الوقود المستدام: بين مؤيد ومعارض؟ (حوار)
لماذا هناك بعض الجدل حول التزام بيليم X4 للوقود المستدام؟
دعا النص الختامي لمؤتمر الأطراف المعني بتغير المناخ في دورته الثامنة والعشرين (COP28)، والذي انعقد نهاية العام 2023 في إكسبو دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، إلى الانتقال التدريجي عن الوقود الأحفوري، وقد لقت هذه الدعوة قبولًا واسعًا؛ فلطالما نادى النشطاء البيئيين والعلماء بتعزيز الاستدامة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري المسؤول عن نسبة كبيرة الانبعاثات الدفيئة المتسببة في الاحتباس الحراري.
وخرج "تعهد مضاعفة الطاقة المتجددة 3 مرات" بحلول العام 2030، بهدف دعم الانتقال نحو مصادر الطاقة المتجددة، والوصول 11000 غيغاواط، وبالفعل وقعت على المعاهدة أكثر من 130 دولة، وقد شهد قطاع الطاقة المتجددة بالفعل تقدمًا ملحوظًا، وقد نمت قدرة الطاقة المتجددة العالمية في عام 2024 بنسبة 15.1%.
وفي أثناء فعاليات "مؤتمر الأطراف المعني بتغير المناخ في دورته الثلاثين" (COP30)، والذي اختُتم في يوم السبت الموافق 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، بعد مفاوضات دامت لأيام، اضطرت رئاسة المؤتمر لتأجيل اختتام المفاوضات بشكل رسمي بعد 27 ساعة من الموعد المحدد. أشار "سيمون ستيل"، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC)، إلى مصادر الطاقة المتجددة باعتبارها أرخص بكثير من الوقود الأحفوري الذي دارت حوله نقاشات وجدالات كثيرة في أثناء المفاوضات، ولم يخرج بنتائج مرضية بل أُجل الحوار حوله في كولومبيا في أبريل/نيسان 2026.
مع ذلك، أظهرت رئاسة المؤتمر اهتمامًا واضحًا بقطاع الطاقة، وخرج في أثناء فعاليات المؤتمر "التزام بيليم 4X للوقود المستدام"، والذي أثار جدلًا بين مؤيد ومعارض؛ فهل الوقود المستدام، سيكون وسيلة لدعم الانتقال بعيدًا عن الوقود الأحفوري كما خرج في إكسبو دبي قبل عامين؟ أم قد يفتح بابًا للاستغلال من الشركات الكبرى؟
وقود مستدام؟
على الرغم من أنّ كلاهما مصادر مستدامة للطاقة، ويساهمان في التقليل من انبعاثات الغازات الدفيئة، فإنّ هناك فروقات جوهرية بين مصادر الطاقة المتجددة والوقود المستدام؛ فمصادر الطاقة المتجددة هي الأكثر شيوعًا وتتجدد طبيعيًا ومستمرة، وهي: الشمس، الرياح، المياه، الكتلة الحيوية والحرارة الجوفية. أما الوقود المستدام؛ فهو مثل الإيثانول الحيوي، الديزل الحيوي، والغاز الحيوي، وغالبًا يتم الحصول عليه من الكتلة الحيوية. ويظل مستدامًا في حال إذا لم يتداخل إنتاجه مع إزالة الغابات ولم يؤثر على إنتاج الغذاء ولم يُهدر الموارد الطبيعية، وبشكل عام، يجب أن يُلبي إنتاج هذا النوع من الوقود معايير الاستدامة.
يقول الدكتور "جواد الخراز"، منسق مبادرة تيراميد لـ"العين الإخبارية: "بصفة عامة، يمكن للتوجه نحو الوقود المستدام أن يدعم التخفيف؛ إذ يوفر مصدرًا للطاقة وفي نفس الوقت يُقلل الانبعاثات الدفيئة، وقد يساهم أيضًا في التكيف عبر تعزيز الممارسات الزراعية المستدامة لإنتاج الوقود، ما يحافظ على التنوع البيولوجي والأمن الغذائي. من جانب آخر؛ فالوقود المستدام يساهم في تحقيق الانتقال العادل".
بين مؤيد ومعارض
يهدف التزام بيليم 4X للوقود المستدام إلى مضاعفة استخدام الوقود المستدام أربع مرات بحلول عام 2035 بناءً على عام 2024، بهدف تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة، ولتحقيق الانتقال العادل، وتوفير الطاقة النظيفة بدعم من إطار دولي وسياسي. مع ذلك، لاقى التعهد بعض التأييد من بعض الدول، على رأسها البرازيل -حاضنة الأمازون- ووقع على التعهد فقط 23 دولة في أثناء فعاليات COP30.
وهنا تجدر الإشارة إلى التحديات التي تواجه تحقيق التزام بيليم 4X للوقود المستدام؛ فقد رفض السكان الأصليون، وأعربت العديد من المنظمات الناشطة في مجالات البيئة والمناخ على رأسهم غرينبيس هذا التعهد، ويوضح الدكتور "جواد الخراز"، قائلًا لـ"العين الإخبارية: "لا يخلو الأمر من التحديات التي تتمثل في التمويل والتوافق الدولي، ويظل هذا الالتزام مثيرًا للجدل بسبب مخاوف المجتمع المدني والمجتمعات المحلية من استنزاف الموارد الطبيعية لصالح كبريات الشركات".
ويتابع الخراز في حديثه مع "العين الإخبارية"، قائلًا: "قد يؤدي الوقود المستدام إلى استخدام موارد طبيعية أو محاصيل زراعية، ما قد يُضر بالسكان المحليين، إذ قد يؤدي إلى استنزاف الموارد الطبيعية بشكل مبالغ فيه؛ فالموضوع قد أثار حساسية مجموعة من المنظمات البيئية والدولية والسكان الأصليين؛ خاصة إن غابات الأماوزون، تتقلص بشكل مخيف".
ويروي لنا ما شهده في أثناء حضوره COP30 في بيليم من احتجاجات للسكان الأصليين حول التعهد، قائلًا: "وفي أثناء الـ COP30، اقتحم السكان الأصليون مقر المؤتمر؛ تعبيرًا عن عدم رضاهم؛ لأن الموارد البيئية يتم استنزافها".
يرى الخراز أنّه "يجب أن تكون هناك ضمانات أكثر للسكان الأصليين، حتى لا يتم المساس بمواردهم الطبيعية لحساب الرأسمالية".