السودان.. نقص كبير بالوقود وطوابير السيارات تتكدس أمام المحطات
أنحاء متفرقة من السودان بينها العاصمة الخرطوم تشهد أزمة حادة في المحروقات لأكثر من أسبوع.
تشهد أنحاء متفرقة من السودان بينها العاصمة الخرطوم أزمة حادة في المحروقات لأكثر من أسبوع، ويضطر أصحاب المركبات للاصطفاف ساعات أمام محطات التزود بالوقود؛ نتيجة نقص كبير في مادتي البنزين والديزل.
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور شوهدت فيها طوابير طويلة مماثلة من المركبات في مدن سودانية أخرى.
في الوقت ذاته، نفى مسؤولون سودانيون أي نقص في الإمدادات، وشددوا على أن الموزعين تسلموا الكميات المخصصة لهم، لكن مديري محطات الوقود يقولون إنهم يتسلمون كمية أقل من حاجتهم اليومية.
وتسببت أزمة الوقود في تعطيل المواصلات العامة بالعاصمة الخرطوم وإلحاق خسائر كبيرة بالسائقين، فيما ألقت بظلال سلبية على القطاع الزراعي في ولايتي القضارف والجزيرة، حيث توقفت آليات حصاد القمح حسب ما نقل مزارعون لـ"العين الإخبارية".
وحررت الحكومة في موازنة العام المالي 2018م المحروقات والقمح وسمحت للقطاع الخاص باستيرادهما قبل أن تتراجع وتتدخل مجددا لاستيراد السلعتين؛ خوفا من الندرة.
وعزا خبراء اقتصاديون أزمة الوقود إلى الإجراءات التي اتخذها بنك السودان المركزي والخاصة بتقييد عمليات الاستيراد واشتراط حصول المستوردين على النقد الأجنبي من المصارف دون السوق الموازية.
وفي هذا السياق أفاد بيان صدر عن وزارة النفط السودانية يوم الثلاثاء بأنه "لا يوجد نقص في الوقود، وفي الحقيقة نحن نزود تجار الجملة ضعف الكمية المعتادة"، مضيفا أن 4 سفن محملة بالوقود فرغت حمولتها في ميناء "بورت سودان" واثنتين تنتظران للتفريغ.
لكن أصحاب محطات تموين الوقود، أكدوا تقليص الحصص اليومية إلى النصف.
وقال عوض الجيد على -عامل بإحدى محطات الخدمة بالخرطوم لـ"العين الإخبارية": "تصلنا كميات قليلة جدا من البنزين والديزل ونقوم بتوزيعها على جزء من السيارات المصطفة في طوابير ممتدة أمام المحطة والبقية تنتظر".
وتوقفت مصفاة الخرطوم للبترول لأغراض الصيانة منذ نحو شهر وهو المصفاة الرئيسي الذي يعتمد عليه السودان في تكرير الإنتاج النفطي المحلي الذي يصل إلى 80 ألف برميل في اليوم.
وبدأ اليوم الجمعة انفراج نسبي للأزمة، بحصول طالبي الوقود في زمن أقل، ولكن لا تزال محطات الخدمة تشهد ظاهرة الطوابير.
وأبدى بشارة محمد يوسف -سائق مركبة نقل عام بالعاصمة الخرطوم بالغ استيائه من نقص الوقود ومعاناته في الحصول عليه.
وقال لـ"العين الإخبارية": "نقضي ساعات طويلة أمام محطات الخدمة ونسهر الليل للحصول على بضعة جوالين الأمر الذي عطل عملنا بشكل كبير".
وأضاف: "نضطر للاصطفاف بشكل يومي أمام المحطات، ورغم ذلك لا نجد الكمية التي نطلبها؛ لأن الوقود ينفد لقلّته".
ونقل مزارعون بمنطقة المناقل في ولاية الجزيرة وسط السودان لـ"العين الإخبارية" أن عمليات حصاد القمح توقفت بصورة كاملة نتيجة لعمل الآليات بمادة الديزل.
وتعاني ولاية القضارف شرقي السودان أزمة حادة في الوقود أيضا، خاصة وأن نقص الجازولين عطل موسم الحصاد الزراعي، الأمر الذي ينذر بخسائر كبيرة تنتظر المزارعين وفقا لنواب برلمانيين.
وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة المغتربين، د. محمد الناير، إن تقييد عمليات الاستيراد من قبل البنك المركزي واشتراط الحصول على النقد الأجنبي من المصارف عطل انسياب الوقود.
واعتبر الناير في تعليق لـ"العين الإخبارية" أن طوابير الوقود لم تشهدها البلاد منذ 20 عاما وهي ظاهرة خطيرة تستوجب المعالجة السريعة من قبل الحكومة.
وأشار إلى أن السودان ينتج نحو 80 ألف برميل يوميا من الوقود، وتوجب على الحكومة زيادة الاستكشافات النفطية لزيادة الإنتاج لتفادي مظاهر الاصطفاف.
وشدد الخبير الاقتصادي على خطورة الطوابير، مؤكدا أنها تسهم بصورة كبيرة في زيادة معدلات الاستهلاك "لأن الذي يصل إلى المحطة يملأ كل ما لديه من مواعين".
بدوره، استعجل رئيس لجنة الطاقة في برلمان السودان، السماني الوسيلة، السلطات التنفيذية لإيجاد الحلول اللازمة لأزمة الوقود؛ بسبب تداعياتها السلبية على مجمل الأوضاع في البلاد".
وعزا الوسيلة في تصريح لـ"العين الإخبارية" الأزمة إلى زيادة معدل الاستهلاك اليومي بنسبة 30%، بجانب الإجراءات النقدية التي تبنتها الحكومة حيث تعطلت عملية انسياب الأموال للاستيراد.
وتأتي أزمة الوقود في السودان بعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية والكهرباء التي أدت إلى احتجاجات ضد الحكومة في يناير/كانون الثاني الماضي، وفي 2016 حدث نقص في الوقود في الخرطوم، لكن الأزمة الحالية تأتي مع استمرار الاقتصاد بالمعاناة من التضخم المتصاعد الذي وصل في يناير/كانون الثاني الماضي إلى 53%.