هجوم "الدلنج" بالسودان.. مخاوف من انتقال عدوى الخرطوم لأخواتها
بيان مفاجئ للجيش السوداني يتهم الحركة الشعبية بمهاجمة قواته في كردفان، وبيان نفي غير حاسم من الجهة المقابلة، وما خفي كان أكبر.
وأمس الأربعاء، تناثرت حمم بركان السودان المشتعل منذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، بعيدا عن بؤر التوتر في الخرطوم وأم درمان ودارفور، وطالت جنوب كردفان معقل توتر مكتوم منذ 2011.
إذ اتهم الجيش السوداني "الحركة الشعبية لتحرير السودان" بقيادة عبدالعزيز الحلو بشن هجوم على موقع لقواته في مدينة الدلنج بولاية كردفان، ما أدى لسقوط قتلى وجرحى في صفوفه، وهو ما نفته الحركة في تصريح صحفي لوسائل إعلام محلية.
بَيْد أن النفي لم يخف قتامة الوضع والسيناريوهات القادمة من منظور محللين سودانيين تحدثت معهم "العين الإخبارية"، وسط مخاوف من توسيع دائرة المعارك وجر البلاد إلى مربع النزعات الانفصالية.
سيناريوهات معقدة
بالنسبة للكاتب والمحلل السياسي أمير بابكر فإن الاشتباكات التي اندلعت بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" في 15 أبريل/نيسان الماضي، من المتوقع أن تتوسع في أجزاء واسعة من البلاد، خاصة في دارفور وجنوب كردفان.
وقال بابكر لـ"العين الإخبارية" إن قوات الحركة الشعبية-شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو، وحركة جيش تحرير السودان بقيادة عبدالواحد محمد نور، لم توقع اتفاق سلام مع الحكومة، على عكس بقية الحركات المسلحة التي وقعت اتفاقا للسلام في أكتوبر/تشرين الأول 2020 في جوبا.
وأشار إلى أن قوات الحلو تحاول انتهاز الفرصة الحالية، وانشغال الجيش السوداني بمعركته مع قوات الدعم السريع لتوسيع مناطق سيطرتها في ولاية جنوب كردفان لتكون في موقف أقوى وتعزيز موقفها التفاوضي في المستقبل.
هجوم مكثف على الأرض
ورغم نفي الحركة الشعبية لتحرير السودان مسؤوليتها عن هجوم الأمس، إلا أن مصدرا فيها كشف لـ"العين الإخبارية" أن قوات هاجمت 15 حامية عسكرية بولاية جنوب كردفان، منذ 15 أبريل/نيسان الماضي، نجحت في السيطرة على أغلبها.
وقال المصدر المنخرط في قوات الحركة، مفضلا عدم ذكر اسمه، إن قواتهم شنت هجوما على معسكري "العتمور" و"المشتركة" متوجهة نحو مدينة كادقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان، بعد قطع الطريق الرابط بين مدينتي الدلنج وكادقلي، والأبيض-كادقلي.
ووفق المصدر نفسه "تعيش ولاية كردفان حاليا في جزر معزولة مع صعوبة الحركة في أراضيها، لتواجد قوات الدعم السريع في الأجزاء الشمالية، والجيش الشعبي في الأجزاء الجنوبية".
وتقاتل الحركة الشعبية جناح عبدالعزيز الحلو، في منطقتي جنوب كردفان (جنوب) والنيل الأزرق (جنوب شرق) منذ 2011، حين انفصلت عن الحركة الشعبية الأم التي نجحت في انتزاع استقلال جنوب السودان.
وبعد انفصال جوبا ركز فرع الحركة الشعبية في الشمال على منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، لكن في عام 2017 انشقت الحركة الشمالية إلى حركتين واحدة، جناح عبدالعزيز الحلو، والثانية جناح مالك عقار.
وفي عام 2020 وقع السودان اتفاقية سلام مع العديد من الجماعات، بما في ذلك من منطقة دارفور الغربية، لكن حركة الحلو لم تنضم إلى الاتفاق.
وتطالب الحركة بإعطاء حق تقرير المصير لمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق كموقف تفاوضي لا يقبل التنازل. لكن السلطة الانتقالية في حينه رأت أنه ينبغي اتخاذ قرار حول هذه القضية في مؤتمر دستوري عام.
وخلال الأعوام الأربعة الأخيرة مددت حكومة الخرطوم والحركة الشعبية، قطاع الشمال، اتفاق وقف إطلاق النار بينهما في المناطق الخاضعة لسيطرة كل منهما.
جرس إنذار
وفي هذا الصدد، يقول الكاتب والمحلل السياسي محمد الأسباط إن الهجمات التي قادتها الحركة الشعبية في هذا الشهر سواء على معسكرات الجيش في جنوب مدينة كادقلي أو تلك التي تم الهجوم عليها بالأمس بمدينة الدلنج، "ستضعف الموقف الميداني للجيش".
مضيفا "كما ستؤثر تلك الهجمات على أداء الجيش، وستنقل الصراع بشكل مباشر إلى ولاية جنوب كردفان وهي منطقة كانت هادئة نسبيا طوال السنوات الأربعة الماضية نتيجة اتفاق وقف إطلاق النار بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية".
واعتبر الأسباط، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن "الهشاشة الأمنية في المنطقة وتداعيات القتال دفعت الحركة الشعبية إلى هذه المواجهات التي ستزيد رقعة الاشتباكات وتحولها من الخرطوم ودارفور، إلى جنوب كردفان".
وحذر المحلل السياسي من أنه "إذا لم تتوقف الاشتباكات ستمدد إلى مناطق أخرى في البلاد".
وترعى السعودية والولايات المتحدة منذ 6 مايو/أيار الماضي، محادثات بين الجيش وقوات الدعم السريع، أسفرت في الـ 11 من الشهر ذاته عن أول اتفاق في جدة بين الجانبين للالتزام بحماية المدنيين، وإعلان أكثر من هدنة لم تصمد كثيرا، وسط تبادل للاتهامات بين طرفي النزاع.
aXA6IDMuMTM1LjE4NC4xMzYg جزيرة ام اند امز