قمة الأديان بالفاتيكان توصي بتدشين حملة عالمية لحماية الأطفال
أعمال القمة شهدها قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، وشيخ الأزهر الشريف، فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب.
أوصى المجتمعون في قمة الأديان بالفاتيكان، الجمعة، بتدشين حملة عالمية للتثقيف حول طبيعة الاستغلال والاعتداء الجنسي على الأطفال عبر الإنترنت ومدى شدّته، والتدخل المبكر مع الجناة المحتملين قبل ارتكابهم للجريمة، بهدف حماية الأطفال من مثل هذه الجرائم.
جاء ذلك خلال البيان الختامي للقمة التي عقدت تحت عنوان "تعزيز كرامة الطفل في العالم الرقمي من الفكرة إلى التطبيق"، برعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ومشاركة الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الإماراتي، والتي اختتمت أعمالها، الجمعة.
وشهد أعمال القمة قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، وشيخ الأزهر الشريف، فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، وأكثر من 80 شخصية عالمية.
وتضمنت التوصيات "تشكيل فريق عمل معني بالبحث يضم بعضاً من كبار العلماء والباحثين في العالم في مجال الاعتداء الجنسي على الأطفال لإجراء بحوث تأسيسية حول الاعتداء الجنسي على الأطفال واستغلالهم عبر الإنترنت وخارجها، إضافة إلى ذلك سيتضمن هذا البحث فحص التأثيرات الصحية على الشباب لدى مشاهدتهم للمحتوى الإباحي والعنيف عبر الإنترنت".
كما أوصى البيان بإقامة مائدة مستديرة لصناعة الإنترنت لإعادة تحديد دور شركات التكنولوجيا، وتطبيق معايير جديدة، والعمل معاً لتطوير أدوات وتقنيات جديدة لمواجهة هذه المشكلات، إضافة إلى إقامة مائدة مستديرة بين الأديان لإشراك الأفراد من جميع الأديان وإبقائهم على اطلاع ومعرفة، وإطلاق حملة توعية على صعيد القواعد الشعبية لتعزيز حماية الأطفال عبر الإنترنت.
وشملت التوصيات إقامة مائدة مستديرة حول خدمات الضحايا، بحيث تضم خبراء في تحديد هوية الضحايا وعلاجهم لتعزيز تنفيذ نهج يركز على الضحايا، أحد العناصر الرئيسية في هذا الهدف هو تحسين التعرف على الضحايا من الأطفال وتحديد هويتهم، لضمان تقديم المساعدة للأعداد الهائلة من ضحايا الإيذاء والاستغلال الخفيين في عالمنا الرقمي.
وخرج المجتمعون بضرورة العمل بإجراءات عملية وفاعلة تعزز جهود حماية الأطفال وكرامتهم عبر العالم الرقمي وتمتين التشريعات القانونية، وتحسين وتطوير سبل الحماية التقنية وزيادة التعاون وتبادل المعلومات والوسائل بين جميع المؤسسات والهيئات والشركات بين القطاعين العام والخاص وتشكيل فرق عمل معنية ومتخصصة لمتابعة الإجراءات العملية وزيادة الوعي بالمخاطر الرقمية وجعل الوقاية في مقدمة الأولويات.
وشهد الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، افتتاح الجلسة الثالثة في اليوم الثاني والتي تحدَّث فيها ضيف الشرف شيخ الأزهر الشريف فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، بحضور دولي كبير من بينهم الملكة السويدية سيلفيا.
وأكد شيخ الأزهر، في كلمته، الجانب الإيجابي للتكنولوجيا الرقمية، الذي قدم للإنسانية خدمات كبرى ومصالح هائلة، وأهمها توفير فرص التعلم للأطفال المحرومين من هذه النعمة بسبب ما ابتُلِيت به بلادهم من صراعات وحروب وفقر ومجاعات وهجرات قسرية.
ووجه شكره للمنظمات والمبادرات الحكومية والأهلية التي وظفت الوسائط الإلكترونية في إنقاذ هؤلاء الأطفالِ من براثن الجهل والأمية في القرنِ الـ21.
وأوضح أن المشكلة هي أن التقدم العلمي اليوم هو سـلاح ذو حدين، يصعب فيه فرز الأفضل لتطبيقه، واستبعاد الأسوأ لتجنبه.
وقال إن الحل يكمن في عودة مسؤولية الأُسرة عن الطفل، ومراقبتها للأطفال، وحقها في التوجيه والتأديب والتهذيب، وألا يعد شيء من ذلك ضربا من ضروب العنف تمارسه الأسرة ضد الطفل، فحماية الطفل من الأوبئة والأمراض الخلقية أوجب وألزم بكثير من دعاوى حق الطفل في حريات لا محدودة تقدمه لقمة سائغة لأمراض أعنف وأشد فتكا.
وشدد على ضرورة التذكير الدائم بالآثار التدميرية لثورة التكنولوجيا الرقمية، ومواصلة طرح هذه القضايا على طاولات النقاش في المؤسسات الدِّينية أولا، ثم في مؤسسات التعليم، وفي البرامجِ والمقررات التعليمية وبخاصة في مراحلِه الأولى، وكذلك في المنظمات الحكومية والأهلية وفي مقدمتها: منظمة الأمم المتحدة واليونيسكو، وغيرها، وأن تكون لكرامة الطفل أولوية وأهمية قصوى في الاتفاقيات الدولية الخاصة بالطفلِ.
وفي ختام كلمته أكد ضرورة أن تُراعى في صياغة حقوق الطفل ثوابت الثقافات الأخرى وبخاصة: الثقافات الشرقية التي تحفل بالأديان، وتنزلها منزلة عليا من الاحترام والتقديس منذ آلاف السنين، داعيًا إلى عقد مؤتمر لمناقشة هذه القضية، والأخذ في الاعتبار مبدأ احترام الحضارات.
وتناولت القمة عبر جلساتها خلال يومي 14 و15 نوفمبر/تشرين الثاني عدداً من المحاور، أبرزها، مفهوم كرامة الطفل في العالم الرقمي، والإجراءات اللازم اتخاذها من الشركات والمنظمات غير الحكومية للحد من الاعتداء الجنسي على الأطفال واستغلالهم عبر شبكة الإنترنت، والدور المنوط بقادة الأديان في حشد المجتمع الدولي لمكافحة هذه الظاهرة المستجدة.
وتعد هذه النسخة الثانية من أعمال قمة قادة الأديان من أجل تعزيز كرامة الطفل في العالم الرقمي، إذ أقيمت النسخة الأولى في عام 2017 بالعاصمة الإيطالية، والتي انتهت بـ"إعلان روما" الأخير، والذي دعا السياسيين وقادة الأديان والمنظمات المهتمة بشؤون الأطفال، للتعاون في بناء وعي عالمي من أجل حماية الأطفال من الاستغلال عبر الإنترنت، ونتج عنه ملتقى "تحالف الأديان من أجل أمن المجتمعات"، والذي أقيم في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، بالعاصمة الإماراتية أبوظبي، في حضور فضيلة الإمام الأكبر، شيخ الأزهر الشريف، وعدد كبير من قادة الأديان حول العالم.