مرشد سياحي سوري: آثار بلادي تحول معظمها لأنقاض
عماد يعيش الآن بركبة صناعية ولا يمكنه المشي سوى بعكاز، واضطر إلى الفرار من سوريا هو وعائلته بعدما أصبحت الحياة هناك خطيرة جدا.
تعتبر المناطق الأثرية السورية دليلا على اختلاف الثقافات والحضارات القديمة، ويشمل هذا التراث بعض المواقع العتيقة الأقدم في العالم التي تم بناؤها وحافظ عليها الأشخاص والإمبراطوريات على مدار القرون الماضية.
فضلا عن أن الآثار السورية شاهد على "من نحن كسوريين اليوم"، حسب أحد المرشدين السياحيين السوريين الذي يعتقد أن تلك الآثار جزء من هوية أي سوري، فهي تمثل حياته التي كانت ذات يوم جيدة وسعيدة.
كان يوم التراث العالمي الذي يحتفل فيه العالم في 18 إبريل من كل عام، سببا في تفكير المرشد السوري عماد نور الدين في العودة إلى حياته في سوريا ما قبل الحرب.
وفي مقال نشرته صحيفة "إندبندنت" البريطانية، قال عماد إنه يعمل في قطاع السياحة بسوريا منذ عقدين.
وأضاف أن مكتبه كان في قلب مدينة حمص، حيث كانت السياحة مزدهرة جدا ويزور سوريا آلاف الأشخاص سنويا. مضيفا: "نجعلهم يشاهدون سوريا القديمة والحديثة لنوضح لهم ما كانت عليه من قبل وما أصبحت عليه الآن، وكلاهما مهم جدا".
وفي دمشق، كان السياح يحبون المشي في شوارع المدينة القديمة وزيارة منطقة السوق الصاخبة. كما كانوا يحبون مشاهدة "الحكاواتي" أو القصاص التقليدي، الذي يروي حكايات قديمة.
أما في درعا، فكانوا يحبون زيارة مسرح البصري وهو مسرح روماني كبير قديم، وأحد الأماكن الأثرية التي تحتل قائمة الزيارات السياحية لأي شخص يزور سوريا. وفي حمص، يحب السياح زيارة قلعة حمص والعديد من المناطق الأثرية المهمة وتشمل الآثار الدينية.
لكن مدينة تدمر القديمة خارج حمص، كانت المفضلة لدى عماد. وقال عنها في مقاله: "لقد كانت منطقتي من حيث الخبرة. كانت المعابد والأعمدة والمسرح الروماني بعض المواقع المذهلة فقط". كانت دائما الأقرب إلى قلبي".
وأضاف: "كنت أشعر بالفخر عندما أجد أشخاص قادمين من دول عظيمة مثل بريطانيا، وتعجبهم بلدي. كانت هذه لحظات قيمة بالنسبة لي، لكن للأسف أصبحت مجرد ذكريات بالفعل".
وتابع عماد: "عندما اندلعت المعارك، علقت في وابل من النيران بينما أسير عائدا إلى المنزل من العمل، وأصيبت إحدى ركبتي برصاصة قناصة ولم أكن متأكدا ما إذا كنت سأنجو".
ويعيش عماد الآن بركبة صناعية ولا يمكنه المشي سوى بعكاز، واضطر إلى الفرار من سوريا هو وعائلته بعدما أصبحت الحياة هناك خطيرة جدا.
وتابع عماد أنه بعد شهور من الهرب إلى مصر، رأى مقاطع فيديو تظهر مدى الدمار الذي تعرض له الشارع الذي كان يعمل ويعيش فيه.
وأضاف: "رأيت مكتبي مدمرا. قضيت نصف حياتي تقريبا في ذلك المكتب. تحولت ذكرياتي وكل عملي الشاق حرفيا إلى أنقاض . لكن الخسارة البشرية كانت المأساة الأكبر التي لا يمكن وصفها بكلام، فضلا عن خسارة المواقع التراثية التي أصبح معظمها الآن مجرد أنقاض أيضا".
وقال عماد إن تنظيم "داعش" الإرهابي دمر مدينة تدمر والعديد من المدن السورية، دمروا الحاضر والماضي، وإن السوريين لم يتخيلوا أبدا أن بلدهم ستصبح ضحية لهذا الكره والدمار.
وبعدها تمكن عماد وعائلته من الحصول على فرصة حياة جديدة في بريطانيا، ويعيشون الآن في هيريفورد كجزء من خطة إعادة توطين الأشخاص الضعفاء في سوريا، ودعم جمعية Refugee Action ومجلس هيريفوردشاير.
واختتم عماد مقاله بقوله: "بينما يدخل الصراع في بلدي عامه الثامن، أحاول أن أفكر في الطرق التي يمكنني بها الحفاظ على ذكرياتي عن طريق التوثيق والمشاركة مع العالم. أرغب في التوصل إلى طرق يمكنني الاستمرار من خلالها تسليط الضوء على أهمية تاريخ وشعب سوريا. لقد فقدنا الكثير، لكن لا يزال لدينا الكثير لإظهاره للعالم والفخر به في سوريا. سوريا ليست "داعش" وليست حربا، أنها أكبر من ذلك بكثير".