خسائر حرب السودان بالأرقام.. أشعلها «الإخوان» ودفع المدنيون فاتورتها

في الوقت الذي يسعى فيه حزب المؤتمر الوطني الإخواني لإعادة تموضعه في المشهد السياسي بالسودان، كانت الحرب التي أشعلها التنظيم تبوح بخسائرها، وتكشف عن «مآس» عانى منها السودانيون جراء «الأطماع الإخوانية»، التي كانت أحد أسباب تفجير الحرب.
ففي تقرير لـ«أسوشيتد برس»، قالت الوكالة إنه بعد مرور أكثر من عامين على اندلاع الحرب السودانية، والتي صنّفتها منظمات الإغاثة الدولية كـ«إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم»، انهار النظام الصحي في البلد الأفريقي، مما جعل ملايين السودانيين عرضة للأوبئة والمجاعة، في «مشهد كارثي شامل».
ومنذ أبريل/نيسان 2023، حين تفجّر الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، اتّسعت رقعة القتال لتشمل معظم أنحاء البلاد، مع تركّز الاشتباكات في العاصمة الخرطوم، بالإضافة إلى إقليمي دارفور وكردفان، بحسب «أسوشيتد برس».
جوع ومرض وعنف.. أوجه المأساة
تُظهر بيانات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والحقوقية أبعاد الأزمة المتفاقمة؛ فقد دفع الصراع بنحو 24.6 مليون شخص إلى حافة الجوع، وسط مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي. كما يواجه أكثر من 3 ملايين طفل دون سن الخامسة خطر الإصابة بأمراض وبائية مثل الكوليرا والحصبة والملاريا.
أما النساء والفتيات فهنّ عرضة لمخاطر متزايدة من العنف، حيث يقدّر عدد المعرضات للخطر بأكثر من 12 مليونًا، مع تسجيل ما لا يقل عن 122 حالة «اغتصاب» ضد أطفال منذ مطلع عام 2024.
انهيار البنية التحتية
الدمار طال المؤسسات الحيوية للبلد الأفريقي؛ فقد تضررت 124 منشأة صحية، بينها مستشفيات، بفعل الهجمات المباشرة أو الأعمال القتالية.
في قطاع التعليم، أصبح 9 ملايين طفل غير قادرين على العودة إلى مقاعد الدراسة، إضافة إلى 6.9 مليون طفل كانوا أصلاً خارج المدارس قبل الحرب.
تعرّضت -كذلك- 64 منشأة خدمية لأضرار جسيمة، منها 37 محطة كهرباء و27 محطة مياه. وذكرت منظمة اليونسكو بأن أكثر من 10 مواقع ثقافية، بينها المتحف القومي، تعرّضت للهجوم أو الدمار.
أما دور العبادة، فقد استُهدفت هي الأخرى، إذ تم حرق أو قصف أكثر من 165 كنيسة و15 مسجدًا، إما بشكل جزئي وإما بشكل كامل.
القطاع الزراعي لم يسلم من تداعيات الحرب؛ إذ سُجّل تدهورا في نحو 6126 هكتارًا من الأراضي الزراعية، بسبب المعارك أو نتيجة العوامل المرتبطة بها، ما أدى إلى فقدان كبير في الغطاء النباتي.
قتلى ونازحون
حتى 30 مايو/ أيار 2025، تشير التقديرات إلى مقتل ما لا يقل عن 40774 شخصًا، في حين بلغ عدد النازحين أكثر من 10.1 مليون شخص، بينهم 7.73 مليون نازح داخليا، و4.13 مليون لجأوا إلى خارج البلاد.
وفي الفترة ما بين ديسمبر/كانون الأول 2024 ومايو/ أيار 2025، عاد نحو 1.2 مليون شخص إلى السودان، رغم استمرار الوضع الأمني الهش.
وتوزعت أبرز وجهات اللجوء خارج السودان على النحو التالي: استقبلت مصر نحو 37%، فيما استقبل جنوب السودان 28%، واستقبلت تشاد 27%.
ورغم تعدد جولات التفاوض، فإن كل الجهود الرامية إلى وقف إطلاق النار أو التوصل إلى اتفاق سلام دائم باءت بالفشل. ومع اتّساع نطاق الحرب جغرافيًا، يبدو أن السودان يتّجه نحو مزيد من الفوضى، في ظل إصرار من الجيش على المضي قدما في الحرب، متجاهلا مساعي السلام.
عودة الإخوان
يأتي ذلك، فيما يحاول «الإخوان» إعادة تشكيل الدولة على أنقاض الحرب، وفق صيغة تمكّن التنظيم من العودة إلى الحكم.
ففي مقابلة رسم فيها ملامح مرحلة ما بعد الحرب والمتمثلة في شرعنة الوجود العسكري في الحكم، وإعادة دمج الإخوان تدريجيا في السلطة، ظهر رئيس حزب المؤتمر الوطني المنحل (إخوان) في السودان أحمد هارون، بتصريحات ليؤكد ما دأب الجيش على إنكاره.
وبدت نبرته وكأنها إعلان مبكر عن عودة الإخوان للحكم، تحت غطاء "الشرعية الجديدة" التي يأملون أن تصوغها نتائج المعركة، سواء عبر السيطرة المباشرة أو من خلال التأثير على دوائر القرار العسكري في بورتسودان.