عضو "شركاء الحكم" بالسودان يكشف لـ"العين الإخبارية" دور تركيا في "الثورة المضادة"
فتح عضو مجلس شركاء الفترة الانتقالية في السودان، جمال إدريس، الباب أمام لعب الاتحاد الأفريقي دور الوسيط لإنهاء التوتر مع إثيوبيا:
وقال إدريس في حوار مع "العين الإخبارية" إن السودان يرغب في حل مشكلة الحدود مع إثيوبيا بالسبل السياسية، ولا يريد الدخول في حرب معها مطلقاً.
وأكد المسؤول السوداني عدم وجود نزاع أصلاً؛ فالحدود محسومة بموجب اتفاقية 1902 المبرمة بين المستعمر البريطاني للسودان وإثيوبيا، داعيا الأخيرة للجلوس على مائدة المفاوضات لوضع العلامات الحدودية بشكل نهائي والاتفاق لاحقاً على قوات مشتركة لتأمين المنطقة.
وانتقد إدريس إيواء تركيا العشرات من قادة نظام الإخوان المعزول الذين يمارسون أنشطة معادية للثورة، مطالبا الحكومة السودانية باستدعاء السفير التركي بالخرطوم والاعتراض رسمياً على هذا الأمر.
وتحدث إدريس، وهو قيادي بتحالف الحرية والتغيير "تجمع سياسي سوداني"، وعضو بمجلس شركاء الفترة الانتقالية الذي تشكل مؤخراً برئاسة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، خلال الحوار عن مشاورات تشكيل المجلس التشريعي وتعيين حكام الولايات ومصير المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، ولجنة تفكيك الإخوان وغيرها من القضايا.
إلى نص الحوار..
* كيف ينظر "مجلس الشركاء" إلى التوتر الحدودي مع إثيوبيا؟
ننظر لما يحدث مع إثيوبيا في سياق الموقف العام لبلادنا؛ فالجيش السوداني انتشر على أراضيه وهذا حقه، وحدودنا مع إثيوبيا هي الأكثر وضوحاً على مستوى العالم ومحسومة بموجب اتفاقية عام 1902 الموقعة بين المستعمر البريطاني في السودان والملك الأثيوبي دونيك وقتها.
وليس هناك أي خلاف قانوني حول الحدود الشرقية، لكن نتيجة لظروف تاريخية وطبيعة في هذه المنطقة الشاسعة، توغل مزارعون أثيوبيون فيها واستغلوها.
وبالعودة للوراء، كان هناك نزاع تاريخي يمتد إلى "منطقة" بني شنقول التي كانت أراضي سودانية وتنازل عنها المستعمر لإثيوبيا؛ فالأرض التي يقام عليها سد النهضة سودانية وفق النزاع القديم.
ونحن نرغب في معالجة هذا التوتر "الأخير" بالطرق السياسية والحوار، ولا نريد الدخول في حرب مع الجارة إثيوبيا على الاطلاق، والمطلوب منها الآن الجلوس لوضع العلامات الحدودية والاتفاق عليها بصورة نهائية، ومن ثم النظر إلى تأسيس قوات مشتركة لحراسة وتأمين الحدود بين البلدين.
وفي السودان، لدينا الحق الكامل في هذه الأراضي وهناك إجماع حكومة وشعبا حول انتشار القوات المسلحة على الحدود وحمايتها، فهذا واجبها الدستوري والسيادي. وبذات القدر، نريد استمرار علاقاتنا الأخوية مع الجارة إثيوبيا وشعبها الشقيق.
* أين وصلت مبادرة جنوب السودان لاحتواء هذا التوتر؟
في اعتقادي أن هذه المبادرة لم تذهب بعيدا، لأن المطلوب في أي وسيط أن يكون له آلية ضغط على الطرفين المتنازعين لحملهما على الاتفاق.
ومع إحترامي لدولة جنوب السودان وتقديري لجهودها، فهي لا تملك هذه المقومات.
إضافة لذلك، فإن هذا النزاع كبير والطرفان متمترسان حول مواقفهما والسودان لديه حق لن يتنازل عنه، فلا أتوقع لمبادرة جوبا أن تذهب للأمام، مما يجعلنا بحاجة لمساعي وسيط أقوى كالاتحاد الأفريقي وجهات إقليمية ودولية أخرى.
* هذا يعني أنكم تعولون على دور دولي لحل الخلاف مع إثيوبيا؟
مطلقا، نحن لا نعول على أي تدخل دولي، لكن كنا ننتظر دور من الاتحاد الأفريقي. ففي إطار مسعانا للحفاظ على سيادتنا الوطنية، نرغب أن تحل مشاكلنا على المستوى الإقليمي.
ونحن حريصون على عدم حدوث تدخل دولي، ولكن نرحب به إن كان حميدا في إطار حقوق الشعب السوداني المعروفة، غير أننا نفضل حل المشكلة بواسطة الاتحاد الأفريقي.
* كيف تمضي خطوات تسليم البشير والمطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية؟
لم يتم نقاش مسألة تسليم الرئيس المعزول عمر البشير وبقية المطلوبين لمحكمة الجنايات الدولية، داخل مجلس شركاء الفترة الانتقالية حتى الآن.
لكن الغالبية في السودان، خاصة قوى الحرية والتغيير وأطراف اتفاق السلام، يجمعون على تسليم كل من أجرموا في حق الشعب السوداني وارتكبوا جرائم ومطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية.
* ما تفسيرك لبطء محاكمة رموز الإخوان وما تبعه من تململ في الشارع؟
من الطبيعي أن يستاء الشارع السوداني إزاء بطء محاكمة رموز النظام المعزول المتهمين بارتكاب جرائم مختلفة؛ فهذا الأمر أحد أهم مطالب ثور ديسمبر المجيدة.
وفي تقديري، ليس هناك مبررات منطقية لتأخر محاكمة ومحاسبة عناصر نظام الإخوان بعد قرابة العامين من عزلهم؛ فالنائب العام يتعلل بكثرة القضايا والملفات ووجود دولة الحركة الإسلامية العميقة التي قال إنها تعيق العمل.
ويجب دعم النيابة بكوادر بشرية، فهناك طلب لتعيين 500 وكيل نيابة ينبغي الإسراع فيه حتى يتسنى محاكمة رموز الإخوان تحقيقا لأهداف وشعارات ثورة ديسمبر المجيدة.
* إلى أي مدى تحظى لجنة تفكيك الإخوان بدعم مجلس الشركاء؟
لجنة تفكيك الإخوان تمثل رمزا لثورة ديسمبر المجيدة، وهي المؤسسة الوحيدة التي تكاد تكون تعمل في هدف رئيسي وهو إزالة تمكين النظام البائد، فبعد أن وصلت للعمق الإخواني حاول الفلول اغتيالها معنويا وتشويه صورة أعضائها.
ولكن نحن في الحرية والتغيير على وجه التحديد ندعم هذه اللجنة لأنها تنفذ أهداف أساسية من الثورة السودانية.
ويدعم مجلس الشركاء اللجنة بشكل كبير جدا أيضا، والدليل على ذلك اللقاء الأخير الذي تم بين أعضاء لجنة التفكيك ورئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وهو بنفسه صرح بأنهم يدعمون اللجنة في أداء دورها الوطني.
* كيف تنظر إلى إيواء تركيا قيادات النظام المعزول؟ ألا يمثل ذلك طعنة لخطوات الانتقال في السودان؟
المعلوم أن تركيا تلعب دور القاعدة للتنظيم العالمي للإخوان حاليا، وتريد لعب دور الامبراطورية العثمانية القديمة.
وإذا لعبت تركيا دور لأن تصير منصة لانطلاق أعمال تضر بالشعب السوداني، يجب أن تتخذ الدولة السودانية موقفا ضد هذا التوجه من خلال استدعاء السفير التركي بالخرطوم، وتوضح له اعتراض الحكومة والشعب، لأن فلول الإخوان الموجودين في تركيا يقومون بأعمال عدائية ضد الثورة والشعب السوداني.
وبالتالي لابد أن تقوم الحكومة السودانية بخطوات مع الحكومة التركية، وتخييرها بين أن تملك علاقات محترمة وتحترم مصالح الشعب السوداني أو يتخذ السودان إجراءات ضدها.
* هل سنشهد تشكيل المجلس التشريعي السوداني في 25 فبراير كما أعلن من قبل؟
بالطبع لا، ومن المتوقع أن يتم إعلان المجلس التشريعي في منتصف مارس المقبل بسبب الإجراءات الطويلة في اختيار ممثلي الكتلة المختلفة والولايات الإقليمية.
وكانت مصفوفة استكمال هياكل المرحلة الانتقالية متفائلة عند إجازتها بواسطة مجلس الشركاء، لكن هذا التقدير مبني على معطيات محددة، ونظرا لحدوث متغيرات، ربما نشهد المجلس التشريعي منتصف مارس القادم.
* كيف تمضي خطوات تشكيل المجلس التشريعي من واقع تسمية المكونات لمرشحيها؟
تواصل قوى الحرية والتغيير ترشيحاتها حاليا بالمركز والولايات لاختيار ممثليها في المجلس التشريعي، وكذلك أطراف عملية السلام التي تستحوذ على 75 مقعدا.
كما أن هناك 60 مقعدا ستوزع على الأطراف غير المنضوية في تحالف الحرية والتغيير يجري التشاور حولها، وستكون من نصيب الفنانين، والرياضيين، والمعاقين، وأرباب المعاشات، وأسر الشهداء.
* يتردد أن رئاسة البرلمان ستكون من نصيب الجبهة الثورية، ما حقيقة ذلك؟
لم يتم النقاش بخصوص هذه المسألة، لكن عرفا وتقليدا في برلمانات العالم تكون الرئاسة من نصيب الكتلة الكبيرة أو الغالبية.
وإذا بدأنا حواراً مع رفاقنا في الجبهة الثورية، فهذه هي حجتنا لأنها تملك 75 مقعدا، مقابل 180 مقعدا للحرية والتغيير. وسيكون للجبهة منصب نائب رئيس المجلس التشريعي، وستوزع اللجان البرلمانية بنفس النسبة، كما هي في السلطة التنفيذية.
* أين وصلت خطوات تعيين الولاة الجدد بعد تجاوز الموعد المحدد لذلك مسبقا؟
ينطق هذا الأمر على ما حدث مع تكوين المجلس التشريعي، ومن المتوقع إعلان الولاة الجدد في الأسبوع الثالث من شهر مارس المقبل.
وتم النقاش حول الولايات التي ستكون من نصيب أطراف اتفاق السلام، إذ تم منحهم 4 ولايات هي : شمال وغرب دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان. بجانب ولاية أخرى بدارفور سيتقلدها أهل المصلحة من النازحين واللاجئين.
وأيضا تم تصنيف ولايات على أساس الهشاشة الأمنية وهي، ولايتي كسلا وغرب دارفور ووضعت معايير محددة لولاة هاتين الولايتين، كعدم الانتماء لأي من أطراف الصراع هناك، والكفاءة والولاء للثورة وعدم وجود أي صلة بالنظام السابق.
ونتوقع إعلان الولاة والمجلس التشريعي بشكل متقارب، فلن يحدث تغيير كبير في الحكم الولائي، ولن يتم استبدال كل الولاة وسيشمل التغيير 4 أو 5 ولاة فقط.