ملف الدعم السريع بالسودان يتعثر على صخرة الخلافات.. آمال التوافق تتبخر
خلافات حول بعض القضايا العالقة، عصفت بموعد توقيع الاتفاق النهائي بين القوى السياسية والجيش والدعم السريع في السودان.
فقبل ساعات من موعده، أعلن المتحدث الرسمي باسم العملية السياسية بالسودان خالد عمر يوسف، في بيان، أن توقيع اتفاق سياسي نهائي كان مقررًا اليوم السبت بين القوى السياسية والجيش والدعم السريع، تأجل بسبب عدم وجود "توافق حول بعض القضايا العالقة".
جاء القرار، عقب اجتماع للقوى المدنية المشاركة في العملية السياسية بشأن الجداول الزمنية للاتفاق الإطاري، انتهى فجر السبت، بعد تفاقم حدة الخلافات حول ملف "دمج قوات الدعم السريع" وجدوله الزمني.
وكشف يوسف عن اجتماع مرتقب بين القوى المدنية والعسكرية الموقعة على الاتفاق الإطاري، ظهر اليوم السبت، بالقصر الرئاسي، برعاية الآلية الثلاثية (الأمم المتحدة، الاتحاد الإفريقي، إيقاد)؛ لتحديد موعد جديد للتوقيع على الاتفاق النهائي، مشددًا على انخراط جميع الأطراف في مناقشات، وصفها بالجادة، لتجاوز العقبات الأخيرة، وصولاً إلى السلطة المدنية الكاملة.
فيما قال عضو المكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير رئيس الحزب الاتحادي الموحد محمد عصمت، في تصريحات صحفية، إن حدوث خلافات بين اللجان الفنية حول دمج قوات الدعم السريع أمر طبيعي، مؤكداً حرصهم على أن تتم عملية الدمج هذه للوصول إلى جيش قومي واحد.
وكان من المقرر توقيع اتفاق نهائي يؤدي إلى حكومة مدنية الشهر الماضي وبدء انتقال جديد نحو الانتخابات اليوم السبت، إلا أن الخلافات ظهرت الأسبوع المنصرم حول الجدول الزمني لدمج قوات الدعم السريع في الجيش، وهي خطوة تمت الدعوة إليها في الاتفاق الإطاري الذي تم توقيعه في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ونص الاتفاق الإطاري على تأجيل النظر في بعض القضايا الحساسة، من بينها الإصلاح الأمني والعدالة الانتقالية، وإجراء المزيد من المناقشات حولها.
ما أسباب الأزمة؟
قالت مصادر سياسية وعسكرية إن المحادثات في السودان التي تستهدف التوصل إلى اتفاق نهائي لتعيين حكومة مدنية، وبدء انتقال جديد نحو الانتخابات وصلت إلى طريق مسدود بشأن القضية الشائكة المتمثلة في إعادة هيكلة الجيش.
ودمج قوات الدعم السريع ووضع الجيش تحت سلطة مدنية كانا من المطالب الأساسية للاحتجاجات التي أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير منذ أربع سنوات، فيما يعتبر محللون أن إصلاح قطاع الأمن حاسم في فرص السودان في التحول إلى الديمقراطية.
واستهدفت المحادثات التي عقدت في الخرطوم الأسبوع الماضي تقديم إرشادات حول كيفية وموعد دمج قوات الدعم السريع، لكنها اختتمت يوم الأربعاء دون إصدار توصيات.
وقال مصدران سياسيان ومصدر عسكري، إن مندوبي الجيش والشرطة والمخابرات انسحبوا من المحادثات احتجاجا على عدم وجود أي جدول زمني للاندماج. وأظهرت صور الجلسة الختامية للمؤتمر مقاعدهم شاغرة.
وقالت المصادر إنه بينما يفضل الجيش جدولا زمنيا مدته عامان للاندماج، اقترح وسطاء دوليون خمس سنوات بينما اقترحت قوات الدعم السريع عشر سنوات.
ورغم ذلك، فإن القوتين (الجيش وقوات الدعم السريع) قالتا في تصريحات بثت يوم الخميس إنهما ملتزمتان بالمحادثات وتنتظران نتائج لجنة فنية تناقش تفاصيل الاندماج.
وكان من المقرر التوقيع على إعلان دستوري أكثر رسمية في السادس من أبريل/نيسان، مع حكومة مدنية من المقرر تسميتها في 11 أبريل/نيسان، إلا أن تأجيل اتفاق السبت، قد يرجئ تلك الخطط، بحسب مراقبين.
حكومات ديكتاتورية
وكان رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، دعا خلال كلمة ألقاها في افتتاح المناقشات حول الإصلاح الأمني والعسكري والتي نص عليها الاتفاق الإطاري الذي وقعه العسكريون مع المدنيين في ديسمبر /كانون الأول الماضي، إلى التوقف عن مساندة الحكومات الديكتاتورية كما سبق أن فعلت خلال العقود الأخيرة.
وضع الاتفاق مبادئ توجيهية لعملية انتقالية يقودها المدنيون، لكنه لم يتضمّن أي جداول زمنية، ما دفع منتقديه إلى وصفه بأنه "غامض".
وقال البرهان يوم الأحد: "قواتكم المسلحة مرت بتجارب مختلفة في تاريخها وفي عدة مرات ساندت حكومات ديكتاتورية ونريد لهذا الأمر أن يتوقف".
ويقول محلّلون إن إصلاحات قطاع الأمن، وخصوصا دمج قوات الدعم السريع في الجيش، هي نقطة الخلاف الرئيسية بين البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي" والذي يقود هذه القوات شبه العسكرية التي تشكلت في العام 2013 للقضاء على التمرّد في دارفور.
لكن الرجلين حضرا الأحد افتتاح تلك المناقشات مع دعوتهما إلى إتمام عملية الدمج، وقال دقلو إن "الإصلاح الأمني والعسكري مهمة ليست سهلة ونسير نحو إقامة جيش موحد (..) قبلنا الإصلاح الأمني والعسكري برضا ووعي بضرورة وجود جيش مهني موحد".
وفيما قال دقلو إن قوات الدعم السريع لن تتخلى عن "خيار التحول الديمقراطي"، أكد البرهان سعيه إلى "بناء جيش مهني بعيدا عن السياسة".
aXA6IDMuMTMzLjEwOS4yNTEg
جزيرة ام اند امز