السودان يرسل وفدا تفاوضيا لمصر.. نهج جديد أم مناورة؟
بعد تخلفه عن حضور اجتماعات جنيف، قرر الجيش السوداني، إرسال وفد تفاوضي إلى القاهرة، فيما قد يحمل بادرة أمل لوقف الحرب.
وفي أعقاب مقاطعة محادثات سويسرا بدعوة من الإدارة الأمريكية، قرر رئيس مجلس السيادة السوداني، قائد الجيش، عبدالفتاح البرهان، إرسال وفد تفاوضي إلى القاهرة للتفاوض حول تنفيذ إعلان جدة، دون تحديد موعد لذلك.
وفي بيان، صدر الأحد، قال مجلس السيادة: "بناء على اتصال مع الحكومة الأمريكية ممثلة في المبعوث الأمريكي إلى السودان، توم بيرييلو، واتصال من الحكومة المصرية بطلب اجتماع مع وفد حكومي بالقاهرة لمناقشة رؤية الحكومة في إنفاذ اتفاق جدة، سترسل الحكومة وفدا إلى القاهرة لهذا الغرض".
وكان مجلس السيادة قد تخلف عن حضور اجتماعات في جنيف دعت لها الولايات المتحدة الأمريكية، بإشراف من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، إلى جانب سويسرا البلد المضيف ودولة الإمارات والسعودية ومصر.
موقف ضعيف
في هذا السياق، يقول الكاتب والمحلل السياسي، أمير بابكر، "من الواضح أن الموقف الحكومي ضعيف، لأن هناك تنازعاً بين الانخراط في التفاوض وعدم التفاوض أصلا إلى أن تنتهي الحرب بانتصار طرف على الآخر."
بابكر تابع في حديثه لـ"العين الإخبارية" قائلا إنه "في ظل هذا الضعف، تقدم الحكومة قدما وتؤخر الأخرى، فهي حسب طلبها تريد تنفيذ ما اٌتفق عليه في جدة، وترفض توسيع قاعدة المبادرة الأمريكية المنعقدة في سويسرا".
وأوضح أنه "معروف أن المبادرة الأمريكية السعودية، التي تقرر أن تنتقل إلى سويسرا بدلا عن جدة، قائمة على فكرة ما تم التوصل إليه في جدة والبحث في خطوات لتنفيذه".
وأضاف: "ذهبت الحكومة وقابلت الأمريكان في جدة قبل انطلاق المباحثات في سويسرا، وأمهلت 72 ساعة للانخراط فيها بعد انطلاقها، وجرت اتصالات بين وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، والبرهان، وكان يمكن أن يذهب الوفد مباشرة إلى سويسرا أو يطلب إعادة انعقاد المباحثات في جدة، ولكن طلب أن يكون اللقاء في القاهرة".
قبل أن يستطرد "هذا يعتبر تناقضا مع موقف الجيش من محادثات سويسرا، إذ فسر رفضه بوجود مراقبين، إذ كانت مصر من ضمن الدول المدعوة لحضور المباحثات ضمن أطراف أخرى."
بابكر عاد وقال "من ناحية ثانية، جوهر الأمر هو المهم في هذه المرحلة، وهو البحث في تنفيذ اتفاق جدة وآلياته، ووقف إطلاق النار وفتح الممرات الإنسانية، وليس مهما المكان الذي يمكن أن توقع فيه الاتفاقات والالتزامات".
موضحا "أعتقد أن الأمريكان فهموا طريقة التعامل مع الحكومة السودانية، ويحاولون عبر الموافقة على إجراء مباحثات في القاهرة، سد كل المنافذ والمبررات التي تساق من أجل الالتفاف على تنفيذ التزامات وقف إطلاق النار وتسهيل مرور الإغاثة."
وزاد، "العالم الآن وضع كل الكرات في ملعب الحكومة السودانية، وأمامها اتجاه واحد للتسديد؛ وهو البحث في خطوات وقف إطلاق النار وموضوع الإغاثة سواء كان ذلك في القاهرة أو جدة أو سويسرا."
غياب الإرادة
من جهته، يقول الكاتب والمحلل السياسي، محمد لطيف، "يبدو أن رئيس مجلس السيادة السوداني، قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، لم يستوعب الدرس، إذ لم يكن لديه الاستعداد أو الرغبة والإرادة في الوصول إلى السلام."
وأضاف لطيف في حديثه لـ"العين الإخبارية"، "توفر الإرادة يصنع المستحيل، ويزيل حواجز المدن والشروط المسبقة، للوصول إلى ما تبتغيه باختيار أقصر الطرق."
وتابع، "أقصر الطرق هو التفاوض المباشر، وبعد مسألة التبضع بين المبادرات أصبح الأمر حاليا التبضع بين العواصم من جدة إلى جنيف إلى القاهرة."
ومضى قائلا "المسألة هي غياب الإرادة والعزيمة، والحكومة لا زالت تتلكأ وتناور وتراوغ، لشراء الوقت دون تنفيذ خطة واضحة."
منهج مختلف
الكاتب والمحلل السياسي، محمد الأسباط، يقول بدوره، "يبدو أن ملف مفاوضات جنيف ما زال متعثرا بسبب رفض الجيش السوداني المشاركة فيه. صحيح أن هناك محاولات لتحقيق اختراقات هنا وهناك، وأبرز تلك المحاولات إرسال وفد من الحكومة السودانية إلى القاهرة للقاء الوساطة السعودية الأمريكية، لكن لا أعتقد أن هذه الاجتماعات ستحقق أي اختراق".
وأضاف الأسباط في حديثه لـ"العين الإخبارية"، "لذلك ما حدث بإرسال وفد إلى القاهرة لن يحسم أيا من عناصر أجندة المفاوضات، لأن اللقاء سيكون مع طرف واحد، لكن ربما تكون الوساطة قد صممت منهجا تفاوضيا يرتكز على نقاش الأجندة مع قوات الدعم السريع في جنيف، ونقاشها مع وفد الجيش السوداني في القاهرة ثم جمع ما تم الاتفاق عليه بين الطرفين والخروج بمسودة اتفاق نهائي وعرضها على الطرفين في مرحلة لاحقة."
وتابع، "لكن هذه الفكرة ربما تؤدي إلى إطالة أمد المفاوضات، وهذا ما لا ترغبه الوساطة السعودية الأمريكية".
ونهاية الشهر الماضي، أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن واشنطن تسعى لإنهاء النزاع، ودعا الجيش السوداني وقوات الدعم السريع للمشاركة في محادثات بشأن وقف إطلاق النار، بوساطة الولايات المتحدة.
بلينكن أوضح أن المحادثات "تهدف إلى تحقيق وقف العنف في جميع أنحاء البلاد، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى جميع من يحتاجون إليها، ووضع آلية مراقبة وتحقق فعالة من أجل ضمان تنفيذ أي اتفاق".
وتقول الأمم المتحدة، إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب، من أفقر بلدان العالم، يشهد "واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم".
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش وقوات "الدعم السريع" حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.
aXA6IDE4LjIyNi4yMDAuOTMg جزيرة ام اند امز