أزمة قناة السويس.. شركات كبرى تختار الطريق الأطول والصعب
قالت شركة كبلر لتحليل البيانات، إن 7 ناقلات غاز مسال حولت مسارها بعد تعليق حركة الملاحة بقناة السويس بعد جنوح سفينة يوم الأربعاء.
وقالت ريبيكا شيا المحللة في كبلر، اليوم الجمعة، إن 3 من الناقلات جار تحويلها نحو المسار الأطول حول رأس الرجاء الصالح، مضيفة أن غالبية الناقلات التي حولت مسارها تتجه الآن إلى أماكن أخرى بعد أن كانت وجهتها في الأساس هي قناة السويس.
وأضافت أن 4 ناقلات تحمل شحنات من الولايات المتحدة وقطر فيما لا تحمل البقية أي شحنات.
- أزمة قناة السويس.. دراسة خيار "التجريف" والتجارة العالمية تتأثر
- قناة السويس وتجارة النفط العالمية.. تعرف على أهم الأرقام
وجنحت سفينة "إم في إيفر جيفن" البالغ طولها 400 متر وعرضها 59 متراً وحمولتها الإجمالية 224 ألف طن، خلال رحلة من الصين متجهة إلى روتردام في الناحية الجنوبية للقناة، قرب مدينة السويس.
وقالت شيا إن 6 سفن للغاز الطبيعي المسال تنتظر الدخول على جانبي القناة مع وجود سفينة أخرى تسمى جولار تندرا عالقة في القناة منذ الثلاثاء.
وأضافت: "ستتأثر خطط عبور ما إجماليه 16 سفينة غاز طبيعي مسال لقناة السويس إذا ما استمر الازدحام حتى نهاية الأسبوع الجاري".
ومضت تقول "سيكون هناك تأخير كبير في جدول التحميل في راس لفان في بداية أبريل/نيسان المقبل بسبب الازدحام".
واصلت مصر، أمس الخميس، جهود إخراج ناقلة الحاويات الضخمة التي جنحت منذ الأربعاء في قناة السويس، الممرّ التجاري الحيوي بين أوروبا وآسيا، في حادث عرقل حركة النقل البحري العالمية.
تعليق حركة الملاحة
ومساء الخميس قال الفريق مهاب مميش، مستشار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لمشروعات قناة السويس، في تصريح لوكالة فرانس برس إنّ حركة الملاحة في القناة ستُستأنف "في غضون 48 إلى 72 ساعة كحدّ أقصى".
أضاف الفريق مميش الذي أشرف على آخر عملية توسعة لهذا الشريان البحري المزدحم "لديّ خبرة في العديد من عمليات الإنقاذ المماثلة، وبصفتي الرئيس السابق لهيئة قناة السويس فأنا أعرف كلّ شبر من القناة".
وكانت هيئة قناة السويس قالت في وقت سابق الخميس إنّ حركة الملاحة "علّقت مؤقتا" لحين إعادة تعويم السفينة العملاقة البالغ طولها 400 متر والتي سدّت القناة بالكامل بعدما جنحت وعلقت بالرمال.
وأتى تصريح المستشار الرئاسي المصري بعدما قالت شركة "سميت سالفدج" الهولندية التي كلّفتها مجموعة "إيفرجرين مارين جروب" المشغّلة للسفينة المساعدة في التعويم فإن العملية قد تستغرق "أياماً أو حتى أسابيع".
وعيّنت "إيفرجرين" فرق خبراء من "سميت سالفدج" لكن أيضا من الشركة اليابانية "نيبون سالفدج" من أجل وضع "خطة أكثر فعالية" لإخراج السفينة.
وقال بيتر بيردوفسكي المدير التنفيذي لشركة "رويال بوسكاليس" الشركة الأم للشركة الهولندية مساء الأربعاء "إنه حوت ثقيل جدا على الشاطئ، إذا جاز التعبير".
وهو اعتبر أن إزاحة ناقلة الحاويات "إم في إيفرجيفن" التي تعيق عبور السفن قناة السويس ستستغرق "أياماً بل أسابيع".
تعديل المسار
وتظهر خريطة تفاعلية لموقع "فيسيلفاينادر" المتخصص بحركات السفن، أن عشرات السفن تنتظر عند جانبي القناة وفي منطقة الانتظار في وسطها.
وإزاء ضبابية الأجواء، أبلغت شركة هاباغ-لويد للخدمات اللوجستية البحرية التي أثّر الحادث على عدد من سفنها، زبائنها الخميس أنّها تدرس "تعديل مسار السفن إلى رأس الرجاء الصالح"ـ وهو مسار يطول آلاف الكيلومترات ويلتف حول القارة الأفريقية.
بدورها قالت متحدثة باسم شركة ميرسك، أكبر مالك للسفن في العالم، إن الشركة تدرس "جميع البدائل الممكنة"، مشيرة إلى أنّ "9 سفن حاويات تابعة لميرسك وسفينتين شريكتين" راسية بانتظار إعادة فتح الممر.
وأبطأ الحادث الذي وقع ليل الثلاثاء/الأربعاء، عمليات تسليم النفط وسلع تجارية اخرى، وساهم النبأ في ارتفاع أسعار النفط الأربعاء.
وتحاول قاطرات أرسلتها هيئة قناة السويس إزاحة ناقلة الحاويات الضخمة منذ صباح الأربعاء.
من جهتها، أعلنت شركة "شوي كيسن كايشا" أنها المالكة لناقلة الحاويات الضخمة الجانحة في قناة السويس، وتواجه "صعوبة قصوى" في تعويمها.
ويتوقع أن يبطئ الحادث النقل البحري مدة أيام إلا أن التبعات الاقتصادية ستبقى محدودة مبدئياً في حال لم يطل أمد الوضع، على ما أفاد خبراء.
مناورات دقيقة
وذكر بيورنار تونهوجن من مكتب "رايستاد" أن التبعات على الأسعار ستكون رهن فترة التعطيل موضحا لوكالة فرانس برس أنه "يرجح أن تكون الآثار ضعيفة وموقتة".
وأضاف "أما اذا استمر التعطيل لأيام فقد يكون لذلك آثار أكبر على الأسعار ولفترة أطول".
وقال رانجيث راجا المسؤول عن الأبحاث النفطية في شركة ريفينيتيف الأمريكية للبيانات المالية "لم نشهد مثيلا لهذا من قبل، لكن من المحتمل أن يستغرق الازدحام عدة أيام أو أسابيع حتى يخف، حيث سيمتد تأثيرها على الشحنات الأخرى والجداول الزمنية والأسواق العالمية".
لكن الأوضاع الاقتصادية الحالية على خلفية الأزمة الصحية والقيود التي تعيق الانتعاش، لن تساهم في ارتفاع الأسعار حاليا.
ويعقّد حجم السفينة الضخم عمليات تعويمها كما قال جان ماري ميوسيك الأستاذ في جامعة بول فاليري في مونبولييه (جنوب شرق فرنسا) الاختصاصي في النقل البحري.
وأضاف "لهذه السفن غاطس كبير خصوصاً أنها كانت محمّلة بكامل طاقتها. تحت العارضة يكون مستوى الماء ضئيلاً"، مؤكدا أنّ على السلطات أن تأخذ الوقت الضروري "للتحرّك بشكل جيد".
وتابع "يجب الحرص أيضا على عدم إلحاق الضرر ببنية السفينة في المناورات لتعويمها وتوزيع الجهود بعناية على طول هيكلها". وأكد أن "خبرات الخدمات التقنية لهيئة القناة عالية" للقيام بعمليات كهذه.
وقالت شركة "برنارد شولته شيبمانجمنت" (بي إس إم) ومقرها في سنغافورة التي تشرف على الإدارة التقنية للسفينة أن أفراد الطاقم الخمسة والعشرين سالمون. ولم تلحق أي أضرار أو تلوث بحمولة السفينة.
ورجح خبراء أن تكون رياح عاتية وراء الحادث. وعزت هيئة القناة أيضا الحادث إلى انعدام الرؤية الناتجة عن سوء الأحوال الجوية نظراً لهبوب عاصفة رملية على البلاد.
وافتتحت قناة السويس التي تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط في 1869. وأعلن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في 2015 مشروعا لتطوير القناة يهدف إلى تقليل فترات الانتظار ومضاعفة عدد السفن التي تستخدمها بحلول عام 2023. ولهذه الغاية، كان المصريون حفروا في 2014 مجرى جديدا هو الذي علقت فيه سفينة الحاويات.
وتؤمن قناة السويس عبور 10% من حركة التجارة البحرية الدولية، وتشكّل صلة وصل بين أوروبا وآسيا.