بعد انتخاب إبراهيم رئيسي لرئاسة إيران أثيرت تكهنات بأن المرشد الأعلى علي خامنئي يهيئه ليكون خليفته، إلا أن محللين اعتبروا أن الواقع بعد عام تغير كثيرا رغم إشادات الأخير به.
فبعد مرور عام على إدارته، "تتصاعد الانتقادات بحق رئيسي ويبدو منفصلًا عن ملفات مهمة استغرقت معظم وقت أسلافه، وهذا يثير تساؤلات حول رصيده كمرشد أعلى"، بحسب تحليل أعده مدير السياسات في منظمة "متحدون ضد إيران النووية"، جيسون برودسكي، منشور بمجلة "ذا ناشيونال إنترست" الأمريكية.
وقال برودسكي في تحليله إنه "في الوقت الذي أصبح فيه رئيسي رئيسا، افترض العديد من المراقبين أنه وريث خامنئي بناء على سيرته الذاتية"، لافتا إلى أنه "المسؤول النادر في إيران الذي تولى قيادة فرعين بالحكومة خلال مسيرته المهنية -أولًا القضاء ثم الرئاسة- وستكون ترقيته بمثابة تذكير بمسار خامنئي من الرئاسة إلى منصب المرشد الأعلى".
لكن بعد مرور عام على وصوله إلى المنصب، أصبح من الواضح أن حقائب رئيسي السياسية المتزايدة تصبح عبئا، بحسب المصدر ذاته.
مشكلات اقتصادية وسياسية
انتقدت عناصر محافظة في المؤسسة السياسية الإيرانية، التي ينحدر منها رئيسي، أداءه على مدار العام الماضي، ويصفون حكومته بالضعيفة.
وبحسب المصدر ذاته، "يشكو الساسة المحافظون من أن رئيسي لا يفهم أساسيات الاقتصاد، وكانت هناك توترات متصاعدة بين رئيس البرلمان محمد باقري قاليباف والرئيس، حتى إن ناقدين آخرين لرئيسي مثل رئيس تحرير صحيفة "جمهوري إسلامي" طالب الرئيس بالاستقالة إذا لم يكن قادرا على حل المشكلات الاقتصادية".
كما "تبدو وعود رئيسي -بتوفير مليون وظيفة سنويا، والحد من التضخم، وبلوغ معدل إجمالي الناتج المحلي 8%- بعيدة المنال إلى حد كبير".
وبلغ معدل البطالة للإيرانيين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 إلى 35 نحو 16.6% خلال الربع الأول من التقويم الإيراني الحالي، ما يمثل زيادة بنسبة 1% على أساس سنوي.
وعلى مدار نفس الفترة، بالنسبة للإيرانيين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 فيما أكبر، كان معدل البطالة 9.2% - بزيادة 0.4% على أساس سنوي. أما التضخم، فبلغ ارتفاعات قياسية.
وفي الشهر التقويمي الإيراني المنتهي في 21 يونيو/حزيران، بلغ معدل التضخم الشهري 12.2%، بمعدل 52.5% على أساس نقطة إلى نقطة.
رئيسي بعيد ومهمش
وأوضح أنه "لم تحقق مغامرات رئيسي الخارجية أداءً أفضل، وخلال المناظرات الرئاسية في 2021، دعم رئيسي إعادة إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، ومنذ ذاك الحين ألزم نفسه بتحييد ورفع العقوبات، لكن قرار العودة إلى خطة العمل الشامل المشتركة ليس من اختصاصه".
وتقع السلطة النهائية في يد المرشد الأعلى، ليكون الرئيس هو المنفذ والمؤثر الهامشي لسياسات النظام الإيراني في هذا الشأن. وحتى الآن، لا يبدو خامنئي مهتما بالعودة إلى الاتفاق النووي بشروط معقولة.
وبالرغم من ذلك، اتخذ رئيسي نفسه نهجا عمليا أقل في التعامل مع الملف النووي من سلفه؛ ففي حين التقى الرئيس السابق حسن روحاني مع المدير العام لوكالة الطاقة الذرية خلال زياراته إلى طهران، لم يلتقه رئيسي.
وبدلا من ذلك، اعتمد رئيسي على نائبه ورئيس منظمة الطاقة الذرية، ووزير الخارجية، ونائبه الأول للتعامل مع تلك الاتصالات.
ومنذ عام 1989، لم يخرج أي رئيس في عهد خامنئي من منصبه سالما، لكن حتى الآن لم يعرب خامنئي علانية عن أي استياء من رئيسي، بل في الواقع، أشاد به مرارًا وتكرارًا.
ومن المحتمل أن يكون هذا أحد مظاهر محاولات رئيسي لضمان عدم وجود خلاف بينه وبين خامنئي، على عكس بعض أسلافه، مما يرجح أن رئيسي ربما يضع عينيه على الجائزة الكبرى بمنصب المرشد الأعلى.