ذهب السودان في أتون حرب أوكرانيا.. هل هو "حيلة غربية" لعقوبة جديدة؟
الذهب السوداني المهرب بدائرة الضوء
في وقت تزعم فيه "ديلي تليجراف" بناء روسيا لاحتياطيات من ذهب السودان المهرب، منتجو الذهب بالسودان يظهرون للعالم يدًا واحدة مع الحكومة.
تقرير "تليجراف" البريطانية أعاد ملف تهريب الذهب السوداني إلى دائرة الضوء بعد أن خفت عقب سقوط الرئيس المعزول عمر البشير، القضية التي لطالما ظلت محل اهتمام السودانيين، لكونها أضرت باقتصاد البلاد وعملت على تبديد أهم الموارد الطبيعية للدولة.
وتباينت آراء خبراء تحدثوا لـ"العين الإخبارية" بين مؤيد ورافض من الأساس لصحة مزاعم تهريب كميات كبيرة من الذهب السوداني إلى روسيا عبر شركاتها العاملة في البلاد، ولكنهم اتفقوا على استفحال ظاهرة التهريب للمعدن الأصفر.
ولم يستبعد بعض الخبراء أن يكون نشر تقرير الصحيفة البريطانية في هذا التوقيت محاولة لاستغلال ظاهرة تهريب الذهب السوداني لمحاولة الترويج لعقوبات جديدة ضد الشركات الروسية، خاصة وأن أغلب شركات التعدين التي تعمل في السودان هي شركات روسية.
ويشير الخبراء إلى أن السودان يفقد بين 70 – 75 طناً من الذهب المنتج سنويًا، لكنهم لا يجزمون أن جميع هذه الكميات تُهرب لروسيا.
وكان تقرير مشترك أعدته لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا وفريق الاتحاد الإفريقي، في سبتمبر/أيلول 2021، كشف فقدان السودان قرابة 267 طنًا من الذهب خلال 7 سنوات (من 2013- 2018) عن طريق التهريب، بمعدل 80 كيلوجرامًا يوميًا.
غياب أدلة "تورط روسيا".. ونفي رسمي قاطع
وتنفي وزارة المعادن السودانية، بشكل قاطع تهمة تورط روسيا في تهريب الذهب من البلاد، وذلك بحسب تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية.
عضو القطاع الاقتصادي بتحالف الحرية والتغيير، عادل خلف الله، قال "هناك غموض في حجم الإنتاج الفعلي للذهب بالسودان وتضارب في الإحصاءات التي تصدرها الجهات الرسمية، مع ذلك تُظهر هذه الأرقام أن عمليات التهريب كبيرة للغاية".
فيما يرى الخبير الاقتصادي أحمد خليل في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن الذهب السوداني المهرب لا يبني احتياطات لبلد كبير كهذا، فموسكو تنتج 300 طن من الذهب سنويًا، مما يشير الى أن تقرير "ديلي تلغراف" شابه نوعًا من التضخيم".
وعلى نفس مسار الرأي السابق الداحض لفرضية تقرير الصحيفة البريطانية، يقول الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الناير؛ إن الإحصاءات المقدرة للذهب المنتج بالسودان تؤكد فرضية تعرض هذا المورد لعمليات تهريب واسعة ولكن لا أحد يستطيع اتهام بلد بعينه بالتورط في هذه المسألة، فالدولة وبآلياتها هي الأكثر قدرة على معرفة المهربيين الفعليين.
ويقدر الإنتاج الفعلي من الذهب في السودان، وفق الناير الذي تحدث لـ"العين الإخبارية" بـ100 طن في السنة، ولا يدخل منه خزينة الدولة سوى 25 - 30 طن.
ويشير الخبير إلى أن بين 75 - 80% من الذهب السوداني يتم إنتاجه بواسطة القطاع التقليدي غير المنظم "التعدين الأهلي" الذي يعمل فيه نحو ملوني شخص، مما يصعب السيطرة عليه ويتعرض للتهريب.
ونبه إلى أن السودان يتأرجح تصنيفه بين المركز الثاني والثالث كأعلى بلدان القارة السمراء إنتاجاً للذهب، بعد جنوب أفريقيا وغانا، وهو يكتسب أهمية كبيرة ربما تجله هدفا استثماريًا.
الذهب للبنك المركزي السوداني
فيما تعهد منتجو الذهب في السودان، يوم الخميس 10 مارس 2022، بتوريد إنتاجهم من المعدن النفيس إلى البنك المركزي في البلاد.
جاء ذلك خلال لقاء منتجي الذهب بالفريق أول محمد حمدان دقلو، نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، بحضور وزير المال والتخطيط الاقتصادي جبريل إبراهيم ، حسبما ذكرت "وكالة أنباء السودان".
وأوضحت الوكالة أن توريد منتجي الذهب لجميع إنتاجهم من المعدن الأصفر إلى خزانة بنك السودان المركزي سيبدأ اعتبارا من الغد الجمعة.
من جانبه، وصف طارق صالح علي، عضو لجنة التعدين، لقاء دقلو بالناجح والمثمر، حيث توصل المجتمعون إلى تفاهمات لمعالجة جميع المشكلات التي تواجه عملية إنتاج الذهب.
وأضاف عضو لجنة التعدين أن هناك أخبارا سارة كبيرة ستأتي خلال الأيام المقبلة، ستنعكس إيجاباً على سعر صرف الجنيه السوداني أمام العملات الأجنبية.
وشدد على أن تجار الذهب التزموا لنائب رئيس مجلس السيادة، بتوريد إنتاج الذهب للبنك المركزي لتكون أرصدة تسهم في حل الأزمة الاقتصادية في البلاد.
واختتم صالح علي كلامه، قائلا: "لقد خرجنا راضين عما دار في اللقاء، خاصة وأن النقاش كان شفافاً تناول القضايا كافة بموضوعية ووطنية عالية".
aXA6IDE4LjExNy4xMDMuMTg1IA==
جزيرة ام اند امز