السودانية المتهمة بقتل زوجها: سأعدم قبل تحقيق أحلامي
مقابلة مع نورا حسين.. السودانية التي تواجه حكما بالإعدام بسبب دفاعها عن نفسها ضد اغتصاب زوجها لها.
بعين ملأى بالدموع، وحزن وخوف يسيطران على حديثها، تروي الفتاة السودانية نورا حسين وقائع زواجها القسري وتعرضها للاغتصاب والعنف من زوجها أمام أعين أقاربه.
وفي حوار خاص أجراه موقع "7DNEWS" تخبرنا نورا كيف قتلته، بعد قضاء أكثر من عام في سجن نساء بـ"أم درمان" على ذمة القضية.
وأدينت نورا بتهمة القتل العمد بموجب المادة 130 من القانون الجنائي السوداني وحكم عليها بالإعدام في شهر مايو الجاري، واستحوذت قضيتها على اهتمام المجتمع الدولي والتضامن على وسائل التواصل الاجتماعي تحت هاشتاج #JusticeforNoura و#SaveNoura.
"دعينا نرى من سيقتل الآخر"
تروي نورا حادث الاغتصاب الذي أودى بها في النهاية إلى قتل زوجها. تقول: "في أبريل/نيسان 2017 صُدمت بوجود عدد من الرجال بالشقة، اكتشفت لاحقاً أنهم أقارب زوجي، سألوني لماذا أرفض معاشرة زوجي، ثم ضربوني بعنف، ثم أمسكوني واحتجزوني من أجله، بعدها أقدم زوجي على اغتصابي بعنف أمام أعينهم".
تضيف: "لم يكتفِ زوجي بما فعله، وحاول في اليوم التالي أن يفعل الشيء نفسه، لكنني تمكنت من الفرار، وهرعت إلى المطبخ حيث أخذت سكيناً، وحذرته قائلة: "لا تقترب مني، أو سيموت أحدنا اليوم". اقترب مني قائلا: "دعينا نرى من سيقتل الآخر"، حاول أخذ السكين من يدي، وضربني على صدري وجرح يدي".
تظهر نورا آثار الجروح، قبل أن تتابع حديثها: "تمكنت من الفرار من يديه وطعنته مرتين مما أدى إلى قتله".
ناضلت نورا للوصول إلى قريتها، وعندما وصلت وأخبرت أهلها عن قتل زوجها، سلّمها والدها إلى الشرطة وأدانتها أسرتها.
إجبار على الزواج
بدأ كل شيء منذ 3 سنوات بمنطقة الباقير على بعد 70 كيلومترا جنوبي الخرطوم، سأل رجل والديها إذا كان يمكن أن يتزوجها بينما كان عمرها 16 عاما فقط، تتذكر نورا: "كنت صغيرة ومجتهدة في دراستي، إذ اجتزت امتحان مرحلة التعليم الأساسي وقُبلت في الثانوية، أخبرتني عائلتي أن رجلاً تقدم للزواج مني، على الرغم من أنني أخبرتهم سابقاً أنه لا توجد لدي النية للزواج وأنني أرغب في مواصلة دراستي".
تقول نورا: "أصر والدي على إتمام الزواج، ففضلت الهرب من قريتنا إلى سنار في وسط السودان، مكثت هناك 3 سنوات مع خالتي وأنهيت المرحلة الثانوية، ولم أتمكن من معرفة نتيجة امتحانات الثانوية العامة لأنني كنت في السجن".
تضيف: "بعد 3 سنوات من تقدمه للزواج، اتصل بي العريس مرة أخرى، قائلاً إنه لم يعد يرغب في الزواج مني، أقنعني بالعودة إلى عائلتي، وعندما عدت إلى المنزل وجدت مفاجأة غير سارة، إذ كان كل شيء معدا للزفاف، وأجبرت على الزواج منه، في أبريل 2017، وفي ليلة الزواج أخبرته على الفور أنه غير مسموح له بلمسي أو الاقتراب مني، لأنني أُجبرت على الزواج".
"سأُقتل قبل تحقيق أحلامي"
تنهمر الدموع من عينيّ نورا وهي تقول: "كانت لحظة مروعة حين أدانني القاضي بالقتل، كنت أعرف حينها أنني سأعدم دون أن أحقق أحلامي، لقد انتابني الشعور بالحزن والأسف، لكنه مصيري وقد قبلته، تتحطم معنوياتي كل يوم، وفي النهاية أصبحت يائسة وفاقدة للأمل".
"أحلم أن أكون معلمة"
تسترجع نورا أحلامها، خلال الحوار: "كنت أحلم بالوصول إلى أعلى مستويات التعليم والثقافة. كنت أرغب في الانضمام إلى كلية التربية، وحفظ القرآن الكريم، كنت أحب أن أكون معلمة لتعليم الأطفال في قريتي، تحولت أحلامي إلى كابوس، لم أكن أتوقع أن تصل إلى هذا المصير في يوم من الأيام".
"مكان مظلم"
زارت نورا الخرطوم، العاصمة السودانية للمرة الأولى في حياتها مع زوجها المتوفى، تتذكر: "كانت المرة الأولى التي أزور فيها العاصمة، أخذني إلى شقة في حي المهندسين. لم أكن أعرف أي شيء عن هذه المنطقة، كان المكان كله مظلماً بالنسبة لي".
تضيف: "خلال الليلة الأولى في تلك الشقة أخبرني أنه كزوج يحق له الحصول على حقوق الزواج، لكني رددت عليه بكل حدة بأنني لم أتزوج منه بإرادتي واختياري، وقلت له: "سأكون مثل أختك وحتى عندما نعود إلى المنزل لن أسمح لك بلمسي"، وبقينا هكذا لمدة 6 أيام ليعود في اليوم السابع مع أقاربه ويعتدي علي".
سجن النساء
تروي نورا تفاصيل يومها الأول في سجن نساء أم درمان، قائلة: "عندما انتقلت إلى السجن، كنت في حالة صدمة ولم أصدق نفسي، ظننت أنني في حلم، لكن لم يمضِ وقت طويل حتى تعودت على تفاصيل المكان وتبين لي أنه واقع، بعد قضاء ليلة واحدة في السجن تعودت على مجتمعه وأصبحت جزءا منه، ووجدت من السجينات أمهات وأخوات.. حصلت على الدعم والتضامن، وشاركت النزيلات طعامهن ومشروباتهن وملابسهن معي".
عام من النسيان
تقول نورا: "أهلي تركوني وحدي لتزيد المعاناة ويغمرني الحزن، لم يزرني أحد من أفراد عائلتي أو أقربائي في السجن أو حضر محاكماتي، بمن فيهم خالتي التي لجأت إليها أثناء سنوات هروبي".
تفتقد نورا إخوتها الأربعة ووالديها، تضيف: "قضيت 12 شهرا، ويمكن أن يكون أكثر، وراء القضبان دون رؤيتهم، أنا لست غاضبة من عائلتي على الرغم مما فعلوه بي، وآمل أن يكونوا جميعا على ما يرام".