عام على ثورة السودان.. الخبز بعطبرة دون طوابير
قبل عام خرج سكان عطبرة السودانية ثائرين على زيادة أسعار الخبز، لتمتد ألسنة الغضب لبقية المدن، أما الآن بعد الثورة فقد تغيرت الأوضاع
في مثل هذا اليوم من عام 2018، خرج سكان مدينة عطبرة السودانية ثائرين على زيادة أسعار الخبز، لتمتد ألسنة الغضب لبقية المدن، معلنة اندلاع ثورة أطاحت بالنظام الحاكم، ومهدت لمؤسسات انتقالية.
- السودانيون يحتفلون بمرور عام على ثورة أطاحت بالبشير
- خبراء سودانيون: إغلاق منظمات الإخوان تجفيف لمنابع الإرهاب
مر العام متسارعا، مشحونا بأحداث مفصلية اختلفت لتتقاطع عند توافق بين العسكر والمدنيين أفرز التغيير المنشود، وباتت مخابز عطبرة تنتج خبزا أكثر من استهلاكهم، واختفت الطوابير، وفق شهادات سكان المدينة التي تعدّ مهد الثورة السودانية وأيقونتها.
عام انقضى ليرسم الحد الفاصل بين حقبتين من تاريخ السودان المعاصر، شهد سقوط نظام الرئيس المعزول عمر البشير بعد 30 عاما قضاها في سدة الحكم، مخمدا جميع الأصوات المطالبة بالتداول والتغيير.
عطبرة وقطار الثورة
في أبريل/نيسان الماضي، أطلّ قطار عطبرة ببطء على مستقبليه في محطة القطارات الرئيسية بالخرطوم بحري، دعما لاعتصام المحتجين السودانيين أمام القيادة العامة للجيش في العاصمة.
يوم تاريخي قطع فيه القطار مسافة 310 كلم من عطبرة (شمال) إلى الخرطوم (جنوب) في نحو 8 ساعات، وعلى متنه المئات من عمال السكة الحديد، وأهالي المدينة، وسار ببطء مثقلا بكثرة الحشود التي كانت تستقبله في المحطات التي مرّ بها.
كان حماس الثورة في أوجه، وشرارة الغضب متقدة، فتابع القطار رحلته قبل أن يتوقف في الدامر وشندي بولاية نهر النيل، وهناك في انتظار ركابه أصناف من الطعام، ثم أكمل طريقه ليدخل شمال الخرطوم، وسط هتافات وشعارات، وزغاريد النساء.
خبز دون طوابير
واليوم، يتخذ القطار اتجاهه العكسي، في رحلة تنطلق من الخرطوم باتجاه عطبرة المتعطرة بعبق الثورة، متحدية استمرار بعض الصعوبات، لكن سكانها على قناعة تامة بأنهم سيقطفون ثمار الثورة ولو بعد حين.
ففي المدينة، تشرف لجنة من المواطنين على التوزيع حتى تضمن أن كل مواطن نال حصته، وفي شهادات نقلها إعلام فرنسي، قال مجدي محمد أحمد (45 عاما): "لم تعد لدينا مشكلة خبز، سوء الإدارة سليل النظام السابق".
وأضاف: "الآن أي أسرة يمكنها الحصول على كمية الخبز التي تريد، والمخابز تنتج أكثر من حاجة مواطني المدينة".
تغيير ملموس بالنسبة لمدينة كان سكانها يصطفون في طوابير طويلة أمام المخابز للحصول على رغيف، قبل أن يفاجأوا في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بزيادة سعر قطعة الخبز التي تزن 70 غراما من جنيه سوداني واحد إلى 3 جنيهات.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد، وإنما تسببت الأزمة في قرار الحكومة وقف استيراد القمح، ما أدى إلى تراجع إنتاج الشركات الخاصة من الدقيق، وبالتالي تناقص كميات القمح التي تزود بها المطاحن، وأثر على إنتاجها من الطحين، فكان من البديهي ارتفاع أسعار الخبز.
فخر واعتزاز
اليوم، لم يعد سكان عطبرة غاضبين، ولم يعد رغيف الخبز يشكل سبب احتقانهم، بل بات موجودا بشكل يفوق في كثير من الأحيان الطلب، ولذلك اختفت الطوابير الطويلة من أمام المخابز، واستعادت الحياة نسقا طبيعيا، في ظل محافظة الحكومة الانتقالية على تدابير دعم الخبز.
نجود الشلالي، المهندسة الزراعية البالغة من العمر 35 عاما، قالت: "نحن فخورون بحكومتنا، هذه حكومتنا ونحن شعب السودان من أوجدها، قبل الثورة كنا نعاني، والآن الثورة حلت مشكلة الخبز في مدينتنا".
من جهته، قال عماد عبدالحفيظ، عضو لجنة شعبية للإشراف على توزيع الخبز في عطبرة: "الآن نراقب كل شيء، توزيع الطحين للمخابز وصناعة الخبز وكل الأشياء المستخدمة في صناعته، وحتى توزيعه للسكان".
ولفت عبدالحفيظ، في حديث إعلامي إلى أن عضوا من اللجنة يكون حاضرا داخل المخبز على مدار ساعات اليوم.
aXA6IDMuMTUuNy4yMTIg جزيرة ام اند امز