سياسة
خبراء عرب: حديث السويدان مناورة لا تعبر عن مراجعات صادقة
أكد خبراء ومحللون عرب أن تصريحات الداعية الإخواني طارق السويدان"مجرد أحاديث إعلامية لجس النبض، وتسجيل الحضور، دون مراجعات فكرية صادقة للإخوان".
كانت تصريحات للداعية الإخواني طارق السويدان، أثارت ضجة واسعة حول ثورات الربيع العربي، وتأكيده أنه "ليس مع الثورات".
وقال خبراء رغم أن تلك التصريحات ضربة جديدة من الداخل الإخواني الذي يعاني منذ أشهر من التناحر الداخلي بين جبهتين إحداهما في إسطنبول، والأخرى في لندن، قسم الإخوان، وفاقم ضعفها إلى حد كبير، إلا أنها مجرد أحاديث إعلامية.
حديث إعلامي
وقلل الدكتور طارق فهمي، الأكاديمي والمحلل السياسي، من قيمة تصريحات الداعية الإخواني، قائلا في حديث خاص لـ"العين الإخبارية" إن تصريحات السويدان مجرد أحاديث إعلامية، ولا تعد بشكل أو بآخر مراجعات إخوانية لمواقفهم.
وقال: "لا يعول كثيرا على تصريحات السويدان؛ لأنها مجرد تصريحات لجس نبض ومحاولة لعودتهم ومحاولة تسجيل حضورهم فى المشهد".
وتابع: "أغلب قادة الإخوان فعلوا هذا وليس طارق فقط، لكن الحديث الآن عن محاولة للعكوف على وجود مبررات لهذا الإطار، لكن أغلب قادة الإخوان قاموا بهذا ويحاولون.. تاريخهم إيجابي وسلبي، بالتالي هو الآن لا يمثل إلا نفسه".
وإزاء ذلك، رأى "فهمي" أنه "كان أجدر بقادة الجماعة والمحسوبين عليها الاعتذار وتقديم مراجعات دينية وفقهية مثلما فعلت الجماعة الإسلامية في مراحل معينة فى مصر، وأعلنوا توبتهم وعادوا إلى الوطن".
فهمي أكد أيضا أن "تصريحات السويدان يفهم منها أنها تصريحات صحفية وإعلامية لا تمثل شيئا بصورة أو بأخرى، ولا طائل منها".
يناقض نفسه
وبدوره، قال الدكتور هشام النجار، الخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إن تصريحات الداعية الكويتي التي يناقض فيها نفسه، جزء من معضلة التنظيم .
وأردف: "مواقف هذا الداعية وغيره من معتنقي الفكر الإخواني والمروجين له لا تنبنى على منهجية راسخة تتضمن الأبعاد الفكرية، والسياسية، والجيواستراتيجية للحدث".
ورأى الخبير المصري أن "هذا التيار بدعائه وقياداته ومنظريه لا ينظر أبعد من ظاهر الحدث وسطحه كونه مستغلا وموظفا من الجهات والأطراف المساهمة في صنع الأحداث وتحريكها لمصلحتها طمعا في كسب بعض المصالح الوهمية".
وأوضح: "هذا التيار أداة في يد أطراف خارجية، ولا يمتلك كوادر وعقولا مفكرة كبيرة لديها القدرة على التحليل السياسي والاستراتيجي وقراءة الأوضاع الدولية والإقليمية واستشراف المستقبل".
وواصل: هذا التيار أيضا غير قادر على القراءة المنطقية الصحيحة للحدث في حينه، ليس فقط حدث الثورات بل كل الأحداث الكبيرة التي شارك فيها الإخوان أو كانت طرفا فيها"
وتلك الأحداث، والحديث موصول للنجار، بداية من ثورة يوليو مرورا بأحداث حقبة السبعينيات إلى تأييد ثورة الخميني ومحاولة تقليدها واستنساخها في المنطقة العربية لتأسيس دولة "ملالي سنية إلى اغتيال الرئيس المصري الراحل أنور السادات، إلى كونهم كانوا مجرد أداة رخيصة في يد الغرب في الحرب الأفغانية لتحقيق مصالح أمريكية وغربية.
ووفقا لمراقبين، فإن تراجع السويدان عن مواقفه السابقة، يعد زلزالا جديدا في داخل جماعة الإخوان التي تعاني بالفعل انقساما وتناحرا داخليا غير مسبوق، يمهد لنهايتها.
القفز من المركب الغارق
ومن جانبه، اعتبر الخبير السوداني المختص في شؤون الجماعات الإرهابية، فتحي عثمان "مادبو" أن تصريحات الإخواني طارق السويدان حملت كثيرا من التناقضات وهي في سياقها العام بمثابة محاولة للقفز من مركب غارق.
وقال "مادبو" في حديثه لـ"العين الإخبارية" إن التنظيم الدولي للإخوان دعم بشكل صريح ما يسمى بـ"ثورات الربيع العربي" والتي من غرائب الأمور أتت بالتنظيم الإرهابي إلى سدة الحكم في كثير من البلدان التي نجحت فيها مثل تونس وليبيا ومصر".
وأضاف: "حاول السويدان الهروب من نقطة مهمة وهي، بعد وصول الإخوان للسلطة عبر تلك الثورات ومحاولتهم الاستئثار بالسلطة وتطبيق برنامجهم الأحادي المغلق غير القابل للتطبيق، اصطدموا بالمجتمعات ورفضتهم، فهو يحاول أن يلتف بذكاء على هذا الواقع ويبعد نفسه من دائرة التأييد لتلك الثورات ومآلاتها التي ما تزال مستمرة"
وتابع "الثورة ليست خطأ والحراك ضد الظلم شي مبرر وتدعو لها قيم السماء، ولكن الشي غير المحسوب له لدى تجربة الإخوان هو المآلات التي انتهى بها الربيع العربي لأن هذا التنظيم الإرهابي جاء للسلطة بشعارات فقط وليس له برامج أو خبرات في إدارة الدولة، ففشلوا في مصر وتونس وليبيا".
وشدد فتحي أن " تنظيم الإخوان لم يستطع التخلص من أيدلوجيته وحاول فرضها في دولة ينبغي أن تكون للجميع ما أدى لفشلهم وهي المآلات التي لا يريد هذا التنظيم الاعتراف بها، ويريد السويدان الهروب منها بتصريحاته المتناقضة".
هزة بالإخوان
أما المحلل السياسي السوداني أحمد حمدان، فيقول إن جماعة الإخوان الإرهابية لم تعد يوماً في تاريخها مساندة للثورات وتحرر الشعوب من الأنظمة الدكتاتورية، لكن وقفت مع ما يسمى بثورات الربيع العربي من أجل اتخاذها كمطية للوصول إلى الحكم ساعتها بعد فشلت تسويق مشروعها عبر الاستحقاقات الانتخابية وغيرها.
وأضاف "حمدان" في حديثه لـ"العين الإخبارية" أن "تصريحات السويدان تعكس رغبة بعض أجنحة التنظيم الإرهابي عن الثورة كوسيلة للوصول إلى كرسي السلطة عقب الفشل الذي لازمهم في هذه التجربة، بعد أن لفظتهم الشعوب بذات السلاح وهو ما حدث في مصر، وتونس وحتى السودان".
وتابع :"لم تمر هذه التصريحات دون أن تحدث هزة كبيرة في تنظيم الإخوان لما حملته من تناقض عكست النوايا الفعلية لهذه الجماعة التي ظلت تخادع الناس بوقوفها الى جانب الشعوب وحراكهم التحرري".
وشدد "ربما يريد الرجل أيضا تبرئة ساحته من المآلات السيئة لثورات الربيع العربي وما ألحقته من خراب في عدد من الدول، فبالتالي يحقق كسب سياسي شخصي على حساب جماعته الإرهابية، لكن هذه الفرضية أيضاً ستسهم في مزيد من تصدع التنظيم".
وقال السويدان في مقابلة مع إذاعة "هلا إف إم" العُمانية: "مع موجات الربيع العربي ومع كثرة الصخب الذي كان فيها، الكثير من آرائنا لم تصل للناس بشكل واضح".
وتابع "أنا أقولها بوضوح، لست مع الثورات، أنا أعتقد أن الثورات تؤدي إلى خراب وتؤدي إلى تدمير، وتؤدي إلى مصائب للشعوب، وبعد أي ثورة تمر الشعوب في المتوسط بـ13 سنة من عدم الاستقرار وهذا المتوسط بعض الدول أكثر وبعض الدول أقل..".
وأضاف: "بعض الناس كان يتصور أنني مع الثورات، لا نحن لسنا مع الثورات، نحن مع كرامة الشعوب مع حرية الشعوب مع احترامها مع حقوقها، الآن هذه الثورات حدثت وأنا ليس لي دور في صنعها وليس لي دور في دعمها ماليا أو بسلاح، ليس لي أي دور فيها.. لم أدخل في هذا إطلاقا..".
وأثارت تلك التصريحات حول ثورات الربيع العربي ضجة وتفاعلا على مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرين أنه يناقض نفسه بتلك التصريحات.
وكان "السويدان" قد أكد في تصريحات سابقة أن "من يقول من الدعاة عن الثورات أنها جحيم فهو لا يفقه ولا يعرف شيئا في فقه الثورات، وعلم الثورات".