أزمة قناة السويس.. دراسة خيار "التجريف" والتجارة العالمية تتأثر
توقف حركة المرور بقناة السويس يؤدي إلى تفاقم مشاكل مسارات التجارة العالمية، التي تعاني اضطرابا بالفعل، فيما يتم دراسة خيار "التجريف".
ودرست هيئة قناة السويس، الخميس، خيار "التجريف" عن أحد الخيارات المطروحة، لإنهاء أزمة سفينة الحاويات الضخمة الجانحة في الممر المائى.
السيناريوهات المقترحة
وحسب رويترز، تتزايد توقعات الخبراء، أن الأزمة أدت لتفاقم مشكلات خطوط النقل البحري، والمسارات الرئيسية للتجارة العالمية، التي تواجه بالفعل اضطرابا وتأخيرات في توريد السلع للمستهلكين.
وقالت هيئة قناة السويس إنها بحثت خيار "التكريك" (التجريف) حول سفينة الحاويات الضخمة خلال اجتماع مع فريق إنقاذ من شركة شميت سالفيدج الهولندية.
وأضافت الهيئة، في بيان نشرته على موقعها الرسمي، أن الاجتماع شهد طرح "السيناريوهات المقترحة بما في ذلك إمكانية القيام بأعمال التكريك في محيط السفينة من خلال كراكات الهيئة".
وتهدف أعمال التكريك إلى إزالة الرمال المحيطة بمقدمة السفينة بكميات تكريك تتراوح من ١٥ إلى ٢٠ ألف متر مكعب من الرمال يتم طردها عبر خطوط طرد خارجية خاصة بالكراكة، للوصول للغاطس الملائم لتعويمها والذي يتراوح من ١٢ إلى ١٦ مترا.
وأوضحت الهيئة أن الجهود الحالية لتحرير السفينة تشمل جرافتين، و9 زوارق قطر و4 حفارات على ضفة القناة.
تفاقم مشاكل النقل البحري
وقالت مصادر بقطاع الشحن إن توقف حركة المرور بقناة السويس يؤدي إلى تفاقم مشكلات خطوط النقل البحري التي تواجه بالفعل اضطرابا وتأخيرات في توريد السلع للمستهلكين.
وتعاني شركات شحن الحاويات، التي تنقل شتى بضائع متاجر التجزئة من الهواتف المحمولة والملابس إلى الموز، منذ شهور بسبب جائحة فيروس كورونا وزيادة الطلب مما زاد نقاط الاختناق بقطاع الخدمات اللوجستية في أنحاء العالم.
تجمد سفن الحاويات
وفي أحدث تحد، قالت المصادر إن أكثر من 30 سفينة حاويات تعجز عن الإبحار بعد جنوح السفينة "إيفر جيفن" البالغ طولها 400 متر في قناة السويس، لتتوقف حركة العبور.
وكانت هيئة قناة السويس قد أفادت في بيان سابق، بأن السفينة "إيفر جيفن" جنحت، صباح الثلاثاء الماضي، وهو ما "يعود بشكل أساسي إلى انعدام الرؤية الناتجة عن سوء الأحوال الجوية نظرا لتعرض البلاد لعاصفة ترابية... مما أدى إلى فقدان القدرة على توجيه السفينة ومن ثم جنوحها".
وفي خضم هذه الأزمة أعلنت الهيئة في وقت سابق اليوم، تعليق حركة الملاحة مؤقتا في المجرى الملاحي.
ويمر نحو 30% من حاويات الشحن في العالم يوميا عبر قناة السويس البالغ طولها 193 كم، ونحو 12% من إجمالي التجارة العالمية لجميع السلع.
وثمة محاولات لتعويم السفينة من جديد، لكن إحدى الشركات المشاركة في تلك الجهود قالت إن الأمر قد يستغرق أسابيع.
ضغوط على سلاسل الإمداد
وقالت جوانا كونينجز، كبيرة الاقتصاديين في "آي.إن.جي":" في الوقت الذي تتعرض فيه سلاسل الإمداد لضغوط، تغلق سفينة حاويات ضخمة واحدا من المسارات الرئيسية للتجارة العالمية".
وأضافت:" مع عكوف هيئة قناة السويس على تحرير القناة، يزداد التكدس، ومدخلات الإنتاج العالقة ستؤثر على سلاسل الإمداد".
وقالت إم.إس.سي السويسرية، ثاني أكبر شركة لشحن الحاويات في العالم، إن جميع سفن الحاويات الرئيسية تأثرت بالتوقف في قناة السويس.
وأضافت في بيان:" كمستخدم منتظم للقناة، تتابع "إم.إس.سي" الموقف عن كثب لمعرفة التطورات في حالة الحاجة إلى أي خطط طوارئ للأسطول أو شبكة الخدمات ولمعرفة مدى تأثر دورة الحاويات في سوق تواجه صعوبات.
وأوضحت:"على زبائن "إم.إس.سي" الذين ينتظرون شحنات عبر القناة في الأيام المقبلة الاستعداد لتغييرات محتملة في الخطط".
وقالت مصادر تجارية وبقطاع الشحن إن التأثير على نقل البضائع من المصنعين في آسيا إلى المشترين في أوروبا قد يزيد، وذلك اعتمادا على مدى استمرار التأخيرات في قناة السويس.
تأثر موانئ أوروبا
وقال ليون ويلمز المتحدث باسم ميناء روتردام، أكبر منافذ أوروبا، إن الطلب على الخدمات اللوجستية كان يفوق القدرة بالفعل من قبل أزمة قناة السويس.
وأضاف:" جميع موانئ غرب أوروبا ستتأثر.. مضت الآن 48 ساعة ونأمل من أجل جميع الشركات والمستهلكين انتهاء ذلك قريبا".
وتابع: "عندما تصل هذه السفن إلى أوروبا، ستكون هناك حتما أوقات انتظار... لدينا مساحات كبيرة، لكن عدد أحواض السفن والرافعات لتفريغ هذه البضائع محدود".
أما أنتويرب، وهو ميناء رئيسي آخر في أوروبا، فيواجه بالفعل منذ شهور زيادة في الوقت اللازم لتقديم الخدمات اللوجستية للحاويات، حسبما قال رئيسه التنفيذي جاك فاندرمايرن لرويترز.
وأضاف: "يعاني الجميع عندما تواجه اضطرابات في سلاسل الإمداد العالمية تلك".
اكتظاظ أمريكي
قالت مصادر بقطاع الشحن إن أي تأخيرات عالمية أخرى ستتسبب في مزيد من الضغوط على الموانئ الأمريكية التي تعاني بالفعل من تأخر في مناولة أكثر من 90 سفينة.
في الأسابيع الأخيرة، أفادت بيانات من ستاندرد أند بورز جلوبال بلاتس كونتينرز، أن تكلفة شحن البضائع من آسيا إلى الساحل الشرقي الأمريكي ارتفعت إلى أكثر من خمسة آلاف دولار لكل وحدة مكافئة طول 40 قدما، مقارنة مع ألفين و775 دولارا في مارس/آذار 2019، كما ارتفعت أيضا أسعار الشحن إلى الساحل الغربي.
وخلص تحليل أجرته منصة الخدمات اللوجستية "بروجكت-44" إلى أن سفن الحاويات تواجه أوقات انتظار وتفريغ أطول في موانئ الساحل الغربي مقارنة مع أي مكان في الولايات المتحدة أو في أنحاء العالم.
ويقول المحللون إن موانئ الساحل الشرقي الأمريكي أكثر انكشافا على أي اضطرابات في قناة السويس من موانئ الساحل الغربي.
وقالت متحدثة باسم ميناء "نيويورك" و"نيوجيرسي" على الساحل الشرقي إنه ليس هناك تأثير حتى الآن لكن تجري متابعة الوضع عن كثب.
وقال آلن ميرفي الرئيس التنفيذي لشركة سي-إنتليجنس للتحليلات "استمرار الإغلاق (في قناة السويس) سيتسبب أيضا في تفاقم العجز العالمي الحالي في خدمات الحاويات، إذ من غير الممكن إعادة الحاويات العالقة مع السفن إلى آسيا لاستخدامها في شحنات جديدة".
وأضاف:" بالتالي قد يؤدي هذا إلى مزيد من الارتفاع في أسعار الشحن التي تبلغ بالفعل ذرى غير مسبوق، إذ يتسابق المصدرون للحصول على القليل المتبقي من الحاويات الفارغة".