لمنع انزلاق السودان نحو الفوضى.. كلمة السر "شركاء واشنطن"
لمنع انزلاق السودان نحو الفوضى، اعتبرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن هناك دورا كبيرا على شركاء واشنطن في الشرق الأوسط للمساعدة في ذلك.
المجلة أشارت إلى تغريدة كتبها وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن على "تويتر"، قال فيها: "ترحب الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ببداية محادثات ما قبل التفاوض بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في جدة".
ومع اندلاع العنف في منتصف أبريل/نيسان الماضي، أعرب بلينكن عن مخاوف واشنطن من أن صراع السلطة سيقوض "جهود استعادة الانتقال الديمقراطي في السودان".
ووفق المجلة الأمريكية فإن السعودية لديها أولويات ملحة، يأتي من بينها منع حرب أهلية سودانية وتحقيق الاستقلال في منطقة البحر الأحمر، بشكل أعم، لافتا إلى أنه من الحكمة بالنسبة لإدارة الرئيس جو بايدن دعم جهود الرياض لمنع جارها من الانزلاق في الفوضى.
لكن "الحقيقة المؤسفة"، بحسب التحليل، أنه لا يوجد دعاة سلام أو ديمقراطية في السودان، ومنذ الاستقلال في 1956، عانى السودان من الحروب الأهلية والحكم المطلق.
وينقسم البلد بين قائدين متنافسين: عبدالفتاح البرهان القائد العام للقوات المسلحة السودانية، ومحمد حمدان دقلو، المعروف باسم "حميدتي"، الجنرال القوي من غرب السودان وقائد قوات الدعم السريع.
وأشار التحليل إلى أن كلا الرجلين، ومثل معظم السودانيين، يتحدثون العربية، تماما كما الأطراف الخارجية – مصر، والسعودية، ودولة الإمارات – التي هي دول عربية، مؤكدة أهمية الأخذ في الاعتبار أن السياق السياسي الإقليمي – والتداعيات الناجمة عن مزيد من عدم الاستقرار تمتد بعيدا في الشرق الأوسط.
وفي كابيتول هيل، بحسب التحليل، يؤيد الرأي السائد فرض عقوبات على السودان على أمل إجباره على انتقال ديمقراطي. وعلى سبيل المثال، دعا السيناتور الأمريكي جيم ريش مؤخرا الإدارة إلى "فرض عقوبات على الجنرالين البرهان وحميدتي" و"تقليص نفوذ الجهات الخارجية التي تقدم المساعدة للمجلس العسكري".
لكن تشهد علاقات واشنطن مع مصر والسعودية والإمارات حالة توتر بالفعل، والتهديد بالعقوبات – كما يلمح بيان ريش – لن يؤدي سوى إلى مزيد من النفور لدى الحلفاء الذين هناك حاجة إليهم للتعامل مع الأزمة وخفض التوترات، بحسب المجلة الأمريكية.
وأشار ت إلى أن المخاطر جسيمة، وقد يتجه السودان لأن يصبح ليبيا أخرى – حرب أهلية لا نهاية على ما يبدو بين الفصائل التي تدعمها جهات خارجية.
وبحسب المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، فإن عدد النازحين جراء القتال تضاعف خلال أسبوع واحد إلى حوالي 700 ألف حتى 9 مايو/أيار.
ولفتت إلى أن بورتسودان تعتبر مركز 90% من تجارة السودان مع العالم، ووجهة العديد من الطرق البرية الإقليمية، ونقطة الهبوط لأحد أنظمة الكابلات البحرية الرئيسية في أفريقيا.
وبحسب المجلة الأمريكية فإن الحرب الأهلية لا تهدد بعرقلة الاقتصاد الإقليمي فحسب، بل وإعادة السودان إلى كونه ملاذا للإرهابيين. ومن هناك، يمكن للإرهابيين تقويض الجهود المبذولة حاليا لتحقيق الاستقرار بمنطقة الساحل.
كما يمكن، بحسب التحليل في "فورين بوليسي"، أن يهددوا مناطق أبعد؛ إذ أنه من الجدير بالذكر أن أسامة بن لادن، قبل طرده عام 1996، أمضى خمسة أعوام في السودان لتطوير المنظمة الإرهابية ذات الامتداد العالمي التي دبرت هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.
ورأى المجلة أن هناك مخاوف أمريكية من نفوذ روسي في السودان، مؤكدة أن الهدف الاستراتيجي الأساسي للولايات المتحدة يتمثل في تقليص حجم هذا الوجود، والقضاء عليه، إن أمكن، لافتة إلى أن هذه المهمة لن تكون بسيطة، لكن فريق بايدن لديه شركاء يمكنهم المساعدة.
وقال التحليل إنه إذا وضع بايدن المحادثات التي توسطت فيها السعودية بين البرهان وحميدتي في الإطار الاستراتيجي الصحيح، سيراها كوسيلة للمساعدة في تقريب شركاء الولايات المتحدة بالشرق الأوسط، بما في ذلك إسرائيل، من بعضهم البعض، موضحا أنه يمكن للمحادثات أن تكون أداة ليس فقط لتحقيق الاستقرار بمنطقة البحر الأحمر، لكن أيضا لحرمان روسيا والصين من ذلك.
وأشار التحليل بالمجلة الأمريكية إلى أن الطريقة الوحيدة لتعزيز مكانة واشنطن في البحر الأحمر هي من خلال العمل مباشرة مع الحلفاء الذين يمكنهم، في هذه الحالة، التفاوض على وقف إطلاق النار بين حميدتي والبرهان.
وهنا، بحسب التحليل، تكمن الفرصة الحقيقية، ممثلة في استعادة العلاقات مع الحلفاء العرب وتطوير الاتفاقيات الإبراهيمية إلى أداة استراتيجية في التنافس مع موسكو وبكين.
aXA6IDMuMTQ0LjEyMy4yNCA= جزيرة ام اند امز