أسبوع السودان.. حراك دولي مكثف وتعثر مفاوضات السلام
العاصمة الخرطوم شهدت نشاطا دوليا لافتا، بعد أن وصلها مسؤولون من الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية.
أحداث عديدة ألقت بظلالها على المشهد السياسي في السودان، خلال الأسبوع الماضي، تصدرها الحراك الكثيف لمسؤولين دوليين، وتعثر مفاوضات السلام الجارية في العاصمة جوبا بين الحكومة والحركات المسلحة.
كما أن حالة التباين التي سادت الشارع السوداني إزاء دعوات المظاهرة التي أطلقها تجمع المهنيين حظيت باهتمام كبير، وأثارت قلقاً على وحدة قوى الثورة السودانية.
وفي خضم ذلك، مضت السلطات السودانية في عملية اجتثاث الإخوان من مؤسسات الدولة؛ حيث جرى طرد العشرات من التلفزيون القومي وهيئة التصنيع الحربي التي تمت إعادة هيكلتها، وهي خطوات أثارت ارتياح الشارع العام.
وشملت إعادة هيكلة منظومة الدفاعات الصناعية إنهاء خدمة ٢٥ شخصاً بينهم جنرالات ومهندسون وإداريون كانوا يشغلون مناصب مديري إدارات مختلفة بالتصنيع الحربي.
وبحسب مصادر "العين الإخبارية"، فإن الهيكلة الجديدة تتضمن طرد نحو ألفي عنصر إخواني من منظومة الصناعات الدفاعية من جملة ٤ آلاف يعملون بالمنظومة.
أما هيئة الإذاعة والتلفزيون فقد شهدت إعفاء ١٦ عنصراً إخوانياً من مناصبهم كمديري إدارات وتعيين آخرين داعمين لعملية الانتقال السياسي.
وكالعادة، يقابل الشارع السوداني الإجراءات الحكومية الخاصة باجتثاث الإخوان بترحاب وسعادة غامرة، إذ إن تطهير مؤسسات الدولة من فلول الحركة الإسلامية السياسية واحد من أهم مطالبه الثورية.
ويرى المحلل السياسي شوقي عبدالعظيم أن إنهاء سيطرة تنظيم الإخوان على مفاصل الدولة يمثل أحد أهم مطالب نجاح الفترة الانتقالية وإكمال التحول الديمقراطي في البلاد.
وقال عبدالعظيم لـ"العين الإخبارية" إن عملية اجتثاث الإخوان تمضي ببطء لا يتناسب مع المطالب الثورية، لكن الجهود التي تمت حتى الآن تظل محل تقديرنا.
ونبه إلى أن تنظيم الإخوان الإرهابي عندما اعتلى السلطة بانقلاب عسكري عام ١٩٨٩، قام بفصل كل العناصر غير الموالية له خلال أشهر قليلة، وتحكم في مفاصل الدولة، لذلك يجب التعامل معه بالمثل.
نشاط دولي
وشهدت العاصمة الخرطوم خلال الأسبوع المنقضي نشاطاً دولياً لافتاً، بعد أن وصلها مسؤولون من الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية.
ووصل إلى الخرطوم في بحر الأسبوع المنصرم، مدير برنامج الأمم المتحدة أخيم سنايدر، وأجرى لقاءات مع رئيس الوزراء عبدالله حمدوك ووزيرة الخارجية أسماء محمد عبدالله، كما زار مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غربي السودان.
وتعهد سنايدر بدعم الأمم المتحدة للحكومة الانتقالية في السودان، لإكمال عملية التغيير وتحقيق السلام والانتعاش الاقتصادي.
كما زار السودان، الأسبوع الماضي، وفد من الكونجرس الأمريكي ومساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأفريقية تيبور ناجي؛ حيث أجرى الوفدان مباحثات مع كبار المسؤولين السودانيين تناولت العلاقات الثنائية بين البلدين ومسألة إزالة اسم الخرطوم من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وحط وفد رفيع من منظمة التجارة العالمية رحاله في الخرطوم، لإجراء مباحثات حول ضم السودان لهذه المنظمة، الأمر الذي اعتبره كثيرون اختراقاً غير مسبوق، حيث فشلت كل مساعي نظام الإخوان تجاهه.
وقال المحلل السياسي عبداللطيف محمد سعيد إن هذه الزيارات عكست حرص المجتمع الدولي على نجاح عملية الانتقال السياسي في السودان وإعادة الخرطوم للبيت العالمي، بعد أن عاش سنوات من العزلة الدولية.
وقال سعيد لـ"العين الإخبارية": "السند الدولي مطلوب لنجاح الحكومة الانتقالية، فهذه الزيارة تبعث الطمأنينة؛ خاصة أنها حملت تعهدات جديدة في هذا الخصوص".
السلام يتعثر
ورغم توقيع اتفاق إطاري بين الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال، قيادة مالك عقار، إلا أن حالة التعثر بدت بائنة على مفاوضات السلام السودانية التي تحتضنها العاصمة جوبا.
وفي منتصف الأسبوع الماضي، أعلنت وساطة جنوب السودان تعليق المفاوضات بين الحكومة وتحالف الجبهة الثورية الذي يضم ٥ مسارات تمثل إقليم السودان المختلفة، إلى الرابع من فبراير/شباط، وذلك لمزيد من المشاورات.
أما المفاوضات بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية قيادة عبدالعزيز الحلو، فلم تحدث أي تقدم بحسب مصادر "العين الإخبارية".
وتعثر التفاوض مع الحلو بسبب طرحه خياري علمانية الدولة السودانية، أو تقرير المصير لمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق؛ حيث ترى الحكومة أن الفيصل في طبيعة الحكم يجب أن يتم عبر مؤتمر دستوري.
ورغم زيارة رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك إلى "كاودا" معقل الحركة الشعبية قيادة الحلو، التي ظلت معزولة نحو ٩ سنوات، وما أحدثته من تقارب، فإن المعضلة لا تزال قائمة.
ويعول السودانيون على توقيع اتفاق سلام شامل ينهي عقوداً من الحروب الداخلية، ويشكل ذلك أحد المطالب الرئيسية لثورة ديسمبر التي أسقطت حكم الإخوان بقيادة المعزول عمر البشير.
إلى جانب أنه مطلب شعبي، فإن الدوائر السياسية تريد التوصل إلى سلام من أجل استكمال هياكل السلطة الانتقالية بتشكيل المجلس التشريعي وتعيين حكام مدنيين للولايات، التي تم إرجاؤهما بموجب اتفاق مع الحركات المسلحة.
ووقّعت الأطراف السودانية في ١٤ أكتوبر/تشرين الأول الماضي على وثيقة "إعلان جوبا" لقضايا ما قبل التفاوض، شملت وقف إطلاق النار والقضايا الإنسانية والتعويضات، لكن بموجب هذا التمديد تسعى الأطراف إلى الوصول لسلام ينهي هذا الصراع.
aXA6IDE4LjExOS4xMjEuMjM0IA==
جزيرة ام اند امز