صحف السودان تحارب الإنترنت لمواجهة الكساد
صحفيون سودانيون يتحدثون لـ"بوابة العين" عن تفسيرهم لموقف الناشرين بمنع تداول محتوى صحفهم على وسائط التواصل الاجتماعي
في سابقة غريبة من نوعها، قرر ملاك الصحف السياسية بالسودان منع تداول محتوى صحفهم على وسائط التواصل الاجتماعي أو تناولها بالتحليل في القنوات والإذاعات خلال اليوم الذي تنشر فيه.
الخطوة التي أثارت دهشة الأوساط السودانية، يفسرها صحفيون تحدثوا لـ"بوابة العين" الإخبارية، بأنها دليل دامغ على فشل هؤلاء الناشرين في إنقاذ الصحافة الورقية التي تواجه شبح الانهيار بسبب عوامل عدة بينها، الوضع الاقتصادي والتنافس الإلكتروني المحموم.
وشدد إعلان تحذيري للناشرين أن الأوضاع الاقتصادية والزيادات غير المسبوقة التي طرأت على مدخلات صناعة الصحف من ورق وأحبار ورسوم، حتمت اتخاذ هذه التدابير، وكان أولها رفع سعر النسخة من 4 إلى 5 جنيهات، بغرض التمكن من الاستمرار في النشر.
وقضى الإعلان بمنع نشر الأخبار والمواد التحريرية بالمواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي سواء كانت تدار بأفراد أو مؤسسات في اليوم الذي تصدر فيه الصحيفة.
وسمح الناشرون للقنوات الفضائية والمحطات الإذاعية، بتقديم برامجها المتعلقة بأقوال الصحف وتحليلها بعد الساعة الخامسة مساء من يوم النشر، وحملوا أي جهة مخالفة مسؤولية أي خسائر مالية تترتب على النشر.
وانعكس الوضع الاقتصادي المتردي الذي تعيشه البلاد منذ انفصال الجنوب 2011م، بشكل سلبي على الصحافة الورقية حيث ظل توزيعها في تراجع مستمر عقب نزوح القراء إلى الفضاء الإلكتروني.
وأظهرت آخر إحصائية صادرة عن المجلس القومي للصحافة والمطبوعات السوداني (جهة حكومية) في أبريل 2017م عن تراجع توزيع الصحف بنسبة 21% عن العام السابق، وبلغت أعلى نسبة توزيع 69% حققتها 3 صحف تراوحت بين 24 و25 ألف نسخة في اليوم.
وعقب قرار الناشرين برفع سعر النسخة لـ5 جنيهات الأسبوع الماضي، ضربت حالة كساد مريعة الصحف الورقية بحسب موزعين. فيما تلاحظ وجود "زرم" الصحف متراصة في أماكن التوزيع عند نهاية كل يوم.
واعترف ناشر صحيفة "الأهرام اليوم" عبد الله دفع الله، بتراجع كبير في توزيع كافة الصحف السياسية منها والاجتماعية، مع ارتفاع مطرد في كلفة التشغيل حيث تجاوز طن الورق 24 ألف جنيه سوداني، أي حوالي 800 دولار.
ودافع دفع الله خلال تعليق لـ"بوابة العين" الإخبارية، بشدة عن قرار حظر تداول محتوى صحفهم على الإنترنت، "فهي واحدة من الأسباب الرئيسية التي أدت لتدني التوزيع".
وقال إنهم يملكون الحق القانوني في توقيف عمليات نشر المواد الصحفية على وسائط التواصل الاجتماعي والقنوات والمحطات الإذاعية، ويستطيعون ملاحقة كل من يخالف "الإعلان التحذيري"، وتساءل :"لماذا نخسر نحن الأموال في إنتاج المواد الصحفية ويتناولها الآخرون مجانا .. هذا أضر بنا كثيرا".
ووصف الصحفي بجريدة "الأخبار" السودانية، أحمد حمدان، خطوة الناشرين بغير المجدية، ولن تفلح بأي حال في إعادة الحياة للصحف التي تواجه حالة شبيهة بالموت التام.
وقال حمدان لـ"بوابة العين" الإخبارية: "هذه محاولة يائسة لإنقاذ الصحافة، وتعد دليلا دامغا على قلة حيلة الملاك في الارتقاء بالصحافة المنهارة وزيادة توزيعها المتراجع".
وشدد بأنه وفقا للقانون، فإن قرار الناشرين غير قانوني ولا يمكن تنفيذه، لافتا إلى أن الصحيفة بمجرد صدورها وشرائها تصبح ملكا للقارئ ولا يجوز حرمانه من تداولها عبر الإنترنت أو أي وسيلة أخرى، وقال: "الصحافة ليست كالمؤلفات الشعرية أو الأدبية التي يكون فيها حق الملكية الفكرية، بقدر ما تمثل أخبارا وأحداثا، والحق الوحيد لأصحابها أن تتم نسبة المواد المأخذوة إليها".