12 حالة اختناق في تونس إثر تسرب غازات من المصنع الكيميائي بقابس (خاص)

شهدت مدينة قابس جنوب شرق تونس موجة اختناقات جماعية دفعت السلطات إلى نقل عشرات الأشخاص إلى المستشفيات إثر تسرب غازات سامة من مصانع المجمع الكيميائي بالمنطقة الصناعية.
وقد تراوحت أعمار المتضررين بين 8 و43 سنة، ما استدعى التدخل العاجل لتلقي الإسعافات الطبية.
كما استقبل المستشفى الجامعي ثلاثة من عمال مصنع الحامض الفسفوري، تم نقلهم بواسطة سيارات الدفاع المدني، بعد تعرضهم لمخاطر مباشرة جراء التسرب.
في هذا السياق، عقد والي قابس رضوان النصيبي اجتماعاً ضم عدداً من المسؤولين عن المؤسسات الصناعية وخبراء من الوكالة الوطنية لحماية المحيط للنظر في الخروقات البيئية المسجلة بالمنطقة، ولاسيما ما يتعلق بالتلوث الهوائي وتداعياته الصحية على السكان، وفق بيان صادر عن المحافظة الأربعاء/آذار.
وخلال الاجتماع، دُعيت المؤسسات الصناعية، وبالأخص الملوثة منها، إلى إعداد برامج تدخل سريعة وواقعية خلال أسبوعين، لضمان الالتزام بالمعايير البيئية المعمول بها. وأكد والي قابس أن هذه البرامج ستكون تحت متابعة دقيقة، وأن المؤسسات ملزمة بتحمل مسؤوليتها كاملة وعدم تجاوز الحدود المقررة للانبعاثات والتلوث.
مدينة غنوش كانت قد سجلت الأربعاء/آذار الماضي أكثر من ثلاثين حالة اختناق نتيجة انبعاث الغازات من المنطقة الصناعية، الأمر الذي استدعى نقل المصابين إلى مركز الصحة الأساسية لتلقي الإسعافات.
من جانبه، أفاد حلمي بن عبد الله، أحد سكان غنوش، بأن الوضع أصبح لا يُطاق، مشيراً إلى أن المدينة تعاني من نقص كبير في الهواء النقي. وأضاف أن الأمراض المزمنة، بما فيها السرطانات الخبيثة وأمراض الجهاز التنفسي مثل ضيق التنفس، أصبحت منتشرة بين السكان، كما يعتمد مئات الأطفال على أجهزة استنشاق الربو، إضافة إلى الأمراض الجلدية وهشاشة العظام.
وحلل الخبير البيئي عادل بن سليمان أسباب الاختناقات، موضحاً أن تسرب ثاني أكسيد الكبريت من مصنع الحامض الفسفوري تسبب في صعوبة التنفس للسكان القريبين من المصنع. وأكد ضرورة تحسين جودة الهواء بمحافظة قابس، مشيراً إلى أن المدينة كانت واحة ساحلية جميلة قبل إنشاء المصنع في سبعينات القرن الماضي.
وأضاف بن سليمان أن معاناة قابس ستستمر بسبب تعطل مشاريع تحسين غسل غازات الأمونيا المنبعثة من وحدتي إنتاج السماد، والتي انطلقت في الثلاثية الأخيرة من 2014، ومشروع الحد من انبعاث غاز أكسيد الأزوت من وحدة إنتاج الحامض النتريكي، الذي وقع توقيع عقد إنجازه في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 ولم يتم تشغيله حتى اليوم رغم تركيز التجهيزات. ودعا إلى نقل المجمع الكيميائي بعيداً عن المناطق السكنية المكتظة بالسكان.
ويشكل المجمع الكيميائي في قابس مصدر تلوث بيئي كبير منذ تأسيسه عام 1972، إذ أدى تسرب الغازات إلى أضرار جسيمة للحياة البرية والبحرية، وتصاعدت معه نسب الإصابة بالأمراض السرطانية بين السكان. كما يتم ضخ إفرازات مادة "الفوسفوجبس"، وهي بقايا الفوسفات المعالج في المجمع بعد جلبه من مدينة قفصة، مباشرة في البحر المتوسط، ما يزيد الأعباء البيئية على المنطقة.
ورغم محاولات السلطات التونسية المستمرة خلال السنوات الماضية لإيجاد حلول لمخاطر التلوث في منطقة شط السلام، فإن هذه الجهود لم تحقق النجاح المرجو، ليظل أهالي قابس يعيشون تحت وطأة تلوث طويل الأمد يهدد صحتهم وجودة حياتهم اليومية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAg جزيرة ام اند امز