العيد بالسودان.. فرحة انتصار يكسوها حزن على "شهداء" الثورة
هذا أول عيد يحل على السودانيين وهم في ظل حكومة تنفيذية يقودها مدنيون؛ المطلب الذي ظلت تردده حناجرهم في مثل هذا اليوم من العام الماضي.
بدا المشهد السوداني في أول أيام عيد الفطر، ممزوجا بين فرحة الانتصار على المعزول عمر البشير وحزن على شهداء ثورة ديسمبر التي وضعت حدا للنظام الإخواني بالبلاد.
ويعد هذا أول عيد يحل على السودانيين وهم في ظل حكومة تنفيذية يقودها مدنيون، المطلب الذي ظلت تردده حناجرهم في مثل هذا اليوم من العام الماضي، وسط أجواء ثورية وصمود ألهم العالم بأثره.
ووسط حالة الفرح التي يكسوها الحزن، وقف فيروس كورونا صدا أمام التعبير عن هذه المشاعر في الطرقات العامة كما جرت العادة في السودان، بينما ظلت حبيسة خلف جدران المنازل منحصرة بين أفراد العائلة، وبات منفذها الوحيد العالم الافتراضي المتمثل في وسائط التواصل الاجتماعي.
وفاء للشهداء
ونقلت وفاق التجاني وهي صحفية سودانية، جزءا من تراجيديا عيد استثنائي كما أسمته، تخيم على واقعهم داخل المنزل مع عائلتها لأول مرة، وذلك بفضل التدابير الخاصة لمحاصرة فيروس كورنا الجديد.
وقالت التجاني لـ"العين الإخبارية": "تبادلنا التهاني داخل منزلنا بالعيد كمناسبة دينية عظيمة، وفرحنا به لأننا لم نفقد أحدا من أفراد العائلة، ولكن في ذات الوقت انتابنا الحزن على شهداء الثورة، مشاطرة لأسرهم في هذا اليوم ووفاء لدمهم الذي لم يدخروه في سبيل الوطن".
وأضافت: "لقد حقق الشهداء حلم الملايين، وتغير واقع الحال في بلادنا وردت كرامتنا الإنسانية التي سلبت لـ3 عقود ماضية، ولولاء كورونا لكان هذا العيد مختلفا.. لقد رأينا ثمار الانتفاضة بأعيننا".
ورغم التزام البعض بالتحية والترحم على شهداء ثورة ديسمبر/كانون الأول من داخل منازلهم، آثر كثيرون الوقوف في أزقة الأحياء السكنية والطرقات وإشعال النيران في إطارات السيارات إحياء للذكرى الأولى لفض اعتصام الخرطوم والذي سقط على إثره مئات القتلى والجرحى، والتي صادفت يوم 29 رمضان وفق التقويم الهجري.
وظلت فعاليات إحياء ذكرى فض الإعتصام التي التزم المشاركون فيها بالتباعد الاجتماعي المطلوب كما أظهرت بعض الصور، مستمرة حتى صبيحة العيد، وفاء لمن سقطوا في مثل هذه الأيام المباركة.
ويقول إدريس عبدالله (28 عاما)، وهو أحد أعضاء لجان المقاومة الثورية: "كان لابد أن نشعل إطارات السيارات ونقيم الحواجز على الطرقات حتى نجسد واقع الحال في العام السابق، لإحياء أدب الثورة السودانية وفاءا لرفاقنا الذين استشهدوا في سبيل الوطن".
وأضاف: "نشعر بطعم النصر في هذا اليوم المبارك، ولكن لن تكتمل الفرحة حتى نستكمل مطالب ثورة ديسمبر المجيدة المتمثلة في الحرية والسلام والعدالة، ومحاسبة المتورطين في قتل إخواننا خلال الاحتجاجات.. ونتمسك بشعارنا، الدم قصادو الدم ما بنقبل الدية".
أما بالنسبة إلى حمد مفرح وهو موظف في جامعة البحر الأحمر، فإن الحزن على شهداء فض الاعتصام والخوف من عدم القصاص لهم، أكثر المشاهد التي تسيطر عليه في يوم العيد.
وذكر مفرح: "رغم مرور عام تكررت مشاهد الحزن في هذا اليوم، بل صاحبها خوف وشعور بمسؤولية ثقيلة تقع على عاتقنا لكن ثقتنا كبيرة في قوى الثورة الحية بأن يستكملوا شعارات الانتفاضة".
وكانت الفرحة مرتين، لقطاع العاملين بالخدمة العامة في السودان إذ حل عليهم العيد وبحوزتهم الرواتب المعدلة التي تم صرفها لهم بزيادات بلغت 5 أضعاف، وهو ما مكنهم من مقابلة احتياجات هذا العيد بأريحية.
وسارعت القيادة السودانية، ممثلة في مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، ورئيس الوزراء عبدالله حمدوك بالتأكيد على مبادئ الثورة والمضي قدما لتحقيق متطلباتها، وذلك خلال خطابين منفصلين للأمة السودانية بمناسبة عيد الفطر المبارك.
وقال البرهان في كلمته، إن التمسك بمبادئ الثورة فعلا وقولا يمثل الطريق السليم لعبور الفترة الإنتقالية نحو الديمقراطية وبناء دولة العدالة والمواطنة التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق، مؤكدا إلتزامهم بحماية مكتسبات الإنتفاضة.
فيما أكد حمدوك ضرورة أن تجد العدالة والمحاسبة طريقها لمركتبي جريمة فض اعتصام الخرطوم، متعهدا بالمضي قدما في تحقيق شعارات الثورة، تلك الأمور التي يتطلع لها السودانيون مع حلول هذا العيد المبارك.
وهذا أول عيد يمر على السودان وهو يشهد شراكة سياسية بين العسكريين والمدنيين تشكلت بموجب اتفاق جرى إبرامه في 17 أغسطس/آب من العام الماضي بوساطة قادها الاتحاد الأفريقي وإثيوبيا.
ويقود الحكومة التنفيذية مدنيون، ويتقاسمون مجلس السيادة "رأس الدولة" مع العسكريين ورئاسة دورية يتولى فترتها الأولى العسكريون لمدة 21 شهرا والثانية للمدنيين بـ18 شهرا، وفق الاتفاق.
aXA6IDMuMTMzLjEyOC4yMjcg جزيرة ام اند امز