الصيف وفيروس كورونا.. تحجيم لا قتل
خريطة الإصابات في العالم تشير إلى تباين واضح في عدد الإصابات بالفيروس بين الدول التي تشهد درجات حرارة مرتفعة، وتلك التي تسجل درجات أقل.
منذ بدأت جائحة فيروس كورونا المستجد، أو ما بات يعرف بـ"كوفيد- 19"، والسؤال الذي يتردد دوماً: هل يقضي الصيف على الفيروس؟
وبدأ هذا السؤال يُطرَح منذ منتصف فبراير/شباط، بعد تقرير نشره موقع "أكيو ويذر"، التابع لشركة أمريكية تقدم خدمات التنبؤ بالطقس في جميع أنحاء العالم، توقع خلاله الخبراء قضاء الصيف على الفيروس.
ومنحت تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب كرر فيها ما جاء بالتقرير، الحديث عن تأثير الصيف على الفيروس زخماً كبيراً.
وأشارت منظمة الصحة العالمية، في أكثر من مناسبة، إلى عدم وجود علاقة بين قدوم الصيف وانحسار الفيروس، لأن درجة حرارة الإنسان ثابتة لا تتغير بين الصيف والشتاء، ومن ثم فإنَّه ليس هناك دليل علمي على أن الصيف يكبح الفيروس، فضلاً عن أن الدول ذات الطقس الحار أبلغت عن حالات إصابة.
ورغم حرص المنظمة على نفي وجود علاقة بين الحرارة والفيروس، فإن خريطة الإصابات في العالم تشير إلى تباين واضح في عدد الحالات بين الدول التي تشهد درجات حرارة مرتفعة، وتلك التي تسجل درجات حرارة أقل، وهو ما قد يرجح كفة الآراء التي تزعم وجود تأثير للصيف.
وتكشف أحدث إحصائيات منظمة الصحة العالمية حتى مساء الإثنين عن تباين واضح في إجمالي الإصابات بالقارة الأفريقية ذات درجات الحرارة المرتفعة ودولة إيطاليا على سبيل المثال.
وداخل القارة الأفريقية نفسها هناك تباين بين الدول ذات درجات الحرارة المرتفعة وتلك الأقل ارتفاعاً.
وسجلت دول أفريقيا مجتمعة 10 آلاف و268 إصابة، فيما وصل إجمالي الإصابات في إيطاليا وحدها إلى 132 ألفاً و547 إصابة، وداخل القارة الأفريقية، كان هناك تباين واضح في درجات الحرارة بين الدول الثلاث الأعلى في معدل الإصابات، وهي: جنوب أفريقيا والجزائر ومصر، والدول الأقل وهي: جنوب السودان وجامبيا وموريتانيا.
ووفق أحدث الإحصائيات، فإنَّ عدد الإصابات في الدول الثلاث الأعلى بالقارة الأفريقية وصل إلى 1749 إصابة بجنوب أفريقيا، و1423 في الجزائر، و1322 في مصر، فيما كانت درجات الحرارة اليوم بالدول الثلاث 22 و17 و23 درجة على الترتيب.
وفي المقابل، كان عدد الإصابات في الدول الثلاث الأقل عبارة عن إصابة واحدة بجنوب السودان، و4 في جامبيا، و6 في موريتانيا، فيما كانت درجات الحرارة اليوم بالدول الثلاث 36 و36 و34 درجة على الترتيب.
ويشير تحليل هذه الأرقام إلى أنَّ درجات الحرارة وإن كانت لا تقضي نهائياً على الفيروس، لكنها تساعد في تحجيمه على الأقل، وهو ما يؤكده الدكتور محمد مدحت أستاذ الميكروبيولوجي بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا في مصر.
ويقول مدحت لـ"العين الإخبارية": "رغم عدم وجود دراسة علمية على الفيروس الجديد تختبر تأثير درجات الحرارة عليه، فإن الخبرة السابقة مع الفيروسات الأخرى تقول إنَّ درجة الحرارة سيكون لها تأثير فعال في تقليل فترة بقائه على الأسطح، لتصبح دقائق معدودة بدلاً من ساعات، وهذا يقلل من فرص العدوى به".
ويرجح أستاذ الميكروبيولوجي أن تؤدي الأشعة فوق البنفسجية القادمة من الشمس إلى التأثير على الغلاف الدهني للفيروس، بما يؤدي إلى القضاء عليه، ولكن تظل فرصة العدوى به قائمة في حال أصيب به أحد الأشخاص، خلال فترة وجوده المحدودة على الأسطح خلال فصل الصيف.
ويضيف: "درجة حرارة الإنسان لا تتغير صيفاً أو شتاء، ولذلك فإن انتقال الفيروس من شخص إلى آخر لن يتغير خلال فصل الصيف، إلا مع الوصول لمرحلة (مناعة القطيع) بعد فترة من الزمن، ولكن الصيف يقلل من فرصة العدوى به، بسبب قلة فترة وجوده على الأسطح".
ويصل المجتمع لـ"مناعة القطيع" مع وجود لقاح ضد الفيروس يعطي مناعة لعدد كبير من المواطنين أو إصابة عدد من المواطنين به وتكوين مناعة ضده، تكون حائط صد لمنع انتقاله من شخص إلى آخر.
ويتفق الدكتور علي محمد زكي أستاذ الميكروبيولوجي في جامعة عين شمس مع الرأي السابق، في أن احتمالات تأثير الصيف على وجود الفيروس على الأسطح كبيرة، ولكنه يؤكد أن القطع بهذا الأمر يحتاج إلى الانتظار بعض الوقت.
ويقول زكي، الذي اكتشف فيروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس) أثناء عمله بالسعودية عام 2012: "فيروس سارس وهو من عائلة كورونا توقف مع فصل الصيف، ولكن خبرتي مع فيروس (ميرس) تجعلني لا أحبذ القطع بتأثير الصيف، لأني عزلت هذا الفيروس من مريض في شهر يونيو وكانت درجة الحرارة وقتها 40 درجة مئوية".
ويضيف: "علينا الانتظار لاستكشاف سلوك الفيروس عبر دراسة علمية أو بالتجربة العملية خلال الصيف المقبل".