رئيس وزراء العراق في إيران.. هل تعبر العلاقات "الاختبار الصعب"؟
هل ينجح العراق في رسم خارطة طريق تضبط صيغ التعامل مع إيران وترسم العلاقات الثنائية وفق مصالح مشتركة بعيدة عن الخروقات والانتهاكات؟
استفهام يفاقم الجدل الدائر بالأوساط العراقية بالتزامن مع زيارة بدأها رئيس الوزراء محمد السوداني، الثلاثاء، إلى إيران، في خطوة يعتقد خبراء أنها تشكل منعطفا حاسما في ضوء التطورات الحاصلة، واختبارا صعبا للمسؤول العراقي.
وخلال زيارته التي تستمر ليومين، التقى السوداني الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي والمرشد علي خامنئي وعددا من المسؤولين، في اجتماعات تعتبر الأولى من نوعها منذ تسلمه مهامه.
ومما يمنح اللقاءات أهمية محورية هو سياقها الذي يأتي على وقع تصعيد عسكري إيراني في مناطق إقليم كردستان شمال العراق، والذي خلف عشرات الضحايا وخسائر مادية كبيرة.
وبحسب بيانات رسمية، تأتي زيارة رئيس الوزراء العراقي إلى إيران في ضوء تعزيز العلاقات بين البلدين وتوسيع أطر التعاون في شتى المجالات.
لكن ما لا تذكره البيانات يكشف قراءات لزيارة يعتقد خبراء أنها ستناقش ملفات حساسة وخطيرة بينها التدخلات الإيرانية في الشأن العراقي ودعمها للمليشيات المسلحة المقربة منها.
ضبط العلاقات
المحلل السياسي العراقي علي الكاتب، يرى أن "تحرك السوداني نحو إيران جاء لرسم خارطة طريق في صيغ التعامل إزاء العديد من القضايا القومية والاستراتيجية بما يبعدها عن مخاطر الصراع الإقليمي والدولي".
ويقول الكاتب، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "الحكومة الحالية تحاول أن تثبت القواعد الأساسية للحلول والمعالجات إزاء المشكلات الداخلية والخارجية بينها الفساد وضعف الدولة، والخارج الإقليمي والدولي وخصوصاً بالدور الإيراني الذي تضطلع فيه داخل العراق".
ويتابع بالقول: "إيران تعيش أوضاعاً متفاقمة وسخطا شعبيا كبيرا تجاه ساسة طهران، ولذلك تحاول فك الاختناق والبحث عن رئة تتنفس من خلالها بالاعتماد على تصدير أزماتها والبحث عن أراض لإدارة معاركها بالنيابة، ولذلك فإن السوداني يحاول تطويق ذلك الخطر عن العراق".
وقبل أيام، هدد رئيس فيلق القدس الإيراني، إسماعيل قاآني، بشن عملية عسكرية برية لاجتياح مناطق شمالي العراق بذريعة تصاعد خطر عناصر معارضة لأمن طهران.
ومثلت تلك التصريحات إحراجاً لحكومة السوداني التي تنحدر من "الإطار التنسيقي" (المظلة السياسية للقوى المقربة من طهران) الذي يضم قوى وأحزابا مقربة من إيران، مما يدفع فيها إلى زوايا الإحراج السياسي.
وتبدي الأوساط الشعبية مواقف رفض واستياء من التدخلات الإيرانية في الشأن العراقي وتحميلها مسؤولية العديد من الأحداث المفصلية في البلاد خلال ما بعد 2003، من بينها تشكل الحكومات والتهيئة لوصول قوى سياسية ذات ولاء خارجي لمنصة القرار السياسي والسيادي.
اختبار صعب
رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، غازي فيصل، يقول إن "إيران تتعامل مع العراق على أنها مكب لنفايتها السياسية وقاعدة للانطلاق نحو إدارة صراعاتها مع دول المنطقة والغرب، وبالتالي فإن إرجاع دولة الفقيه إلى رشدها يتطلب إرادة قوية وحازمة تتطلب تكاتفا دوليا".
ويتابع بالقول لـ"العين الإخبارية"، إن "الوجود الإيراني في العراق يمثل تحديا صارخاً لكل الحكومات المتعاقبة في البلاد لإثبات هويتها الوطنية وانتمائها إلى القرار السيادي الذي يقدم المصلحة العامة على الولاء الخارجي، وهو ما يدفع بالسوداني لأن يفرد تلك الجولة باتجاه طهران لتجنب ذلك الاختبار الصعب".
وكان السوداني أجرى قبل أيام أولى جولاته الخارجية إلى المملكة الأردنية الهاشمية، ومن ثم إلى الكويت، فيما تؤكد مصادر مقربة أن محطته اللاحقة ستكون في المملكة العربية السعودية ثم تركيا.
aXA6IDMuMTQ1LjE3Ni4yMjgg جزيرة ام اند امز