لماذا تستمر أزمة دارفور؟.. خبير سوداني يوضح لـ"العين الإخبارية"
قال خبير سوداني في السلام وفض النزاعات إن اعتماد الحلول الجزئية وعدم مخاطبة جذور المشكلة، وراء استمرار تدهور الوضع الأمني بدارفور.
وأوضح الدكتور عباس التجاني مدير مركز "السلام ميديا"، في حوار مع "العين الإخبارية"، أن الاتفاق الذي وقعته الحكومة الانتقالية مع حركات مسلحة في جوبا قبل عامين في العاصمة جوبا، لم يُحدث أي تقدم في مسار السلام بالإقليم، فهو وضع إطاراً كلياً للعملية ما زالت تنتظر التنفيذ.
وأضاف أن الصراعات القبلية في إقليم دارفور غير مرتبطة بنظام حكم معين، فهي موروثة ذات علاقة بتعقيدات اجتماعية كبيرة بين إثنيات مختلفة، أساسها صراع على الأرض والموارد الطبيعية وهي بحاجة لمنظومة متكاملة من السلام الاجتماعي.
ورأى أن تصاعد وتيرة أحداث العنف بدارفور قد يقود إلى تدخل دولي جديد في الإقليم، حيث أدرك المجتمع الدولي حجم الفراغ الذي خلفه سحب قوات حفظ السلام "يوناميد" من البلاد.
ورغم توقف الحرب بين القوات الحكومية والحركات المسلحة، ما تزال لعنة الصراعات القبلية تلاحق إقليم دارفور وكثيرا من المناطق السودانية الأخرى.
ومطلع هذا الشهر شهدت مدينتا الجنينة وكرينك بولاية غرب دارفور اشتباكات قبلية دامية، راح ضحيتها 200 قتيل ونحو 98 جريحا وتشريد مئات السكان.
وتحدث التجاني عن مسببات هذه الأحداث والخطوات الواجب فعلها لمعالجة جذور المشكلة في دارفور وكيفية الانتقال لمرحلة بناء السلام، بعد ما تم وضع الإطار النظري له بموجب اتفاق جوبا.
نص الحوار:
* كيف تنظرون إلى تصاعد أعمال العنف في دارفور؟
من المؤسف استمرار نزيف الدماء في دارفور، لقد سقط المئات جراء الاشتباكات القبلية الأخيرة في مدينتي الجنينة وكرينك، في مشاهد يندى لها الجبين، لكنها ليست بالجديدة فهي أحداث متكررة من وقت لآخر، وهي مشكلة تاريخية تفجرت منذ عقود بسبب صراع تلك المكونات القبلية على الأرض والموارد وبسط النفوذ الاجتماعي.
بالتأكيد تشكل هذه التطورات مصدر قلق كبير محلياً ودولياً لما لها من تداعيات على الوضع الأمني في ربوع السودان، كما دفعت المجتمع الدولي لاستشعار حجم الفجوة التي خلفتها بعثة حفظ السلام في الإقليم "يوناميد"، فهي رغم الضعف الذي كان يلازم أداءها إلا أن وجودها في منطقة الصراع كطرف محايد حقن كثيرا من الدماء.
* يتوقع مراقبون تدخلا دوليا جديدا في دارفور بموجب الفصل السابع، هل هذا ممكن في تقديرك؟
السودان عضو بالأمم المتحدة وجزء المنظومة الدولية، فلا يوجد شيء اسمه وصاية دولية كما يجري الترويج له من قبل البعض، فمتى ما استشعرت المؤسسات الدولية خطراً يهدد الأمن والسلم الدوليين تتدخل لتدراكه، ومن غير المستبعد أن يفكر مجلس الأمن الدولي في تدخل عسكري جديد في دارفور لحفظ الأمن وحماية المدنيين، طالما فشلت السطات السودانية في تحقيق هذا الشيء.
التدخل الدولي في دارفور إذا حدث لن يكون خلال المدى القريب، فهناك بعثة أممية بالخرطوم تعمل على مساعدة البلاد في الانتقال الديمقراطي وبناء السلام تحت الفصل السادس، ومن المستبعد التفكير في نشر بعثة أو قوات جديدة خلال فترة تفوض البعثة الحالية، والتي يستمر لمدة عام قابلة للتجديد.
* يعيب البعض على اتفاق "جوبا" للسلام كونه لم يستطع إيقاف القتال بدارفور، ما تعليقك؟
اتفاق جوبا وضع إطاراً عاماً للسلام، وتبقت مرحلة بناء السلام والتي تتمثل في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، فأهم بنوده وهي تشكيل قوات مشتركة لحماية المدنيين نصفها من الجيش الحكومي والآخر من حركات الكفاح المسلح.
ربما حقق الإتفاق المبرم في عاصمة دولة جنوب السودان قبل أكثر من عام، السلام السياسي بإيقاف الحرب بين جيش الحكومة والحركات المسلحة، لكنه لم يحدث أي تقدم في مسألة الصراع القبلي، فالقوات المشتركة لو كتب تكوينها فإنها لن تحظ بثقة المجتمعات المحلية هناك نظراً للتعقيدات القبلية.
* هل للتطورات السياسية في البلاد، علاقة بتصاعد موجة العنف في دارفور؟
الصراع القبلي في دارفور غير مرتبط بنظام حكم محدد، ففي فترة الحكومة الانتقالية بقيادة الدكتور عبدالله حمدوك حدثت مواجهات قبلية دامية في ولاية غرب دارفور، بمعسكر كرنيدق، راح ضحيتها مئات الأشخاص. فخطورة الأمر هو دخول التشكيلات العسكرية في خط الصراع وهذا قد يعجل بالتدخل الدولي في الإقليم.
لكن الاضطراب السياسي الذي تعيشه البلاد أسهم في تفاقم الوضع الأمني في دارفور فهناك شعور عام في السودان بعدم الاستقرار وفقدان للآمان.
* ما الذي يجب فعله من وجهة نظركم لإيقاف نزيف الدم في إقليم دارفور؟
دارفور بحاجة إلى سلام اجتماعي ومصالحة حقيقية بين المجتمعات المحلية ورفع الوعي، فهذا مدخل حل هذه الأزمة المتطاولة والمستمرة لقعود، فنحن بحاجة إلى مخاطبة جذور المشكلة لأن الحلول الجزئية على مر التاريخ كان سبباً في تفاقم الأزمة في الإقليم.
إلى جانب ذلك، فإن الصراعات القبلية بدارفور تستلزم تقوية آليات العدالة والتعامل بقوة القانون مع كل من يتسبب في إشعال صراع قبلي والبعد عن التسويات الأهلية في جرائم القتل، لأن في الغالب تكون عقوبتها مخففة على الجناة وتنتفي معها ميزة الردع المأمول لإيقاف مثل هذه الجرائم.
aXA6IDE4LjExOS4xMjUuMjQwIA== جزيرة ام اند امز