رحلة الأولمبياد.. من بلاد الإغريق إلى ملاعب العالم
يستعد العالم بأسره لانطلاق النسخة الجديدة من دورة الألعاب الأولمبية "أولمبياد طوكيو 2020"، والتي تقام في الفترة من 23 يوليو/تموز إلى 8 أغسطس/آب.
وكان مقررا أن يقام أولمبياد طوكيو في العام الماضي، وتم تأجيله بسبب تداعيات تفشي جائحة كورونا حول العالم.
وفي السطور التالية تلقي "العين الرياضية" الضوء على تاريخ الألعاب الأولمبية الصيفية منذ نشأتها في بلاد الإغريق -اليونان حاليا- وحتى وقتنا الحالي.
احتفال ديني
ارتبطت الألعاب الأولمبية بالمعتقدات الدينية للإغريق، واقتبست اسمها من جبل "الأولمبوس" الذي كانوا يعتقدون أن آلهتهم يسكنونه.
ظهرت منافسات الألعاب الأولمبية للنور في القرن السادس قبل الميلاد، وتنافس بها عدد من ممثلي مدن اليونان القديمة على شرف الإله زيوس، وتضمنت المنافسات العديد من ألعاب القوى مثل الملاكمة والجري والمصارعة.
كان الأولمبياد الإغريقي أيضا يقام كل 4 سنوات مثلما يحدث في الوقت الحالي، حتى قرر الإمبراطور الروماني المسيحي ثيودوسيوس الأول إلغائه باعتباره حدث وثني.
إحياء فكرة الأولمبياد
في عام 1894 تأسست اللجنة الأولمبية الدولية على يد المؤرخ الفرنسي بيير دي كوبرتان، وكان يسعى وقتها لتعزيز التفاهم الدولي من خلال المنافسة الرياضية.
باعتبار أن اليونان القديمة هي موطن الألعاب الأولمبية، كان ينظر إلى أثينا على أنها الخيار المناسب لتنظيم دورة الألعاب الأولمبية الأولى، وبالفعل تم اختيارها بالإجماع كمدينة مضيفة خلال مؤتمر نظمه دي كوبرتان في باريس.
وبعد عامين فقط من تأسيس اللجنة الأولمبية أقيمت الدورة الأولى للألعاب الأولمبية بملعب باناثينايكو في أثينا، وشارك بها 245 رياضي -جميعهم من الرجال- من 14 دولة، بينهم أكثر من 200 رياضي يوناني، وكان أكبر حدث رياضي متعدد الجنسيات في ذلك الوقت.
وعلى الرغم من الحضور اليوناني الطاغي بالنسخة الأولى من الأولمبياد في العصر الحديث، احتلت الولايات المتحدة الأمريكية صدارة الدول الحاصلة على ميداليات في تلك الدور بواقع 11 ميدالية مقابل 10 لليونان.
حققت الدورة الأولى نجاحا كبيرا، وكان المسؤولون اليونانيون والجمهور متحمسين لتجربة استضافة الألعاب الأولمبية، وكذلك الرياضيين المشاركين من خارج اليونان، حتى أنهم طالبوا بأن تكون أثينا المدينة المضيفة للأولمبياد بشكل دائم، لكن اللجنة الأولمبية الدولية فضلت أن يتم نقل الألعاب اللاحقة إلى مدن مضيفة مختلفة حول العالم.
النساء والأولمبياد
بعد 4 سنوات أقيمت النسخة الثانية من الأولمبياد عام 1900 في باريس، وشارك بها أكثر من 4 أضعاف عدد الرياضيين، بما في ذلك 20 سيدة.
أحدث أولمبياد باريس في 1900 حالة من الجدل، فبعدما استمرت النسخة الأولى أسبوعين تقريبا في شهر أبريل/نيسان، تم دمج دورة الألعاب الأولمبية مع معرض باريس العالمي، واستمرت أكثر من 5 أشهر بين شهري مايو/أيار وأكتوبر/تشرين الأول.
أثبتت فكرة الأولمبياد نجاحها بعدما تحقق في أول نسختين، واستمر تنظيمها بشكل دوري كل 4 سنوات حتى توقفت في 1916 بسبب الحرب العالمية الأولى، وعادت مرة أخرى في 1920، ثم أُلغيت في 1940 و1944 بسبب الحرب العالمية الثانية.
وبرغم تأثر النسخ التي أقيمت في عقدي العشرينات والثلاثينات بظروف الحرب والكساد العظيم، فإن نسخة 1928 في أمستردام شهدت حدثا تاريخيا بعد السماح لشركة "كوكاكولا" برعاية الحدث.
ومرت الألعاب الأولمبية بمحطة تاريخية جديدة في نسخة 1964 في طوكيو، حيث أصبح أول أولمبياد تتم إذاعة منافساته على شاشات التليفزيون.
السماح بمشاركة المحترفين في الأولمبياد
فكرة الأولمبياد كانت قائمة على تنافس اللاعبين الهواة، وكان الرياضيين المحترفين الذين يتربحون من رياضتهم ممنوعين من المشاركة بها.
لكن بمرور الوقت أصبحت فكرة السماح للهواة عتيقة وغير مجدية، خاصة بعدما أصبح الخط الفاصل بين الهواة والمحترفين غير واضح، بجانب اختلاف المفاهيم المتعلقة بتوزيع الثروة بين النموذجين الرأسمالي والاشتراكي.
كذلك فإن العديد من الدول، وعلى رأسها الاتحاد السوفييتي، كانت تتحايل على فكرة الاحتراف، فتتولى رعاية الرياضيين وتوفير كافة احتياجاتهم ومنحهم أموال تحت مسمى "بدل تفرغ"، من أجل تجهيزهم للحصول على ميداليات أولمبية.
كذلك أدركت اللجنة الأولمبية الدولية أن السماح بالرعاية والإعلان والمصالح التجارية الأخرى يمكن أن يحول الألعاب الأولمبية إلى منجم ذهب يمكن أن يجتذب أفضل الرياضيين المحترفين الدوليين، لذا فلا يوجد مانع حقيقي لمنعهم من المشاركة.
وفي الوقت الحالي يسمح للرياضيين المحترفين بالمنافسة في الألعاب الأولمبية جنبا إلى جنب مع نظرائهم الهواة، وفي أولمبياد 2016 كانت الرابطة الدولية للملاكمة للهواة آخر هيئة رياضية تقرر السماح للمحترفين بالمنافسة في الأولمبياد.
تاريخ الألعاب
أغلب الرياضات التي يتم التنافس عليها في الأولمبياد تم اعتمادها في بدايات القرن الـ20، ولا يزال أغلبها ضمن جدول المنافسات حاليا، فيما تم إلغاء بعضها.
وتم اعتماد عدد من الألعاب بعد سنوات طويلة من انطلاق الأولمبياد، أبرزها الجودو (عام 1964)، وتنس الطاولة (عام 1998) والتايكوندو (عام 2000)، فيما يشهد أولمبياد طوكيو الظهور الأول للعبة الكاراتيه.
جدير بالذكر أن نجاح فكرة وأهداف الأولمبياد، تسببت بشكل مباشر أو غير مباشر في ظهور العديد من الأحداث الكروية المشابهة، على رأسها كأس العالم لكرة القدم الذي ينظمه الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، بناء على اقتراح من الفرنسي جول ريميه.
aXA6IDE4LjIxNi40Mi4xMjIg جزيرة ام اند امز