خطاب بورتسودان في نيويورك.. وصفة قديمة لـ«التنصل من التزامات البرهان»
لا جديد يذكر لكن القديم يُعاد. هكذا كان خطاب رئيس حكومة بورتسودان كامل إدريس أمام مجلس الأمن الإثنين.
الخطاب الذي ألقاه إدريس أمس في جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي سبقه ترويج إعلامي لـ"مبادرة جديدة للسلام" سيطرحها في نيويورك.
لكن الآمال خابت بعد كلمته التي لم تتضمن سوى "إعادة تدوير" لوصفات قديمة طالما طرحها الجيش السوداني، وفقا لمراقبين.
إدريس عرض وقف إطلاق النار بين الجيش والدعم السريع، لكنه وضع شروطا في سبيل ذلك رأى مراقبون أنها "غير قابلة للتحقيق".
تلك الشروط أبرزها "انسحاب قوات الدعم السريع من المناطق التي تسيطر عليها، نزع سلاح قوات الدعم السريع، وإعادة دمج المقاتلين السابقين وتأهيلهم".
لا مبادرة
وقال الخبير السياسي السوداني عثمان ميرغني لـ"العين الإخبارية": "في الحقيقة ليست هناك مبادرة. هذا تكرار لما قدمته الحكومة السودانية في مرات سابقة للأمم المتحدة، وأضيف إليه بعض ما يُثار في خطابات قادة الجيش".
وأضاف: "لا يوجد ما يمكن أن يسمى مبادرة، كما أن المجتمع الدولي ممثلا في الرباعية (الولايات المتحدة والإمارات ومصر والسعودية) طروح بالفعل مبادرة ناقشتها السعودية ومصر مع (قائد الجيش عبدالفتاح) البرهان وتم الاتفاق على بدء إجراءات فيها".
ورأى ميرغني أن "خطاب إدريس في نيويورك محاولة للتهرب مع التعامل مع المبادرة التي التزم بها البرهان باختلاق ما يسمى مبادرة جديدة من جانب الحكومة".
وتابع: "الخطاب الحكومي العام يحاول أن يحتوي بأن طرح إدريس يحتوي في داخله على مبادرة الرباعية وهذا ليس صحيحا. خطاب إدريس محاولة للهروب من مبادرة الرباعية الدولية".
وقال: "لو أردنا الدقة فإن خطاب السودان في مجلس الأمن محاولة من البرهان للتنصل من التزاماته باختلاق ما يُسمى مبادرة وإسنادها إلى رئيس الوزراء الذي يعلب دورا بالوكالة وليس بالأصالة من أجل رفع الضغط الدولي والإقليمي عن البرهان".
أقرب إلى الخيال
من جهتها، قالت الخبيرة المصرية في الشؤون السودانية أسماء الحسيني لـ"العين الإخبارية" إن "الحكومة السودانية تقول إنها مستعدة لوقف إطلاق نار مقابل انسحاب الدعم السريع من المناطق التي سيطر عليها، وهذا أمر تعتبره قوات الدعم السريع أقرب للخيال".
وأضافت "الدعم السريع لن ينسحب من المناطق التي سيطر عليها، ومن ثم فإن الأمل معلق على ضغط المجتمع الدولي من أجل فرض الهدنة التي دعت إليها الولايات المتحدة".
ورأت الحسيني في تلك الهدنة "فرصة للشعب السوداني الذي يعاني أشد المعاناة لالتقاط أنفاسه"، لكنها أكدت ضرورة أن تكون ضمن إطار سياسي شامل لوقف الحرب "كي لا تؤسس لواقع جديد يتم فيه إرساء الانقسام بين مناطق السودان".
وأضافت "على المجتمع الدولي أن يضغط بشدة على الأطراف للقبول بهدنة بدون قيد أو شرط، على أن تخضع لمراقبة حقيقية وإعلان الطرف الذي ينتهكها".
لكن الحسيني أكدت أن هناك أطرافا تعمل على إفشال الهدنة "لأنها لن تكون موجودة في مستقبل السودان. الإسلامويون يشعرون بالخطر وسيعملون من أجل عرقلة الهدنة وعدم القبول بها لأن الرباعية نفسها عزلتهم عن مستقبل الحكم في السودان".
وتابعت "الحرب ثبت أنها عبثية ومدمرة ولا منتصر فيها. على المجتمع الدولي والإقليمي رفض أي شروط لوقف القتال وفرضه بدون قيد أو شرط".
وتساءلت "الجيش السوداني لم يستطع هزيمة الدعم السريع، فمن سيجبرهم على الانسحاب من المناطق التي سيطروا عليها؟ تلك الشروط ستعقد مساعي الحل".
وأشارت إلى أن "المجتمع الدولي يلوح بعقوبات ليس على طرف واحد بل على الطرفين. هناك اتهامات للجيش بارتكاب انتهاكات في ولاية الجزيرة فضلا عن موضوع الأسلحة الكيماوية. الضغوط على طرفي الصراع، ولا داعي لإضاعة مزيد من الوقت في مبادرات تتضمن شروطا لا يمكن تحقيقها".
سخرية
وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الراكوبة نيوز" السودانية إن النشطاء السودانيين على منصات التواصل الاجتماعي سخروا من خطاب إدريس في مجلس الأمن ووجهوا إليها انتقادات واسعة، واعتبر كثيرون أنها تكرر لمطالب غير قابلة للتنفيذ.
وقال مستخدمون إن المبادرة لا تراعي الواقع الميداني، وتفتقر إلى أي جديد يمكن أن يغيّر مسار الصراع.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA==
جزيرة ام اند امز