نمو اقتصادي مستدام وانبعاثات تتقلص.. الإمارات نموذجاً
يبدو أن معادلة "أموال وثراء أكبر .. انبعاثات أكثر" تغيرت بالعصر الحالي على مسار التحول بقطاع الطاقة العالمي وبناء مستقبل أكثر استدامة.
تاريخياً، كانت الانبعاثات الكربونية مرتبطة بقوة بحجم الأموال التي نملكها، وينطبق هذا بشكل خاص على ذوي الدخل المنخفض إلى المتوسط. كلما كنا أكثر ثراء، كلما زاد انبعاث ثاني أكسيد الكربون، وذلك لأننا نستخدم المزيد من الطاقة -والتي غالباً ما تأتي من حرق الوقود الأحفوري. لكن؛ هذه العلاقة لم تعد صحيحة اليوم مع الدخول المرتفعة؛ حيث تمكنت العديد من البلدان مرتفعة الدخل من تحقيق النمو الاقتصادي، وفي الوقت ذاته خفض الانبعاثات.
في عام 2009، كان الفحم لا يزال خياراً جذاباً للبلدان التي تبحث عن الطاقة بأسعار معقولة، وكان متوسط تكاليفه أقل بكثير من مصادر الطاقة المتجددة. ولكن اليوم، أصبحت طاقة الرياح والطاقة الشمسية أرخص بكثير لكل وحدة طاقة. وفي بعض الأسواق، كانت تركيبات المعدات والألواح الجديدة لمشاريع الاستدامة كثيفة رأس المال أقل تكلفة من محطات الفحم القائمة.
فيما تستطيع البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل التحول إلى مسارات نمو منخفضة الانبعاثات الكربونية وقادرة على الصمود إذا استوفت الشروط الأساسية وبفضل المساندة الدولية.
وكان تقرير لمجموعة البنك الدولي، صدر في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أشار إلى أن استثمار 1.4% في المتوسط من إجمالي الناتج المحلي سنوياً يمكن أن يخفض الانبعاثات في البلدان النامية بنسبة 70% بحلول عام 2050 ، فضلاً عن تعزيز القدرة على الصمود في مواجهة الصدمات.
- الأسطح الشمسية والخضراء.. ثنائي متفاهم بمعركة المناخ في المدن
- مسار الطاقة المتجددة.. الإمارات بمصاف الدول الأكثر استهلاكا للطاقة الشمسية
الإمارات.. نموذج رائد بالتحول الأخضر
اليوم، دولة الإمارات التي تصنف من ضمن البلدان مرتفعة الدخل، أصبحت نموذجاً عالمياً رائداً ويحتذى به في التحول الأخضر وخفض الانبعاثات، بل وفي التميز الاقتصادي النوعي والتنافسي.
وفق بيانات "ميزانية الكربون العالمية لعام 2022" الصادرة عن البنك الدولي، وكذلك مؤسسة جابمايندر، والأمم المتحدة، تمكنت دولة الإمارات من تسريع وتيرة نموها الاقتصادي، ومضاعفة ناتجها الإجمالي المحلي، في حين انخفضت انبعاثاتها بنحو 19.91% بالنسبة إلى إنتاج الفرد الواحد في عام 2021.
وكانت وزارة التغير المناخي والبيئة الإماراتية، قد أعلنت في يوليو/تموز 2023، خارطة طريق شاملة لخفض الانبعاثات الكربونية بنسبة 40 بالمئة بحلول عام 2030 مقارنة مع سيناريو الوضع الاعتيادي للأعمال، وذلك بعد اعتماد مجلس الوزراء النسخة الثالثة من الإصدار الثاني لتقرير المساهمات المحددة وطنياً لدولة الإمارات.
المستهدف الحالي لخفض الانبعاثات عند 40% يعتبر تحسينا بنسبة 9% مقارنة بما ذكر في النسخة الثانية التي تم إصدارها عام 2022 حين كان المستهدف عند 31%.
وتبعاً لذلك، سيتم خفض صافي انبعاثات الغازات الدفيئة من مستوى 208 ملايين طن من مكافئ غاز ثاني أكسيد الكربون المٌعلن عنه في الإصدار المحدث للتقرير الثاني للمساهمات المحددة وطنياً في عام 2022 إلى 182 مليون طن من مكافئ غاز ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030. ويشكل ذلك انخفاضاً مطلقاً في انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 19% مقارنة بمستوى سنة الأساس 2019.