حكومة حمدوك.. السودان ينفتح على العالم ويتخلص من عزلة الإخوان
خبراء يؤكدون أن الحكومة الانتقالية برئاسة عبدالله حمدوك تتهيأ لمعالجة ملف العلاقات الخارجية الذي تم تخريبه في عهد النظام البائد
بعد سنوات من العزلة الدولية الخانقة بسبب سياسات النظام الإخواني السابق المتصلة بالإرهاب، بدأ السودان يستعيد أنفاسه مع حكومته الجديدة منفتحا على المستويين الإقليمي والدولي.
وأكد خبراء تحدثوا لـ"العين الإخبارية" أن الحكومة الانتقالية برئاسة الدكتور عبدالله حمدوك تتهيأ اليوم لمعالجة ملف العلاقات الخارجية الذي تم تخريبه خلال عهد النظام البائد.
وأشاروا إلى أن "المجتمع الدولي بدا مستعدا لمد جسور التواصل مع الحكومة الانتقالية بالسودان".
ومنذ أدى حمدوك القسم رئيسا للوزراء في أغسطس/آب الماضي بدأ السودان في استقبال مسؤولين دوليين تقاطروا لزيارة البلاد بعد قطيعة سنوات طويلة.
وكان في مقدمة المسؤولين وزير الخارجية الألماني الذي وصل إلى الخرطوم في 3 سبتمبر/أيلول برفقة وفد كبير يضم 30 مسؤولا ورجال أعمال.
كما تعد زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان لودريان إلى الخرطوم هي الثانية لأبرز مسؤول أوروبي يزور السودان في العهد الجديد.
وقد كانت نتائج الزيارة مفيدة لصالح الاقتصاد السوداني، حيث عرضت فرنسا مساعدات لإعادة الاستقرار للاقتصاد بتقديم دعم مادي بقيمة 60 مليون يورو، منها 15 مليون يورو بشكل عاجل من وزارتي التنمية والخارجية الفرنسيتين.
وأعلن لودريان، في مؤتمر صحفي مع نظيرته السودانية أسماء عبدالله بالخرطوم، العمل مع شركائهم الأوروبيين على رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، مؤكدا أن بلاده تساند وتدعم الخرطوم في المرحلة المقبلة الجديدة من تاريخ السودان.
ولم تتوقف زيارات المسؤولين الأوروبيين للسودان، ففي اليوم التالي لزيارة وزير الخارجية الفرنسي استقبلت الخرطوم وزير الدولة للتعاون الدولي السويدي بير أولسون، في زيارة رسمية انتهت الأربعاء.
وأجرى أولسون خلال الزيارة مباحثات مع حمدوك ووزيري الخارجية أسماء محمد عبدالله وزيرة والمالية الدكتور إبراهيم البدوي.
إيواء الإرهابيين
ويقول المحلل السياسي السوداني شوقي عبدالعظيم لـ"العين الإخبارية" إن السودان موعود بمستقبل زاهر في علاقاته الخارجية بعد الخسائر الكبيرة التي لحقت به جراء سياسة النظام الإخواني السابق التي اعتمدت منهج معاداة المجتمع الدولي وإيواء الإرهابيين.
وأوضح عبدالعظيم أن سياسات النظام الإخواني السابق جعلت العالم أجمع يتخذ موقفا متشددا من السودان تفاقم بعد التفجيرات التي وقعت في سفارتي واشنطن في "نيروبي ودار السلام" في السابع من أغسطس/آب 1998.
بجانب الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له العبارة الأمريكية "المدمرة كول" أكتوبر/تشرين الأول 2000، حيث اتهم النظام السابق بالتورط في جميع هذه الهجمات.
وذكر شوقي أن تلك الهجمات الإرهابية جلبت على السودان عقوبات كثيرة بينها الحظر الاقتصادي ووضعه في لائحة الدول الراعية للإرهاب.
وأضاف أنها أفقدت السودان أيضا كل العون الدولي من المؤسسات الدولية مثل "صندوق النقد والبنك الدوليين" بعدما طالبت جميع الدول الدائنة للسودان بمديوناتها، كما توقفت المشاريع التنموية في البلاد المدعومة من الدول الخارجية.
وأكد أن السودان يسعى حاليا لتعويض تلك الخسائر التي لحقت به خلال 30 عاما من عمر النظام الإخواني السابق، كما أن العالم يعلم غنى السودان بموارده، وكل الدول تريد أن يكون لها موطئ قدم بالسودان خلال الفترة المقبلة.
وأضاف "من الجيد أن يعول رئيس الوزراء السوداني على الاستعانة بالعالم لحلحلة المشكلات الاقتصادية، وذلك من خلال استعانته بوزير مالية له علاقات اقتصادية ممتدة مع بيوت التمويل الدولية ومؤسسات مالية عالمية ينتظر أن توفر للسودان ما فقده خلال السنوات الماضية".
ولم يتوقف الانفتاح السوداني على استقبال المسؤولين الدوليين الزائرين له فقط، وإنما بدأ حمدوك زيارة إلى الولايات المتحدة لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة بنيويورك، كأول زيارة لمسؤول سوداني رفيع بعد سنوات طويلة.
ومنذ أن أصدرت محكمة الجنايات الدولية في 2009 مذكرة اعتقال ضد الرئيس السوداني المعزول عمر البشير وعدد من قيادات نظامه لاتهامهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور، تقلصت مشاركة السودان في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة لرفض واشنطن منح المسؤولين السودانيين تأشيرات دخول إلى أراضيها.
وينتظر أن يجري حمدوك عدداً من اللقاءات على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة مع رؤساء العالم قد يكون من بينهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
تركة ثقيلة
ويقول الخبير السوداني في العلاقات الخارجية دكتور محمد أحمد شقيلة: "إن ملف السياسة الخارجية يعد من التركات الثقيلة التي ورثتها "حكومة حمدوك" من النظام البائد، لأنه أكبر الملفات التي طالها الخراب وأصبح في عهد المخلوع بلا هدف".
وذكر شقيلة في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن المناخ السياسي "داخلياً وخارجياً" مهيأ لأن يستعيد السودان موقعه في المجتمع الدولي بعد عزلة طويلة.
وأوضح أن حكومة حمدوك أمامها فرصة لتنفيذ إصلاح كلي لاندماج السودان من جديد في السياسية العالمية، لكن ذلك مرهون بشروط في مقدمتها إحراز تقدم كبير في عملية السلام بالسودان لأنها مرتبطة برفع اسم البلاد من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وأشار إلى أن تحقيق السلام هو أحد الشروط الأمريكية الموضوعة لرفع اسم السودان من لائحة الإرهاب، كما أنه مرتبط من ناحية أخرى برفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية.
وأوضح أن وضع السودان في قائمة الإرهاب جعل دول العالم من أجل مصالحها تحجم عن التعامل الاقتصادي مع السودان.
وحول زيارة حمدوك إلى نيويورك قال شقيلة: "إن رئيس الوزراء السوداني يتوقع أن يجري مشاورات مع ممثلي جهات دولية فاعلة في مقدمتهم ممثلو الولايات المتحدة".
وأضاف أن "النقاش يدور حول 3 نقاط هي مسألة السلام في السودان الذي يقابله ملف رفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بجانب ملف إعفاء السودان من الديون".
وذكر أن إعفاء الديون الخارجية مرتبط بإحراز تقدم في العلاقات بين السودان وجنوب السودان فيما يتصل بالقضايا العالقة بين البلدين.
وتابع "هي ستكون نقاشات تفيد الكل وأكثر من كونها تقديم كل طرف للآخر طلبات، حيث إن الحكومة الأمريكية تعمل على تقديم الدعم السياسي لحكومة حمدوك وبالمقابل هو حتى اللحظة يبلي بلاء حسنا في ملف السلام والعلاقات مع جنوب السودان".
وحول ملف السلام بالسودان والعلاقات مع جنوب السودان فقد وقعت الحكومة الانتقالية بالسودان الأسبوع الماضي مع الحركات المسلحة في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، على "إعلان جوبا" الممهد للسلام الشامل.
كما زار رئيس الوزراء عبدالله حمدوك جنوب السودان وأجرى مباحثات مع الرئيس سلفا كير ميارديت حول العلاقات مع البلدين ومعالجة القضايا العالقة بين الطرفين منذ الانفصال في 2011.
وقال شوقي عبدالعظيم: "إن هناك ترتيبات وضعت لزيارة عبدالله حمدوك للأمم المتحدة، حيث ينتظر أن يجري لقاءات مع عدد من المسؤولين بينهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للنقاش حول رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب".
وأضاف عبدالعظيم أن "أمريكا ستدعم تحقيق السلام في السودان تمهيدا لرفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب".
aXA6IDMuMjEuMTU5LjIyMyA= جزيرة ام اند امز