سودانيون في ورطة.. والسبب "جواز السفر"
وجه آخر للمأساة التي يعيشها السودانيون، بسبب الاشتباكات التي تشهدها بلادهم منذ 18 يوما.
ويقول عدد متزايد من الأشخاص إنهم عالقون في السودان لأن موظفي السفارات الغربية هربوا من البلد المنكوب بالصراع، دون إعادة جوازات سفرهم التي تم قدموها للسفارات الأجنبية خلال إجراءات الحصول على تأشيرات.
ولم يتمكن دبلوماسيون من 3 بعثات غربية على الأقل من إتاحة الوصول إلى وثائق السفر الخاصة بالسودانيين، بحسب 9 شهادات اطلعت عليها شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
وجرى إجلاء معظم السفارات الغربية في السودان بعد أسبوع على اندلاع القتال، الأمر الذي ترك العديد من السودانيين ممن تقدموا بطلبات للحصول على تأشيرات، دون جوازات سفرهم مما وضعهم في مأزق قانوني وإنساني.
وفي عدة حالات، نصح موظفو السفارات، المواطنين السودانيين، بالتقدم للحصول على جواز سفر سوداني جديد، بالرغم من الاشتباكات التي أدت إلى توقف الخدمات الحكومية السودانية.
وفي إحدى الحالات، اقترح مسؤول سوداني أن يستخدم المتقدم للحصول على التأشيرة السوداني نسخة من جواز سفره بدلا من تقديم الأصل.
واتهم السودانيون الذين تحدثوا مع "سي إن إن" السفارات بالإهمال، وعرقلة خروجهم القانون من البلد، حيث حصد العنف أرواح مئات الأشخاص، بحسب إحصائيات رسمية
وأكدت وزارة الخارجية الهولندية لـ"سي إن إن" أن عددا من جوازات السفر السودانية ترك في السفارة بعد قرار الإغلاق الفوري جراء الصراع.
وقال متحدث باسم الوزارة خلال بيان "إن عددا من جوازات السفر السودانية تركت في السفارة الهولندية. إنها جوازات سفر السودانيين الذين تقدموا للحصول على تأشيرات شنغن للإقامة قصيرة الأجل أو تصريح الإقامة المؤقت".
وأوضح أن الاندلاع المفاجئ للقتال في وقت مبكر من صباح 15 أبريل/نيسان الماضي، أجبر السفارة الهولندية على الإغلاق بأثر فوري".
وقال إنه "تم إجلاء الطاقم الدبلوماسي منذ ذلك الحين ونقلوا إلى هولندا. للأسف، لم نتمكن من جمع جوازات السفر تلك بسبب الوضع الأمني السيئ، ونتفهم أن الأشخاص المعنيين في وضع صعب، ونحقق بنشاط في إمكانية تقديم الدعم الفردي".
وقالت وزارة الخارجية الإيطالية لـ"سي إن إن" إنها على دراية بالمشكلة، وستحاول إعادة جوازات السفر إلى السودانيين "في أقرب وقت ممكن".
وقال رئيس الاتصالات بوزارة الخارجية الإيطالية نيكولو فونتانا لـ"سي إن إن": "نحن جميعا على دراية بالمشكلة، ونتواصل مع جميع الأطراف المعنيين وسنبذل قصارى جهدنا، حتى في ظل الظروف الراهنة، لإعادة جوازات السفر في أقرب وقت ممكن، ونحن نعتني بالمواطنين السودانيين الذين يعيشون هذا الوضع بنفس القدر من الاهتمام الذي نوليه لمن نقوم بإجلائهم. نعمل بنشاط للتمكن من الاستجابة للطلبات بسرعة".
وقالت وزارة خارجية السويد إنها "لا يمكنها التعليق بالتفصيل على الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السفارة قبل نقلها لأن ذلك سيقوض الهدف من تلك التدابير."
وقال متحدث من اللجنة الدولية للصليب الأحمر لـ"سي إن إن" إن المنظمة لا تصدر وثائق سفر طارئة للمواطنين السودانيين الذين يحاولون مغادرة البلاد.
وأضاف لـ"سي إن إن": "لا يمكني تخيل مدى صعوبة الوضع على المواطنين السودانيين الذين يريدون مغادرة البلد، لكن لا يمكنني فعل ذلك لأن ليس لديهم الوثائق الخاصة بهم.. للأسف لا يمكن للجنة الدولية للصليب الأحمر إصدار وثائق سفر طارئة للأشخاص لمغادرة بلدهم."
واستمر وقوع هجمات متفرقة في أجزاء من العاصمة الخرطوم، مركز الصراع بين القوات المسلحة السودانية، بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة، وقوات الدعم السريع، بقيادة نائبه الفريق محمد حمدان دقلو.
وتتضاءل آمال المدنيين في الفرار من الخطر عبر مسارات آمنة وقانونية، مع استمرار الاشتباكات على الرغم من اتفاق وقف النار بين طرفي الصراع.
وتأتي أخبار العالقين بدون جوازات سفرهم في خضم موجة انتقادات متزايدة للحكومات الأجنبية ومنظمات المساعدات الدولية التي تقود عمليات الإنقاذ لإخراج مواطنيهم، تاركين السكان المحليين يتدبرون أمورهم بنفسهم، فيما استشرى انقطاع الطاقة ونقص المياه والغذاء مع تدمير الصراع لأجزاء كبيرة من البلد.
وقالت فاطمة – وهو اسم مستعار تستخدمه "سي إن إن" لأسباب أمنية – إنها في أمس الحاجة لمغادرة البلد. وقتل اثنان من منطقتها في شرق الخرطوم جراء القتال، لكن وثائق سفرها محتجزة في السفارة الإيطالية، حيث قالت إن الموظفين تجاهلوا التماساتها المتكررة لاستعادة جواز سفرها.
وأضافت "ما زلت أحاول التواصل معهم، أحاول توضيح أن هذا وضع حساس.. بالطبع لن يسمح أي بلد لأي شخص بدخول أراضيهم بدون جواز سفر صالح".
وقالت زارا، سودانية أخرى عالقة في معضلة جوازات السفر – وهو ليس اسمها الحقيقي أيضًا لكن آخر مستعار تستخدمه "سي إن إن" لأسباب أمنية – إن عائلتها رفضت مغادرة البلد بدونها.
وذكرت "سي إن إن" أن السفارة الهولندية التي تم إخلاؤها – حيث قالت إن جواز سفرها موجود هناك منذ أكثر من 3 أسابيع – لم تستجب لمحاولاتها للتواصل معهم.
وأضافت لـ"سي إن إن": "أنا الآن أمثل عائقا لعائلتي بما أنه لا يمكنهم السفر وتركي.. رجاء ساعدونا لإنهاء هذه الحرب، ورجاء انظروا في مشكلة جوازات السفر تلك ربما تنقذ أرواحا.. المنزل أمامنا تعرض للهجوم."
وفي رسائل عبر الشبكات الاجتماعية اطلعت عليها "سي إن إن" بين أحد المتقدمين للحصول على تأشيرة والسفارة الهولندية، رفضت الصفحة الرسمية للبعثة الدبلوماسية طلبا لإعادة جواز سفر محجوب.
وردت السفارة على سارة عبد الله (35 عاما): "نأسف بشدة للوضع الحالي الذي تمرين به. اضطررنا لإغلاق السفارة وإجلاء طاقمنا.. ويعني هذا للأسف أنه لا يمكننا الوصول إلى جواز السفر الخاص بك.. ننصحك بالتقدم لجواز سفر جديد لدى السلطات المحلية."
لكن بالنسبة لكثيرين، هذا ليس ممكنا؛ حيث توقفت الخدمات الحكومية السودانية إلى حد كبير في السودان جراء القتال.
وأضافت سارة "أنا في أمس الحاجة إلى جواز السفر الخاص بس للمغادرة إلى مصر برا. نحن في ظروف غير آمنة ونعاني من انقطاع مياه الصنابير لـ13 يوما الآن.. نخرج ونهدد حياتنا لجلب الماء وعادة نحصل على مياه مالحة. لدي 4زملاء آخرين جوازات سفرهم عالقة ويواجهون نفس الوضع."