مناهل السودانية والملكة إليزابيث.. ذكريات من الطفولة للدبلوماسية
أكثر من 50 عاما مرت على زيارة الملكة إليزابيث للسودان، لكن لا يزال هناك من يتذكر جولتها في الأراضي التي كانت تخضع للحكم البريطاني.
ولعٌ سوداني حقيقي بالملكة ظهر عندما أسدلت وفاتها عن عمر يناهز 96 عاما الأسبوع الماضي، الستار على عهد استمر أكثر من 70 عاما.
وعلى طريقتهم الخاصة، استعاد السودانيون ذكرياتهم مع الملكة الأطول احتفاظا بالتاج البريطاني في التاريخ الحديث، وأعادوا نشر بعض الصور القديمة التي تحمل ذكريات زيارتها إلى بلدهم بعد أن مر عليها أكثر من نصف قرن.
فالملكة إليزابيث الثانية، زارت السودان عام 1965، وتداول العديد من مستخدمي الإنترنت صور الزيارة التي يظهر فيها الآلاف من السودانيين مصطفين على جنبات الطرق وهم يحملون بابتهاج لافتات كتب عليها "عاشت الملكة".
تتذكر بلقيس الركابي ، وهي من سكان الخرطوم، وهي الآن في السبعينيات من عمرها، تلك الزيارة بقولها "كنت طالبة ارتدي الزي الرسمي وتم إخراجنا من المدرسة لتحية الملكة".
وتروي ريكابي لوكالة فرانس برس، كيف تأثرت بفستان الملكة وحاولت اختراق الحشد المتصارع لتلمس القماش، إلا أن يد أحد جنود الحراسة حالت بينها وبين ذلك وأمسكت بها.
"ضربني أحد الحراس بشدة ، لكن الملكة رأت ذلك وصرخت: "لا ، لا ، لا، ومدت لي طرف فستانها لأراه"، تضيف ريكابي.
وأثناء إقامتها في العاصمة السودانية الخرطوم، في فبراير / شباط 1965 ، أقامت الملكة في فندق "جراند" الذي يعود إلى الحقبة الاستعمارية المطل على النيل.
ولا تزال صورة لها تتربع في بهو الفندق، إلى جانب صور لبريطانيين بارزين آخرين ، بما في ذلك رئيس الوزراء في زمن الحرب ونستون تشرشل.
وإلى جانب الخرطوم، شملت زيارة الملكة ولايات ود مدني وشمال كردفان والنيل الأزرق، وحظيت بترحيب واسع من السودانيين الذي هرعوا لرؤية ملكة "الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس".
كما يظهر في الصور وشرائط الفيديو التي أعادت نشرها وسائل الإعلام المحلية في السودان بمناسبة رحيل إليزابيث الثانية، صورة تتسلم فيها الملكة باقة زهور من فتاة صغيرة، وأخرى وهي تحيي المسؤولين في هذا البلد.
ذكرى طيبة
يقول عبد المنعم عبد المحمود الحسن ، مدير عام فندق "جراند": "يحتفظ الفندق بذكريات وصور وسجلات لأعظم الناس في العالم الذين زاروا البلاد في فترات مختلفة ، وأبرزها الملكة إليزابيث".
ومن الشخصيات الشهيرة التي استضافها الفندق الذي بني عام 1902، زعيم جنوب أفريقيا الراحل نيلسون مانديلا، ومالكولم إكس أحد أبرز المدافعين عن حقوق السود في الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من مرور أكثر من 50 عاما على هذه الزيارة، إلا أن الحسن يؤكد أن لها "صدى جيد" بين السودانيين.
امرأة عظيمة
خارج الخرطوم ، قامت الملكة آنذاك، بجولة في مشروع الجزيرة الزراعي في التربة الخصبة بين النيل الأزرق والنيل الأبيض ، والذي لا يزال أحد أكبر مشاريع الري في العالم.
وزارت مزارعين في ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، وسد الروصيرص على النيل الأزرق، الذي اكتمل بعد عام من زيارتها.
من بين الذين استقبلوا الملكة في ود مدني، كانت مناهل أبو كشوة، 73 عاما.
تعتبر مناهل أبو كشوة نفسها من المحظوظين، إذ أتيحت لها فرصة لقاء الملكة مرتين: الأولى في عام 1965 والثانية عام 2000.
عندما كانت تبلغ من العمر 16 عاما ، تقول أبو كشوة إنها كانت من بين 10 تلاميذ تم اختيارهم لمرافقة الملكة في مدرستهم.
مضيفة "كفتاة صغيرة اندهشت من أن الجميع يفعلون كل شيء من أجل الملكة، وكنتُ فرحة لاختياري".
بعد خمسة وثلاثين عاما، كُتب لمناهل أن تلتقي بالملكة مرة ثانية، عام 2000, بصفتها زوجة حسن عابدين سفير السودان في المملكة المتحدة، آنذاك.
تقول أبو كشوة: "أخبرتها أننا التقينا من قبل وضحكت.. لقد حزنت لنبأ وفاتها، كانت امرأة عظيمة".