذ لحظة استقبال الرئيس السوداني عمر البشير في القاهرة وحتى مغادرته إياها، ما هو إلا مشهد يجسد طبيعة العلاقة التي تجمع بين أبناء وادي النيل.. على الرغم مما يشوبها بين الفينة والأخرى من بعض المنغصات.
المتابع للشأن السياسي يعرف جيداً أن مقياس نجاح معظم الزيارات الرسمية يتضح بمجرد انتهاء الطرف المضيف من كلمته واستعراضه نتائج المباحثات في المؤتمر الصحفي الذي يليها وقبل تسليمه الكلمة للضيف الزائر، فيتضح خلال المؤتمر الصحفي مدى نجاح اللقاء من عدمه، وفي بعض الحالات تطغى لغة الدبلوماسية حين يكون للخلاف نصيب من تلك المحادثات، وقد ينتهي الأمر بالطرفين إلى الامتناع عن هذا العرف البروتوكولي الذي يقضي بالحديث إلى وسائل الإعلام في حال عدم الاتفاق على أمر ما.
يجب أن نوجه جميعاً رسالة شكر وتقدير لكل من عمل طوال الفترة الماضية، ولو بمجهود فردي على إبعاد الشوائب عن هذه العلاقة الخاصة بين مصر والسودان، والتي لطالما حاول الأشرار جرَّها إلى مناطق مظلمة ومجهولة ليطعنوا فيها ويهمزوا ويلمزوا فلا يعرف أي منهم من قام بإيذائه.
إلا أنه كان ملفتاً ما سمعناه على لسان الرئيسين من حديث عميق المعاني صريح التعبير، شفاف وخالٍ من المجاملات في حق بلد كل منهما، واللافت أيضاً دعوة الرئيس السوداني إلى احتفالية بيت العائلة المصرية وإلقاؤه كلمة أمام أشقائه، وقبل ذلك ما أشار إليه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى أنه تم الاتفاق على تفعيل كل الاتفاقيات والملفات التي تم التوقيع عليها بين البلدين، وتعزيز التعاون في المجالات المختلفة لا سيما الاقتصادية منها، وهي الأهم في علاقات كل الدول ببعضها البعض، حيث تتعزز عبرها المصالح المشتركة وتُبنى عليها التحالفات العابرة للقارات.
كتبت أكثر من مرة عن أهمية تعزيز المصالح المشتركة بين البلدين لا سيما الاقتصادية منها، نظراً لاحتياج البلدين لمنافعها، بما أن البلدين يتمتعان بروابط استثنائية قوية لا يمكن لها أن تتأثر بأي مؤثر مهما كان، ولعل أقواها روابط الدم والنسب التي ركز عليها السيسي في كلمته أمام الأسرة المصرية.
الحديث عن المنافع التي لا بد للبلدين أن يعملا على توظيفها لما فيه خير الشعبين ذو شجون، ويجب أن نوجه جميعاً رسالة شكر وتقدير لكل من عمل طوال الفترة الماضية؛ ولو بمجهود فردي على إبعاد الشوائب عن هذه العلاقة الخاصة بين مصر والسودان التي لطالما حاول الأشرار جرَّها إلى مناطق مظلمة ومجهولة ليطعنوا فيها ويهمزوا ويلمزوا، فلا يعرف أي منهم من قام بإيذائه، فكان أولئك الأخيار نبراساً يرافق هذه العلاقة المقدسة أينما ذهبت ليستبين للأشقاء من يتربص بهم شراً، والحمد لله أن جهدهم لم ولن يضيع هباء.
ولا بد لي أن أشكر كل زميل في مجال الصحافة والإعلام ممن أخذ على عاتقه رسالة المهنة، وانحاز نحو قدسيّة هذه العلاقة وشمّر عن ساعدَيْه بما توفر له من إمكانات؛ ليكون خط الدفاع الأول الذي يتلقى كل الصدمات على رأس تلك المؤسسات التلفزيون الرسمي المصري، الذي شُرِفت بأن أكون ضيفاً عبر الهاتف على أحد أجمل برامجه - وطني الأكبر - متحدثاً عن أزلية العلاقات التي لم تتأثر ببعض ما انجرف إليه بعض من يُحسبون على مهنة الصحافة والإعلام في البلدين، والغريب أن أياً منهم لم يتحدث بصيغة من صيغ الاعتذار ولو على صفحات التواصل الاجتماعي، رغم أن الاعتذار من شيم الكبار، وقد حققت الزيارات المتبادلة التي تُوجت بهذا اللقاء أهدافها في محو معظم الشوائب، فهلا أسهم الآخرون في تنقية الأجواء؟
كلي أمل في أن تتطور العلاقة الطيبة التي هي الأصل وليست الاستثناء على مستويات مختلفة، ولن يتأتى ذلك إلا لو تُرجم إلى أفعال ملموسة لا سيما تفعيل آليات القوى الناعمة، وعلى رأسها الإعلام والدراما التي يمكنها أن تفعل مفعول السحر في تعزيز الصلات والوشائج والترويج لما لدى البلدين والشعبين من ثقافات وفنون وعلوم، وتنمية اقتصادية وعمرانية وصناعية وزراعية.. لا بد أن يتوازى الجهد غير الرسمي مع ما تهيأ من ظرف سياسي كان يُنتظر أن يبذل له أهل الإعلام والصحافة مجهوداً أكبر وأكثر حكمة وبعداً في النظر، ولكن أما وأن السياسة تمكنت من اجتياز العقبات وقامت بكل الأدوار حتى الآن، لم يتبقَ أمام صنّاع الإعلام والدراما والفنون من عذر للتقاعس والتسويف.. فليطلق الجميع العنان للأفكار الخلاقة التي من شأنها تحقيق المعادلات التي تم الإعلان عنها أمام عدسات الإعلام.. وصدقوني فإن الشعبين متعطشان لمعرفة ما لدى الآخر.
شدوا الحيل وقولوا يا مُسهل يا رب وتفاءلوا خيراً تجدوه.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة