العالم يترقب أزمة خطيرة بسبب حادثة قناة السويس.. ما هي؟
تحاول مصر، الخميس، إخراج ناقلة حاويات ضخمة جانحة تعطل منذ الأربعاء حركة الملاحة في قناة السويس، الممر التجاري الحيوي بين أوروبا وآسيا.
وقد يؤدي تعطيل حركة الملاحة بقناة السويس، لعرقلة الإمدادات، بعد تباطأ النقل البحري العالمي لأيام إضافية أو حتى أسابيع، كما تتزايد التوقعات بارتفاع أسعار السلع عالميا.
التجريف
وحسب رويترز، قالت هيئة قناة السويس، الخميس، إنها بحثت خيار التجريف حول سفينة الحاويات الضخمة الجانحة في الممر المائي خلال اجتماع مع فريق إنقاذ من شركة شميت سالفيدج الهولندية.
وأضافت الهيئة في بيان أن الجهود الحالية لتحرير السفينة تشمل جرافتين، و9 زوارق قطر، و4 حفارات على ضفة القناة.
عرقلة الإمدادات
قال أونج يي كونج، وزير النقل في سنغافورة، أكبر مركز لإعادة الشحن في العالم، الخميس، إن تعطل الملاحة بقناة السويس قد يعرقل مؤقتا الإمدادات إلى المنطقة.
وقال الوزير في منشور على فيسبوك "إذا حدث ذلك، ستصبح بعض عمليات السحب من المخزونات أمرا ضروريا".
وأضاف، أن "بي.إس.إيه"، المشغلة للموانئ في سنغافورة، قد تشهد ارتباكا في الجداول عندما تغير شركات الشحن مسارات الرحلات.
وقال "سوف يتعين عليها التخطيط مسبقا وضمان استمرار مضي العمليات بسلاسة".
زيادة أسعار السلع العالمية
هناك توقعات بارتفاع أسعار الناقلات والسلع بسبب الحادث، وبالتالي زيادة أسعار السلع العالمية، حسب ما يشير النائب الأول لأبحاث الأسهم بشركة الخدمات المالية جيفريز راندي جيفينز لأسوشيتد برس.
وأوضح أن مثل هذه الحوادث عادة ما تكون مفيدة لمالكي السفن والشحنات، إذ تؤدي إلى ارتفاع أسعار الناقلات والسلع الخام.
وتقدمت شركة شوي كيسن كيه كيه اليابانية المالكة للسفينة باعتذار اليوم عن تسببها في "قدر هائل من القلق"، مؤكدة أنها تعمل على حل الموقف، في بيان صحفي (باللغة اليابانية).
ومن المتوقع أن تتلقى الشركة مطالبات بالتعويض عن خسائر الإيرادات والأضرار التي لحقت بجسم بقناة السويس، وكذلك من سفن الشحن الأخرى التي تعطلت نتيجة الحادث، طبقا لما نقلته وكالة رويترز عن مصادر بالقطاع.
أيام وأسابيع
ووفقا لشركة "سميت سالفدج" الهولندية المكلفة من مجموعة "إيفرجرين مارين كورب" المشغلة للسفينة التي تتخذ من تايوان مقرا، للمساعدة في إخلاء السفينة، فإن العملية قد تستغرق "أياما أو حتى أسابيع".
وقالت الشركة المستأجرة لسفينة الحاويات الجانحة في قناة السويس المصرية، الخميس، إن فريقي إنقاذ محترفين من هولندا واليابان كلفا بالعمل مع السلطات المحلية لوضع خطة أكثر فعالية لإعادة تعويم السفينة العملاقة.
فريقا إنقاذ
وذكرت شركة "إيفر جرين" التايوانية أن الشركة مالكة السفينة عينت شركتي سميت سالفدج من هولندا ونيبون سالفدج من اليابان وسوف تعملان جنبا إلى جنب مع قبطان السفينة وهيئة قناة السويس لتنفيذ خطة تعويم السفينة العالقة.
وقالت الشركة في بيان "إيفر جرين لاين"، ستواصل التنسيق مع الشركة المالكة للسفينة وهيئة قناة السويس للتعامل مع الموقف بأقصى درجة من السرعة لضمان استئناف الرحلة في أسرع وقت ممكن وللتخفيف من وطأة تبعات الواقعة".
وتابعت قائلة "ولأن السفينة مؤجرة، فإن المسؤولية عن النفقات التي تتم خلال عملية استعادتها وحقوق الأطراف الثالثة وأي تكلفة لإصلاحات (إن وجدت) تقع على عاتق المالك".
حوت ثقيل
وجنحت سفينة الحاويات العملاقة "إيفر جيفن"، المملوكة لشركة شوي كيسن اليابانية، بسبب رياح قوية وعاصفة ترابية يوم الثلاثاء في الجزء الجنوبي من القناة مما أجبر هيئة قناة السويس على وقف الملاحة بينما تحاول زوارق قطر تعويمها.
وحسب وكالة فرانس برس، قال بيتر بيردوفسكي، المدير التنفيذي لشركة "رويال بوسكاليس" الشركة الأم للشركة الهولندية مساء الأربعاء "إنه حوت ثقيل جدا على الشاطئ، إذا جاز التعبير".
توقف الملاحة
والخميس، أعلنت هيئة قناة السويس تعليق حركة الملاحة "مؤقتا" حتى الانتهاء من تعويم ناقلة الحاويات الضخمة التي تعيق تدفق السفن منذ صباح الأربعاء.
وأعلن الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، تعليق حركة الملاحة بالقناة مؤقتاً، الخميس، لحين الانتهاء من أعمال تعويم سفينة الحاويات البنمية العملاقة EVER GIVEN الجانحة بالكيلو متر ١٥1 ترقيم قناة.
وأوضح أن حركة الملاحة بالقناة شهدت أمس الأربعاء، عبور ١٣ سفينة من بورسعيد ضمن قافلة الشمال كان من المستهدف إكمال مسيرتها في القناة وفقاً للتوقعات الخاصة بانتهاء إجراءات تعويم السفينة الجانحة.
إلا أنه مع تواصل أعمال تعويم السفينة كان لابد من التحرك وفق السيناريو البديل بالانتظار بمنطقة البحيرات الكبرى لحين استئناف حركة الملاحة بشكل كامل بعد تعويم السفينة.
انتظار عشرات السفن
وتظهر خريطة تفاعلية لموقع "فيسيلفاينادر" المتخصص بحركات السفن، أن عشرات السفن تنتظر عند جانبي القناة وفي منطقة الانتظار في وسطها.
وأبطأ الحادث الذي وقع ليل الثلاثاء، عمليات تسليم النفط وسلع تجارية أخرى.
وأسهم النبأ في ارتفاع أسعار النفط، الأربعاء.
وتحاول قاطرات أرسلتها هيئة قناة السويس إزاحة ناقلة الحاويات الضخمة منذ صباح الأربعاء.
من جهتها، أعلنت شركة "شوي كيسن كايشا" أنها المالكة لناقلة الحاويات الضخمة الجانحة في قناة السويس، وتواجه "صعوبة قصوى" في تعويمها.
ويتوقع أن يبطئ الحادث النقل البحري مدة أيام إلا أن التبعات الاقتصادية ستبقى محدودة مبدئيا في حال لم يطل الوضع، على ما أفاد خبراء.
مناورات دقيقة
وذكر بيورنار تونهوغن من مكتب "رايستاد" أن التبعات على الأسعار ستكون رهن فترة التعطيل موضحا لوكالة فرانس برس أنه "يرجح أن تكون الآثار ضعيفة وموقتة".
وأضاف "أما اذا استمر التعطيل لأيام قد يكون لذلك آثار أكبر على الأسعار ولفترة أطول".
وقال رانجيث راجا، المسؤول عن الأبحاث النفطية في شركة ريفينيتيف الأميركية للبيانات المالية، "لم نشهد مثيلا لهذا من قبل، لكن من المحتمل أن يستغرق الازدحام (...) عدة أيام أو أسابيع حتى يخف، حيث سيمتد تأثيرها على الشحنات الأخرى والجداول الزمنية والأسواق العالمية".
لكن الأوضاع الاقتصادية الحالية على خلفية الأزمة الصحية والقيود التي تعيق الانتعاش، لن تسهم في ارتفاع الأسعار حاليا.
وجنحت سفينة "إيفر جيفن" البالغ طولها 400 متر وعرضها 59 متراً وحمولتها الإجمالية 224 ألف طن، خلال رحلة من الصين متجهة إلى روتردام في الناحية الجنوبية للقناة، قرب مدينة السويس.
ويعقد حجم السفينة الضخم عمليات تعويمها كما قال جان ماري ميوسيك الأستاذ في جامعة بول فاليري في مونبولييه (جنوب شرق فرنسا) الأخصائي في النقل البحري.
وأضاف:" لهذه السفن غاطس كبير خصوصا أنها كانت محملة بكامل طاقاتها.. وتحت العارضة يكون مستوى الماء ضئيلاً" مؤكدا أن على السلطات أن تأخذ الوقت الضروري "للتحرك بشكل جيد".
وتابع:" يجب الحرص أيضا على عدم إلحاق الضرر ببنية السفينة في المناورات لتعويمها وتوزيع الجهود بعناية على طول هيكلها".
وأكد أن "خبرات الخدمات التقنية لهيئة القناة عالية" للقيام بعمليات كهذه.
وقالت شركة "برنارد شولته شيبمانجمنت" "بي أس أم" ومقرها في سنغافورة التي تشرف على الإدارة التقنية للسفينة أن أفراد الطاقم الخمسة والعشرين سالمون.. ولم تلحق أي أضرار أو تلوث بحمولة السفينة.
ورجح خبراء أن تكون رياح عاتية وراء الحادث.. وعزت هيئة القناة أيضا الحادث إلى انعدام الرؤية الناتجة عن سوء الأحوال الجوية نظرا لهبوب عاصفة رملية على البلاد.
أهمية قناة السويس
وافتتحت قناة السويس التي تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط في 1869. وأعلن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في 2015 مشروعا لتطوير القناة يهدف إلى تقليل فترات الانتظار ومضاعفة عدد السفن التي تستخدمها بحلول عام 2023.
ولهذه الغاية، كان المصريون حفروا في 2014 مجرى جديدا هو الذي علقت فيه سفينة الحاويات.
ويمر نحو 30% من حركة سفن الحاويات العالمية عبر قناة السويس يوميا، تحمل كل شيء من الوقود إلى السلع الاستهلاكية.
والطريق البديل الرئيسي للسفن المسافرة بين آسيا وأوروبا يمر حول قارة أفريقيا، ويستغرق أسبوعا إضافيا.
وتمر نحو 12% من التجارة العالمية عبر القناة، وهي مصدر أساسي للعملة الصعبة لمصر، وبلغت عائداتها 5.6 مليار دولار في 2020.