رهان إغراء باسيل.. مناورة حزب الله لتمرير فرنجية رئيسا
في مناورة لغوية قدم حسن نصر الله سليمان فرنجية كـ"مرشح مدعوم من حزب الله" لرئاسة لبنان، مشددا في الوقت نفسه على أنه ليس "مرشح الحزب".
تلاعب لفظي يسعى لتأمين مساحة آمنة تتيح تسويق فرنجية على الساحتين الداخلية والإقليمية، لكن مراقبين يعتقدون أنها محاولة يائسة، تعتمد على خبرة حزب الله في تنفيذ تكتيك الهروب إلى الأمام، بإلقاء تهمة التعطيل على عاتق خصومه.
وبعد 11 جلسة من التصويت بـ"الورقة البيضاء"، باتت أزمة الشغور الرئاسي بلبنان أمام منعطف جديد بعد أن قطع حزب الله الطريق على تفاهمات الغرف المغلقة، طارحا اسم زعيم تيار المردة سليمان فرنجية (57 عاما) علنا ليلتحق بحركة أمل التي أعلنت الموقف نفسه السبت الماضي.
إلا أن ذلك الإعلان تسبب في الكثير من الأزمات في الداخل اللبناني، وبات مؤشرًا على مرحلة جديدة من "الانسداد السياسي"، بحسب حزب القوات اللبنانية (الكتلة النيابية الأكبر بمجلس النواب).
وكان الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، أعلن يوم الإثنين، دعم حزبه ترشيح النائب والوزير السابق سليمان فرنجية، في الانتخابات الرئاسية، مشيرا إلى أن "لبنان بحاجة للتهدئة والحوار والتواصل، وإلا علينا التعايش مع الفراغ الرئاسي".
وقال نصرالله في كلمة ألقاها عبر الشاشة خلال احتفال حزبي: "نعتبر أن المواصفات الذي نأخذها في الاعتبار موجودة في شخصه هو سليمان فرنجية"، مشددا: "نريد جدياً انتخاب رئيس للجمهورية ولا نريد الفراغ".
إلا أن تلك التصريحات لم ترق لحزب القوات اللبنانية (الكتلة النيابية الأكبر بمجلس النواب)، الذي قال إن حزب الله انتقل بعد هذا الترشيح إلى مرحلة "الانسداد السياسي"، في ظل انعدام فرص وصول فرنجية إلى المنصب الرفيع.
كما يصطدم موقف الحزب الموالي لإيران بفيتو حليفه التيار الوطني الحر الذي أعلن في وقت سابق رفضه القاطع لترشح فرنجية ما يعني إن نصرالله قرر أن يأخد المواجهة مع حليفه إلى ساحة المواجهة المباشرة لينهي المشهد السياسي القائم منذ سنوات في البلاد.
لكن هل يعتبر فرنجية مرشحًا لحزب الله؟
عضو تكتل "الجمهورية القوية" (التكتل النيابي لحزب القوات)، النائب غياث يزبك، يقول في حديث إذاعي، إن "حسن نصرالله قام بتسمية سليمان فرنجية ولم يقل إنه مرشح الحزب، بل قال إنه المرشح المدعوم من الحزب؛ بغرض تمرير اسم الأخير ضمن معادلة السجال السياسي القائم".
واعتبر يزبك، محاولة حزب الله "يائسة"، مضيفًا: "بشكلٍ جازم، انتقل حزب الله بعد هذا الترشيح إلى مرحلة الانسداد السياسي، لا سيما مع انعدام فرص وصول فرنجية"، مشيرًا إلى أن "نصرالله أبلغ رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بأنه لا قدرة على فرضه على الآخرين، وأنه ليس سيد المرحلة الحالية".
ماذا يعني دعم حزب الله لفرنجية؟
يقول مراقبون، إن ترشيح حزب الله لرئيس تيار المردة، يقضي على آمال الأخير بأن يحظى بأي تأييد خارجي لترشيحه، لا سيما إقليميا، بعد تسميته كمرشح مدعوم من محور إيران وحلفائها للرئاسة اللبنانية.
وأكد المراقبون، أن الإعلان عن اسم رئيس تيار المردة مرشحًا مدعوما من حزب الله، يعني استمرار الدوران في الحلقة المفرغة، مشيرين إلى أن الثنائي الشيعي لم يؤمّن حتى الساعة 65 صوتا لفرنجية.
وحول تخلي حزب الله عن حليفه النائب جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر، قال الخبير الاستراتيجي اللبناني خالد حمادة، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن الحزب لم يرشح يوما باسيل؛ لأنه يدرك الصعوبات الداخلية لتسويقه، إضافة إلى العقوبات الخارجية بحقه".
وأوضح الخبير الاستراتيجي: "باسيل ليس مرشحا للحزب، بل هو حليفه والشخصية المسيحية التي يركن إليها للاختراق وتمرير ما يريده"، مشيرًا إلى أن "التحالف بين التيار وحزب الله، يستند لثوابت من الصعب التخلي عنها، فهما يتعاونان في الانتخابات وفي المجلس النيابي، ويتبادلان الأدوار في مواجهة خصومهما".
معادلة الرئاسة
وتوقع الخبير الاستراتيجي اللبناني، استمرار التحالف بين حزب الله وباسيل، مشيرًا إلى أن الأخير سيكون في قلب المعادلة الرئاسية؛ كون هناك "تسوية ما ستجرى بين التيار الوطني الحر وحزب الله، تقضي بموافقة رئيس التيار الوطني الحر على القبول بفرنجيه، مقابل إغراءات لباسيل بمكاسب سياسية، وحقائب وزارية في الحكومة المقبلة، حال فوز رئيس تيار المردة"، حسب قوله.
وحول إمكانية تلاقي التيار الوطني الحر مع حزب القوات اللبنانية في الملف الرئاسي، قال الخبير الاستراتيجي: لا أرى ذلك، بسبب الخلافات التاريخية بينهما، واعتماد باسيل على خطاب معاد للقوات"، مشيرًا إلى أن "هناك أزمة كبيرة في ظل عدم هضم مكونات داخلية لفرنجيه كمرشح رئاسي".
وبعد إعلان حزب الله دعم فرنجيه، بات هو المرشح الثاني للرئاسة بعد النائب ميشال معوض، الذي أعلن خوضه السباق الرئاسي، فيما يصفه "حزب الله" بمرشح "تحد".
ولا يملك "معوض" و"فرنجية" اللذين ينحدران من منطقة زغرتا ذات الغالبية المسيحية المارونية في شمال لبنان، حتى الآن الأكثرية النيابية اللازمة لضمان وصول أي منهما لسدة الرئاسة.
وما زالت قوى معارضة عند تمسكها بترشيح النائب ميشال معوض، وهو ما بدا واضحا في الجلسات السابقة بحصوله على تأييد عدد من الكتل النيابية لأحزاب؛ "القوات اللبنانية"، و"الكتائب اللبنانية" و"الحزب التقدمي الاشتراكي" بزعامة الزعيم وليد جنبلاط وبعض المستقلين.
aXA6IDMuMTcuMTgxLjEyMiA= جزيرة ام اند امز