في أسبوعها الرابع.. اشتباكات السودان تحاصر الفقراء
معاناة إنسانية يعيشها السودانيون مع تواصل الاشتباكات التي تشهدها بلادهم للأسبوع الرابع على التوالي.
ومنذ 15 أبريل/نيسان الماضي تدور اشتباكات بين قوات الجيش بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه الفريق محمد حمدان دقلو "حميدتي".
اتهامات بالمسؤولية عن اندلاع الاشتباكات، فيما لا يمكن تأكيد مزاعم كل طرف بالسيطرة على مناطق أو مركز قيادة.
الاشتباكات أدت إلى إغلاق للشوارع، وتوقفت عمليات الإمداد للأسواق بالسلع المختلفة، جراء إغلاق المصانع والشركات الكبرى أبوابها، وانعدام وسائل النقل بسبب عدم وجود ممرات آمنة تربط أنحاء العاصمة الخرطوم.
الموقف الميداني
واليوم الأحد، تجددت الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم، ومدينة بحري (شمال) رغم الهدنة المعلنة من الطرفين للأغراض الإنسانية.
وقال شهود عيان لـ"العين الإخبارية" إن الطائرات الحربية حلقت وسمع دوي انفجار قوي وأصوات أسلحة ثقيلة في منطقة بحري شمالي العاصمة الخرطوم.
وبحسب المصدر ذاته فقد تصاعدت أعمدة الدخان من وسط الخرطوم بكثافة بسبب الاشتباكات المتواصلة في محيط القصر الرئاسي والقيادة العامة للجيش في وسط الخرطوم.
وطبقا للشهود، سمع أيضا دوي انفجارات واشتباكات مسلحة في مقر سلاح الإشارة التابع للجيش السوداني بمدينة بحري (شمال).
الأوضاع الاقتصادية
وفي ظل استمرار الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع، يخشى الكثيرون من كارثة اقتصادية ومعيشية مع تعطل عجلة الإنتاج وخروج المصانع من الخدمة، وتوقف الاستيراد، واضطرار معظم الأسواق والمتاجر إلى الإغلاق الكامل.
وقال نبيل إسماعيل، تاجر بسوق مدينة بحري، إن معظم المتاجر أغلقت أبوابها بسبب اندلاع الحرائق واستمرار حالات النهب والسرقة.
وأضاف إسماعيل لـ"العين الإخبارية" أن "حركة الأسواق توقفت تماما جراء توقف المصانع وتعطل حركة استيراد البضائع الواردة عبر ميناء بورتسودان شرقي السودان إلى أسواق العاصمة الخرطوم".
ظروف معيشية صعبة
الأغلبية من سكان العاصمة الخرطوم ويقدر تعدادهم بحوالي 10-12 مليون نسمة فقراء ويكسبون عيشهم يوما بعد يوم، الآن هؤلاء محتجزون كرهائن في منازلهم المحاطة بالحروب.
ورصدت "العين الإخبارية" ظهور أسواق في الأحياء، جراء اضطرار المواطنين لعرض مقتنيات منازلهم من أثاث وأدوات كهربائية للبيع لتوفير الأموال لشراء المستلزمات المعيشية اليومية بسبب تأخر صرف الرواتب الشهرية وتوقف حركة العمل اليومية.
وقال المواطن السوداني عماد عبدالله "اضطررت لبيع أثاث المنزلي لتوفير المال لشراء الاحتياجات اليومية للأسرة، في ظل استمرار الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع".
وأضاف عبدالله لـ"العين الإخبارية" أن "الوضع المعيشي معقد للغاية، وكل مدخراتي المالية انتهت مع عدم وجود دخل يومي في ظل الأسواق المغلقة والشوارع المزدحمة بالجنود المدججين بالأسلحة".
وتوقع الخبير الاقتصادي السوداني مصعب أحمد ارتفاع أسعار السلع الغذائية في الفترة المقبلة حال استمرار المواجهات العسكرية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وقال أحمد لـ"العين الإخبارية" يجب الالتزام بالهدنة الإنسانية وصولا إلى الوقف الشامل لإطلاق النار لتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين.
سياسات اقتصادية
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2020، طبق السودان سياسة رفع الدعم عن المحروقات التي ساهمت في ارتفاع أسعار السلع بصورة كبيرة.
وأعقب ذلك، صدور قرار بتوحيد سعر صرف العملة المحلية (الجنيه) أمام الدولار والنقد الأجنبي في فبراير/شباط 2021، في محاولة للقضاء على الاختلالات الاقتصادية والنقدية.
وعلى الرغم من امتلاك البلاد موارد اقتصادية، إلا أن الفشل في استغلالها عبر الحكومات المتعاقبة جعل نسب الفقر تتفشى وسط السكان، الذين يعانون من أزمات اقتصادية مستمرة.
وتتضارب الإحصائيات الحكومية والدولية حول نسبة الفقر في السودان، فبينما تقول تقارير الأمم المتحدة إن 46.5% من سكان السودان يعيشون دون خط الفقر، و 52.4% منهم في فقر متعدد، تقول دراسة حكومية أجريت عام 2017 إن الفقر تراجع إلى 36.1%.
وما تزال نسب التضخم في البلاد عند مستويات ضمن الأعلى على مستوى العالم، بسبب مشاكل مركبة، مرتبطة بتراجع سعر الجنيه السوداني إلى متوسط 570 جنيها من 375 جنيها عند تعويم العملة في مارس/آذار 2021.
كما تشهد البلاد تذبذب وفرة النقد الأجنبي، ما يرفع كلفة الاستيراد وتحميل المستهلك النهائي فروقات أسعار الصرف، عدا عن ارتفاع الأسعار عالميا خاصة الوقود والغذاء.
الأوضاع الصحية
الاشتباكات في العاصمة الخرطوم خلفت أيضا أوضاعا كارثية بالنسبة للمستشفيات الحكومة والخاصة في العاصمة الخرطوم والولايات الأخرى.
وطبقا لنقابة أطباء السودان، فإن 68% من المستشفيات المتاخمة لمناطق الاشتباكات متوقفة عن الخدمة.
وذكرت النقابة في بيان لها أنه "من أصل 88 مستشفى أساسية في العاصمة والولايات توقفت 60 مستشفى عن الخدمة بينما تعمل 28 مستشفى تعمل بشكل كامل أو جزئي (بعضها يقدم خدمة إسعافات أولية فقط) وهي مهددة بالإغلاق أيضا نتيجة لنقص الكوادر الطبية والإمدادات الطبية والتيار المائي والكهربائي.
وقالت نادرة جعفر، مديرة مركز صحي بمدينة بحري، "المستشفى على وشك الإغلاق جراء غياب الأطباء والكوادر الصحية، وانعدام الأدوية".
وأشارت جعفر في حديثها لـ"العين الإخبارية" إلى أن الوضع الصحي في البلاد كارثي، والمرضى لا يتلقون العلاج بسبب انعدام الأدوية في الصيدليات داخل المستشفى أو في الأسواق.
مبادرات اجتماعية
وعبر مبادرات فردية وجماعية، يقوم السودانيون بمساعدة المحتاجين والفقراء لتجاوز الأيام الصعبة إثر الاشتباكات الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وتساهم هذه المبادرات في إعانة الأسر الفقيرة، بمساهمات تتنوع طبيعتها بين العيني والمادي لتوفير الاحتياجات الأساسية من السلع الغذائية.
وقالت عضو مبادرة "كلنا أمل" عواطف محجوب إن المبادرة نشأت بعد بدء الاشتباكات في 15 أبريل/نيسان الماضي لمساعدة الفقراء والمحتاجين.
وأضافت لـ"العين الإخبارية" أنه "نجمع المستلزمات الغذائية العينية وتوزيعها على المحتاجين لتجاوز أيام الشدة".
وتابعت قائلة: "نأمل أن تتوقف الاشتباكات وتعود الحياة إلى طبيعتها.. فالأوضاع الاقتصادية في البلاد هشة، والناس ربما تصل قريبا إلى مرحلة المجاعة".
aXA6IDMuMTI4LjIwMC4xNjUg جزيرة ام اند امز