السودان بعد 30 يوما من الصراع.. فقر على فقر
كان السودان غارقا قبل صراع أبريل/نيسان الأخير في فوضى اقتصادية. وبعد شهر من المواجهات بات البلد الفقير مهددا بالانهيار التام.
رقميا، أوقع الصراع في السودان أكثر من 750 قتيلا وآلاف الجرحى، إضافة إلى قرابة مليون نازح ولاجئ.
في جميع أنحاء السودان، أحد أفقر بلدان العالم، يعيش 45 مليون مواطن في الخوف ويعانون من أزمات غذائية تصل إلى حد الجوع.
- اقتصاد البرسيم.. ما خفي كان أعظم في صراع السودان
- في بلد ينهش الفقر المدقع ثلث سكانه.. نهب 17 ألف طن أغذية مساعدات بالسودان
والإثنين، أفاد شاهد عيان في العاصمة لوكالة فرانس برس بتعرض منطقة "شرق النيل في شرق الخرطوم لقصف جوي"، فيما أكد آخر في جنوب العاصمة يبلغ من العمر 37 عاما بأن "قصف الطيران وضرب المضادات له يجري منذ الثامنة والنصف صباحا .. لم يتغير شيء منذ بداية النزاع".
الأوضاع في السودان
وأضاف "الأوضاع تتجه إلى الأسوأ رغم الحديث عن الهدنة، لكن عنف الطرفين ومخاوف الناس تتزايد كل يوم".
وقبل الصراع كان ثلث من سكان البلاد يعتمدون على المساعدة الغذائية الدولية، واليوم أصبحوا محرومين منها، فمخازن المنظمات الانسانية نهبت كما علقت الكثير من هذه المنظمات عملها بعد مقتل 18 من موظفيها.
ارتفاع حاد في الأسعار
وأصبحت السيولة نادرة. فالبنوك، التي تعرض بعضها للنهب، لم تفتح أبوابها منذ الخامس عشر من أبريل/نيسان، فيما سجلت الأسعار ارتفاعا حادا وصل إلى أربعة أضعاف بالنسبة للمواد الغذائية و20 ضعفا بالنسبة للوقود.
ويعيش سكان الخرطوم الخمسة ملايين مختبئين في منازلهم في انتظار وقف لإطلاق نار لم يتحقق حتى الآن، فيما تستمر الغارات الجوية والمعارك بالأسلحة الثقيلة ونيران المدفعية التي لا تطول حتى المستشفيات والمنازل.
في جدة بالسعودية، يجري الطرفان محادثات حول وقف إطلاق نار "إنساني" للسماح للمدنيين بالخروج وإتاحة المجال لدخول المساعدات.
لكنهما لم يتفقا حتى الآن سوى على قواعد إنسانية بشأن إجلاء المدنيين من مناطق القتال وتوفير ممرات آمنة لنقل المساعدات.
هجرة وانحسار التصنيع
وكل يوم، يدخل آلاف اللاجئين الى مصر وتشاد وإثيوبيا وجنوب السودان وهي الدول الحدودية مع السودان، ما يثير قلق القاهرة التي تعيش أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها، فيما تخشى الدول الأخرى أن تنتقل عدوى الحرب الى حركات التمرد فيها.
لم يعد هناك في الخرطوم لا مطار ولا أجانب بعدما تم إجلاؤهم جميعا على عجل في الأيام الأولى للقتال، ولا مراكز تجارية إذ تعرضت كلها للنهب.
كذلك، أغلقت الإدارات الحكومية "حتى إشعار آخر" ولم يتحدث الجنرالان إلا لتبادل الاتهامات عبر وسائل الإعلام.
وانتقلت بقية إدارات الدولة الى بورتسودان، على بعد 850 كيلومتر شرقا على ساحل البحر الأحمر.
هناك، يسعى فريق مصغر من الأمم المتحدة للتفاوض على مرور المساعدات الإنسانية، ويعقد بعض الوزراء وكبار المسؤولين مؤتمرات صحافية يومية يحرصون فيها على توجيه رسائل طمأنة.
ويؤكد فرجي لوكالة فرانس برس أنه "مع تدمير معامل للصناعات الغذائية أو مصانع صغيرة، تسببت هذه الحرب بانحسار التصنيع جزئيا في السودان".
ويضيف "هذا يعني أن السودان سيصبح مستقبلا أكثر فقرا ولفترة طويلة".
الخسائر الاقتصادية للصراع في السودان
بعد شهر من الصراع لا توجد بيانات رسمية بحجم الخسائر في السودان، إلا أن غير أن تقديرات غير رسمية تشير إلى خسائر بالمليارات، ستفاقم من معدلات التضخم القياسية وسعر الصرف المجنون ونسب الفقر المدقع.
كذلك أدى الانفلات الأمني إلى تدمير ونهب العشرات من الأسواق ومصانع الأغذية والأدوية في العاصمة الخرطوم مما يفاقم مشاكل الإمداد الغذائي في البلاد.
القطاع المصرفي ليس ببعيد عن الدمار الذي خلفه الصراع في السودان، إذ تضرر وتم احراق عدة مصارف بينها حريق جزئي ببنك السودان المركزي، وتعطل الخدمات لأسابيع.
كما توقفت العديد من مصادر التجارة الخارجية مثل عائدات الخدمات الجوية والتجارية التي كان يقدمها مطار الخرطوم الدولي الذي خرج من الخدمة منذ اليوم الأول من الصراع.
توقف أيضا حركة الصادرات والواردات مما يؤثر على مخزون سلاسل الإمداد ويفقد البلاد موارد مهمة من عائدات الذهب، والصمغ العربي، والحبوب، والماشية.
أزمة تصنيف لبلد فقير
وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني قالت في تقرير لها بعد أحداث السودان، إن تحول الصراع إلى حرب أهلية طويلة الأمد في البلاد سيؤدي لتدمير البنية التحتية الاجتماعية والمادية وسيكون له عواقب اقتصادية دائمة.
وأوضحت الوكالة، أن ذلك "يؤثر على جودة أصول البنوك الإقليمية التي تمول السودان، إلى جانب ارتفاع نسبة القروض المتعثرة، وتأثر معدلات السيولة في بنوك البلاد".
مساعدات دولية
الوضع المتردي في السودان دفع العديد من الدول والمنظمات إلى تقديم المساعدة، على خلفية تحذير برنامج الأغذية العالمي من أن 40% من سكان السودان سيعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد حال استمرار العنف، وأعلنت السعودية، تقديم مساعدات إلى السودان بقيمة 100 مليون دولار.
كذلك أعلنت دولة الإمارات تسيير جسر جوي من 6 طائرات محملة بمئات الأطنان من المساعدات الغذائية والطبية، وتعهدت بتقديم 50 مليون دولار كمساعدات إنسانية طارئة للسودان، وفق وكالة أنباء الإمارات (وام).
فيما أعلنت الكويت تسيير جسر جوي من 6 طائرات تحمل عشرات الأطنان من المواد الطبية والإغاثية، كما أعلنت جمعية الهلال الأحمر الكويتي أنها "قامت بتوزيع مواد غذائية وطبية على الأسر في العاصمة السودانية الخرطوم والتي تأثرت بالأوضاع الراهنة هناك".
كما أعلنت بريطانيا تقديمها مساعدات إنسانية بقيمة 5 ملايين جنيه إسترليني لتلبية الاحتياجات العاجلة للفارين من العنف في السودان، على أن تقدم للواصلين من السودان إلى جنوب السودان وتشاد.
aXA6IDE4LjE4OC41OS4xMjQg
جزيرة ام اند امز