أزمة السودان.. هل «تنضج» المفاوضات على نار اشتباكات الخرطوم؟
مع اقتراب جولة المفاوضات الجديدة بمدينة جدة، شهدت بعض مناطق بالعاصمة الخرطوم، وولايات سودانية أخرى، معارك عنيفة، بالأسلحة الثقيلة والخفيفة.
وبينما من المتوقع استئناف جولة من جديدة من المفاوضات بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، بمدينة جدة خلال الأيام المقبلة، من أجل وقف إطلاق النار، ووقف المعاناة الإنسانية، قالت مصادر عسكرية لـ"العين الإخبارية"، إن عدة معارك عنيفة اندلعت بين الجيش السوداني، وقوات "الدعم السريع"، بمدينة بحري شمالي العاصمة الخرطوم.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن الجيش السوداني استطاع نصب كمائن للعربات القتالية لقوات "الدعم السريع"، التي تتحرك بين منطقتي "الكدرو"، و"الجيلي" شمالي بحري.
وطبقا للمصادر، فإن محاولة دخول عناصر الجيش والحركات المسلحة، إلى "مصفاة الجيلي" شمالي مدينة بحري، لطرد عناصر "الدعم السريع"، لم تكلل بالنجاح رغم الهجوم المتكرر.
وأبلغ شهود عيان "العين الإخبارية"، أن الاشتباكات في منطقة شمال مدينة بحري، أسفرت عن موجة نزوح جديدة للمواطنين.
ووفق شهود العيان، فإن المعارك امتدت إلى حدود ولاية نهر النيل، ما أدى لهروب المواطنين من بعض القرى.
فرض شروط التفاوض
وقال الكاتب والمحلل السياسي، الهضيبي ياسين، إن "تصاعد المعارك العسكرية في السودان خلال الأيام الماضية خاصة على مستوى العاصمة الخرطوم سببه سعي كل طرف من طرفي النزاع المسلح إلى تحقيق مكسب عسكري على حساب الآخر حتى يمكنه فرض اشتراطاته ذات الطابع السياسي، والعسكري حال استئناف عملية التفاوض بمدينة جدة".
وأضاف ياسين لـ"العين الإخبارية"، أن "العاصمة الخرطوم، تُعتبر معقل المعارك الرئيسي؛ وفقدان أي موقع عسكري بها يعني أن الهزيمة والفشل سيلحقان بأحد أطراف الحرب التي دخلت عامها الثاني".
واعتبر أن بسط السيطرة على المواقع الاستراتيجية والمرافق داخل العاصمة الخرطوم سيكون له التأثير على بقية الولايات والمدن السودانية.
ولاية الجزيرة
وذكرت مصادر عسكرية، أن عدة معارك عنيفة اندلعت بين الجيش السوداني، وقوات "الدعم السريع"، شرق مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة (وسط).
ووفق المصادر ذاتها، فإن الجيش السوداني قصف تجمعات قوات "الدعم السريع"، ما أدى إلى وقوع خسائر بشرية كبيرة.
وأكدت المصادر أن قوات "الدعم السريع" استخدمت في المعركة الطائرات المسيرة، مما أسفر عن مقتل ضابطين وعدد من الجنود.
وفي 18 ديسمبر/كانون الأول الماضي، اجتاحت قوات "الدعم السريع" ولاية الجزيرة، وعاصمتها ود مدني، في أعقاب انسحاب الجيش السوداني من المنطقة دون قتال.
ولاية غرب كردفان
ومع تصاعد وتيرة القتال بين طرفي الصراع، قالت مصادر عسكرية "العين الإخبارية"، إن الطيران الحربي التابع للجيش السوداني، استهدف قوات "الدعم السريع" بمدينة بابنوسة.
وذكرت مصادر عسكرية، أن قوات "الدعم السريع"، تستهدف الفرقة (22) مشاة بالطائرات المسيرة والمدفعية الثقيلة.
ولاية شمال دارفور
وبحسب مصادر عسكرية وشهود عيان، تحاول قوات "الدعم السريع"، حصار الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور من كافة الاتجاهات، دون وقوع مواجهات كبيرة عناصر الجيش السوداني، والحركات المسلحة.
والفاشر هي آخر مدينة كبرى بإقليم دارفور الشاسع بغرب السودان لا تخضع لسيطرة قوات "الدعم السريع".
واجتاحت قوات "الدعم السريع" 4 عواصم ولايات أخرى في دارفور العام الماضي، ما أدى إلى تعقيد الأوضاع الأمنية والإنسانية، في ظل شح الغذاء والدواء والماء.
ولم يصدر تعليق فوري من "الجيش السوداني، أو قوات "الدعم السريع"، حول اندلاع المعارك الجديدة في بعض مناطق العاصمة الخرطوم، وبعض ولايات السودان الأخرى.
ملف المساعدات الإنسانية
ورغم احتدام المعارك، وانسداد الأفق السياسي، توصل نائب قائد الجيش السوداني، شمس الدين كباشي، ورئيس الحركة الشعبية/ شمال، عبد العزيز الحلو، في العاصمة جوبا لاتفاق نادر لتوصيل المساعدات الإنسانية إلى ولاية جنوب كردفان في مناطق سيطرة الطرفين.
وقال الكاتب والمحلل السياسي الهضيبي، يس، لـ"العين الإخبارية"، إن الحكومة السودانية استطاعت إرسال عدة رسائل لبعض الأطراف الداخلية ما فيهم قوات "الدعم السريع" بأن الحركة وعناصرها سيكون لهم دور في مقبل الأيام على صعيد إدارة شؤون الحرب سواء بتأمين وحراسة توصيل المساعدات الإنسانية أو الانخراط في تنفيذ تكتيك عسكري إلى جنب مع الجيش السوداني.
وبينما رحبت قوى الحرية والتغيير (الائتلاف الحاكم السابق) بالسودان بنتائج اجتماع جوبا، بالاتفاق على إيصال المساعدات الإنسانية لمناطق سيطرة الطرفين؛ أبدت أملا في أن يمثل الاتفاق ضوءا في نفق أزمة الحرب الحالية، وخطوة في طريق وقفها ومعالجة تداعياتها الإنسانية التي تهدد حياة لملايين في كل أنحاء السودان في مناطق الحرب.
وناشدت قوى الحرية والتغيير في بيان اطلعت عليه "العين الإخبارية"، طرفي الحرب للإيفاء بالتزاماتهما المبرمة في منبر جدة بالتأكيد على إيصال المساعدات الإنسانية دون قيد أو شرط، والوصول إلى لاتفاق يتيح إيصال المساعدات الإنسانية وإنقاذ حياة ملايين السودانيين والسودانيات خاصة من الأطفال والنساء وكبار السن.
وسبق وأن استضافت مدينة جدة محادثات برعاية سعودية أمريكية، في 11 مايو/أيار الماضي، أسفرت عن أول اتفاق طرفي الحرب على الالتزام بحماية المدنيين.
وأفلح منبر جدة إعلان أكثر من هدنة، تخللتها خروقات عديدة وتبادل للاتهامات؛ ما دفع الرياض وواشنطن إلى تعليق المفاوضات في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش و"الدعم السريع" حربا مروعة، خلفت نحو 15 ألف قتيل وحوالي 8.5 ملايين نازح ولاجئ، وفق للأمم المتحدة، فضلا عن دمار هائل بالبنى التحتية.
aXA6IDMuMTQyLjI0OS4xMDUg
جزيرة ام اند امز