قطع الرؤوس بالسودان.. وحشية الحرب تسير على خطى داعش
مشاهد قطع الرؤوس بالسودان والتمثيل بالجثث؛ أعادت إلى الأذهان طريقة تنظيم "داعش" الإرهابي وهو يوثق لجرائمه ويبثها على وسائله الإعلامية.
الأمر بات ينبئ بالكارثة التي تنتظر السودان، ممثلة في العنصرية وعدم تقبل الآخر وتفكك المجتمع وفناء الدولة.
المجتمع السوداني صُدم، بمشاهدة مقاطع فيديو وحشية جديدة تداولها نشطاء على الإنترنت، تعكس هاوية العنف والفوضى الشاملة التي يسير إليها السودان، في ظل الحرب الحالية.
وتداول النشطاء مقطع فيديو، زاعمين أنه لأفراد من الجيش السوداني، يذبحون مواطنا ويقطعون أشلاءه ويلوحون بالأحشاء في هياج هستيري.
ولم يتسنَّ لـ"العين الإخبارية" التأكد من صحة الفيديو. كما لم يعلق عليه الجيش السوداني حتى إعداد هذا التقرير.
أبشع صور التوحش
بالنسبة إلى المستشار السابق لرئيس الوزراء السوداني، والكاتب والمحلل السياسي، فائز الشيخ، فإن "تقطيع الرؤوس والحشا وأكل الأكباد هي أبشع صور توحش الحرب السودانية المليئة بالانتهاكات الكبيرة التي ترتقي إلى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية".
وقال السليك في حديثه لـ"العين الإخبارية"، إن "المشاهد التي تعكس الغلو والحقد، هي جرائم تحمل بصمات داعشية وهذا ليس مستغربا، فالخطوط مفتوحة بين جماعات متطرفة في السودان وجماعة داعش في ليبيا وسوريا."
وأضاف أن "فكر داعش موجود في خطاب الحركة الإسلامية وفي شعاراتها التي وصلت قمة تطرفها بشعار (فلترق كل الدماء)".
وتابع قائلا "لذلك الأرض خصبة، والبيئة صالح لتفريخ جماعات متطرفة، وهذا بدأ منذ احتضان نظام (الرئيس المعزول عمر) البشير لجماعات أسامة بن لادن والجماعات الإرهابية من دول الجوار".
سلوك معزول
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي السوداني، يوسف حمد، "الفرق ليس كبيرا، وأنماط (داعش) العدوانية لا تعبر عن طبيعة المجتمع العربي ككل، إنما مصنوعة لذرائع سياسية."
وأضاف حمد لـ"العين الإخبارية" أنه "كذلك الوضع في السودان. ويكفي أن نشير عربيا إلى قصة هند وحمزة التاريخية (القرن السادس الميلادي)، إذ ما زالت تذكر كدليل على البشاعة والتقزز من انتهاك حرمة الموت".
وأكد أن طبيعة الاستهزاء بالميت والتمثيل به تعبر عن سلوك فئة معزولة في المجتمع السوداني.
حالة هستيرية
وتعليقا على الحادثة، قال قائد قوات "الدعم السريع"، محمد حمدان دقلو "حميدتي": "لقد شهد العالم محتوى مقطع فيديو مروع يظهر أفرادا من الجيش السوداني وكتائب النظام البائد الإرهابية وهم يذبحون مواطنا ويقطعون أحشاءه ويلوحون بها وهم في حالة هستيريا يهللون ويكبرون ابتهاجا بفعلهم الخسيس".
وأضاف حميدتي في تغريدة عبر منصة "إكس" للتواصل الاجتماعي (تويتر سابقاً) أن "هذا العمل الإجرامي من قبل هذه المليشيات الإرهابية المنحرفة التي تختطف مؤسسة الجيش ليس هو الأول ولن يكون الأخير؛ فهناك سلسلة من الأعمال الوحشية التي ترتكب يوميا بحق الأبرياء باسم الدين والجهاد والشعارات الخادعة".
وتابع قائلا: "إننا إذ ندين ونستنكر هذه الممارسات الإرهابية البربرية التي تستهدف الأبرياء على أساس الهوية والقبيلة، ونؤكد أن هذه الأفعال لا صلة لها بقيم ومبادئ وأخلاق الشعب السوداني، وتتنافى مع كافة الأعراف والشرائع والقيم الإنسانية".
وأشار إلى أن هذه الجرائم الإرهابية لا تهدد استقرار السودان فحسب؛ وإنما تشكل خطرا على أمن واستقرار الإقليم والمنطقة، ولذلك ندعو الدول والمنظمات إلى إدانتها ومحاصرتها.
حميدتي قال في ختام منشوره إن "قواتنا لن تستجيب لمثل هذه الأفعال، وستظل متمسكة بمبادئ القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف، وستكون هذه الحرب آخر الحروب، وستنتهي لصالح الشعب السوداني وتحقيق تطلعاته في الحرية والعدالة والمساواة".
دوامة العنف
وأثارت الحادثة موجة غضب عارمة في أوساط المجتمع السوداني السياسي والمدني؛ إذ قال عضو مجلس السيادة السوداني السابق، محمد حسن التعايشي، في تغريدة عبر منصة "إكس" "ما كنت لأعلق على صورة الجنود الدواعش العسكريين الذين يتبعون للجيش السوداني وهم يتناهشون أحشاء لجثمان مواطن سوداني بصورة بهائمية صادمة؛ لولا أنها تعيد إلى ذاكرتي، وذاكرة كل من يتذكر كل الجرائم البشعة والوحشية التي ارتكبتها القوات المسلحة كجزء من العنف الذي مارسته تجاه المدنيين السودانيين على مر العقود والحقب".
ولم يعلق الجيش السوداني بعد على هذه الاتهامات التي عادة ما ينفيها.
من جهته، قال نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني، خالد عمر يوسف، إن "التسجيلات المصورة الوحشية التي توثق لمنسوبي للقوات المسلحة يتلذذون بسلخ الناس وتمزيق أحشائهم خرجت من كونها ممارسات فردية لتصبح أفعالا متكررة ترسخ لنسق إرهابي يمزق البلاد ويقودها لدوامة لن تخرج منها أبدا."
وكتب يوسف في صفحته الرسمية عبر "فيسبوك" إن "هذه الأفعال الإرهابية التي لا تمت للإنسانية بصلة مدانة بأشد عبارات الإدانة، ويجب أن يحاسب مرتكبوها وألا يسمح لهم بالإفلات من العقاب".
وأضاف أن "استمرار هذه الحرب التي لا خير فيها، سيرمي ببلادنا في هاوية سحيقة، علينا جميعا أن ننهض لإيقافها الآن ودون تأخير، والتصدي لمن يعملون على استمرارها ومن يمارسون فيها البشاعات بكافة أشكالها".
سوابق ميدانية
وفي 23 أبريل/نيسان الماضي، تداول نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو، زعموا أنه لأفراد من الجيش السوداني، يقودهم ضابط برتبة لواء، يحملون آلات حادة طويلة "سكاكين"، ويتجولون وسط 3 جثث لعناصر ترتدي الزي المدني، تعرضت للذبح، على تخوم مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان، وسط موجة من التهليل والتكبير.
لكن لم يعلق الجيش السوداني على هذا الفيديو حتى اليوم، ولم يتسن لـ"العين الإخبارية" التأكد من صحته من مصادر مستقلة.
وفي 17 فبراير/شباط الماضي، علَّق الجيش السوداني، على فيديو صادم آخر لجنوده وهم يحتفلون بقطع رأسي عنصرين من قوات "الدعم السريع".
وقال الجيش في بيان وقتها، إنه يجري تحقيقا حول ما وصفه بـ"المحتوى الصادم". فيما أدان بيان للمتحدث باسم قوات "الدعم السريع"، ما قال إنه مقطع فيديو بثته جماعات تؤيد الجيش "يظهر ذبح 3 أشخاص على أساس عرقي وجهوي والتمثيل بجثثهم في مشهد ينافي الأخلاق والدين والقوانين".
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، تخوض قوات الجيش و"الدعم السريع" حربا مروعة، خلفت نحو 15 ألف قتيل ونحو 8.5 مليون نازح ولاجئ، وفق للأمم المتحدة، فضلا عن دمار هائل بالبنى التحتية.