التصعيد العسكري يقتحم سماء السودان.. ادعاءات واتهامات متبادلة
وسط فشل الجهود الدبلوماسية في إيجاد مخرج حتى الآن للأزمة السودانية، بات التصعيد اللغة السائدة في ثالث أكبر بلد أفريقي من حيث عدد السكان.
فبعد أن علقت الولايات المتحدة الأمريكية الأسبوع الماضي جهود الوساطة التي كانت تقوم بها مع الرياض، والتي كانت ترمي لتوفير ممرّات آمنة للمساعدات الإنسانية، شهد البلد الأفريقي تصعيدا متبادلا من طرفي الأزمة، اللذين لم يبديا استعدادا لتقديم أيّ تنازل رغم إدراكهما أنّ الحرب ستطول ويمكن أن تمتدّ خارج حدود السودان.
فما آخر تطورات الأوضاع الميدانية؟
هزّت طلعات الطيران الحربي ودويّ الأسلحة الرشّاشة المنازل مجدّداً في الخرطوم، حيث ينزوي المدنيون داخل منازلهم خوفاً من القصف، بحسب شهود عيان.
وزعم الجيش السوداني في بيان صادر عن مكتب المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة، أن قوات الدعم السريع شنت يوم السبت ثلاث محاولات للهجوم على قوات الاحتياطي المركزي بجنوب الخرطوم.
إلا أنه قال إن قواته تمكنت من دحر تلك المحاولات، مما كبد قوات الدعم السريع "خسائر كبيرة تضمنت تدمير عدد من العربات وقتلى وجرحى"، على حد قول البيان.
وأكد الجيش السوداني أن قواته في أم درمان أجرت عمليات تمشيط وصفها بـ"الناجحة"، بالإضافة إلى عمليات نوعية ببعض المناطق.
وفيما اعترف بتوجيه عدد من الضربات في عدة مناطق، بينها العاصمة السودانية الخرطوم وغرب أم درمان وشمال بحري، أشار إلى أن قواته ترصد "بدقة كافة تحركات ونوايا العدو مع كامل الجاهزية للتعامل الحاسم معها".
ماذا قالت قوات الدعم السريع؟
في بيان صادر عن المتحدث الرسمي باسم قوات الدعم السريع، اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، زعمت قوات الدعم السريع أنها أسقطت، مساء السبت، طائرتين من طراز (سوخوي 24 - ميغ) تتبعان الجيش السوداني.
وادعت قوات الدعم السريع التي نشرت مقطع فيديو يظهر أدخنة تتصاعد، أن حطام الطائرة الأولى تناثر في منطقة الصناعات بأم درمان، فيما سقط حطام الثانية في منطقة الكيلو 40 بالقرب من طريق شريان الشمال.
وزعمت قوات الدعم السريع أن إسقاط الطائرتين يعد الحادث الثالث من نوعه في ثلاثة أيام، "وسط انهيار تام لقوات الفلول المحاصرة في مناطق محدودة بالخرطوم، في ظل انقطاع إمدادات الغذاء والأسلحة والذخائر".
وفي بيان ثان، ادعت قوات الدعم السريع أن أحياء شمبات تعرضت، يوم السبت، إلى "عمليات قصف عشوائي كثيف بالمدافع الثقيلة من قيادة سلاح المهندسين بأم درمان" التابع للجيش السوداني، مما تسبب في "تدمير منازل وممتلكات خاصة".
كما ادعت قصف سلاح الطيران التابع للجيش السوداني عدداً من الأحياء السكنية (الأزهري، عد حسين، والسلمة) جنوب الخرطوم مما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات من المدنيين.
وضع كارثي
وتواصلت السبت معاناة ملايين المدنيين في الخرطوم وإقليم دارفور من جرّاء الأزمة المحتدمة بين الجيش وقوات الدعم السريع.
ووفق الأمم المتحدة، غادر مليون ونصف المليون سوداني العاصمة منذ اندلاع الأزمة في 15 أبريل/نيسان بين الجيش بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو.
أما ملايين السودانيين الآخرون الذين بقوا في العاصمة فيعيشون بلا كهرباء منذ الخميس، بحسب ما أكّد عدد منهم لوكالة "فرانس برس".
ومنذ أكثر من شهرين يعيش سكان الخرطوم بلا كهرباء ولا ماء لفترات طويلة، إذ إنّ التغذية بالتيار الكهربائي وكذلك بمياه الشرب لا تصلهم سوى بضع ساعات أسبوعيا فقط في ظل ارتفاع درجة الحرارة في هذا الوقت من العام.
وفي نيالا بجنوب دارفور، يقول سكان إنّهم يعيشون وسط المعارك، فيما قال طبيب في مستشفى المدينة طالباً عدم نشر اسمه إنّ "مدنيين يُقتلون وجرحى يصلون إلى المستشفى".
في الخرطوم، كما في دارفور، صار ثلثا المستشفيات خارج الخدمة، والمنشآت الطبية التي لا تزال تعمل تعاني من نقص حادّ في مخزون الأدوية ومن انقطاع الكهرباء لفترات طويلة بسبب نقص الوقود اللازم لتشغيل المولّدات.
ويواصل العاملون في مجال الإغاثة الإنسانية الذين يطالبون منذ أبريل/نيسان الماضي بتمكينهم من الوصول للمدنيين، الشكوى من العقبات الإدارية.
ومن دون مساعدتهم لا يستطيع نصف سكان السودان البقاء على قيد الحياة، وفق الأمم المتحدة، ومع ذلك فإن الممرات الآمنة اللازمة لم تتوفّر بعد وكذلك تأشيرات الدخول اللازمة لدخول أجانب لمساعدة العاملين المحليّين المنهكين.
مخاوف
ويقول مركز "مجموعة الأزمات الدولية" للأبحاث إنّ "الجيش لا يريد أن تصل المساعدات إلى الخرطوم لأنّه يخشى من أن تستولي عليها قوات الدعم السريع"، كما حدث أكثر من مرة خلال عمليات النهب منذ بداية الأزمة، لأنّه يعتقد أنّ ذلك "سيتيح لهذه القوات الصمود لفترة أطول".
وأكدت مجموعة الأزمات الدولية أنّ الجيش يطالب بمغادرة قوات الدعم السريع للمناطق الآهلة بالسكان وقوات الدعم السريع تطالب بوقف القصف الجوي من قبل الجيش، محذّرة من أنّ هذه الأزمة قد تؤدّي إلى "انهيار كامل" في واحد من أكبر بلدان أفريقيا.
aXA6IDE4LjExNy4xNDUuNjcg جزيرة ام اند امز