قيادي بـ"قسد" يكشف لـ"العين الإخبارية" أطماع تركيا في الشمال السوري
ضبابية المشهد في الشمال السوري تثير الكثير من المخاوف مع تزايد أطماع تركيا وبقايا تنظيم "داعش"
مع اقتراب الأزمة السورية من عامها الـ9 لا تزال هناك ملفات عالقة ومناطق لا يتوقف فيها صوت الرصاص، على رأسها الشمال السوري، أكبر المتضررين من تشابك المصالح بين أطراف الصراع وتزايد مطامع النظام التركي.
وفي إدلب (شمال غرب سوريا) يصبح المشهد ضبابيا مع تصاعد الاشتباكات بين قوات النظام والمسلحين، وتهديد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باللجوء إلى عملية عسكرية إذا لم يحل الوضع سريعا، عقب إعلان الجيش السوري السيطرة على معرة النعمان المدينة الاستراتيجية في المعركة.
وقال مصطفى بالي، المتحدث باسم سوريا الديمقراطية، إن معطيات المعركة كافة تشير إلى وقوع إدلب " ضحية" صفقة تركية-روسية، تستهدف نزوح جميع سكانها، ما يصب في مصلحة أنقرة وأطماعها في الشمال السوري.
وادعى أردوغان تدفق اللاجئين إلى بلاده وخرق موسكو اتفاقية الهدنة، الأمر الذي كذبه الكرملين، معربا عن قلقه من دعم تركيا للمسلحين في إدلب.
وفي سبتمبر/أيلول 2018 وقعت موسكو وأنقرة على اتفاق "سوتشي"، الذي ينص على إقامة منطقة منزوعة السلاح ما بين 15-20 كم على طول خط التماس، وخضوعها لمراقبة روسية-تركية، إضافة إلى إخراج أنقرة جميع الفصائل المسلحة وعلى رأسها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا).
وأكد بالي في حوار مع "العين الإخبارية" أن النازحين ورقة ضغط تستغلها تركيا في المفاوضات مع الأطراف الأخرى، أو لتجنيدهم كمرتزقة لصالح عملياتها العسكرية بسوريا وخارجها.
وبلغ عدد سكان إدلب نحو 3.5 مليون نسمة، من بينهم 1.16 مليون نازح من المدن المجاورة منذ 2011.
ومنذ التصعيد العسكري في أكتوبر/تشرين الأول 2019 فرّ نحو 400 ألف شخص إلى الشمال السوري والحدود التركية، حسب إحصائيات منظمات محلية.
وتزداد أهمية إدلب لموقعها الاستراتيجي على الطريق الدولي الرابع بين (حلب-دمشق)، وتمركز 13 نقطة مراقبة تركية في المنطقة منزوعة السلاح.
كما أن سيطرة أي طرف من أطراف الصراع عليها تعني الاستحواذ على الطريق (حلب-حماة) الدولي.
حزام تركماني
"بدأنا العمل على تشييد المستوطنات، حيث يمكننا تسكين مئات الآلاف من الأشخاص"، عبارة أكد بها أردوغان تفعيل مخطط التغيير الديموغرافي على الشريط الحدودي التركي-السوري.
وأكد مصطفى بالي أن المخطط التركي الاستعماري في الشمال السوري دخل حيز التنفيذ بعمليات التغيير الديموغرافي وبناء المستوطنات.
وأوضح أن مدن تل أبيض ورأس العين وعفرين الأكثر تضررا من التغيير الديموغرافي الذي تقوم به أنقرة ضمن عدوانها على الشمال السوري.
وأضاف المتحدث باسم سوريا الديمقراطية "جلبت تركيا أكثر من 1500 عائلة لرأس العين، وأكثر من 700 عائلة إلى تل أبيض من تركمان الأيغور والعناصر الإرهابية من داعش وتنظيمات أخرى بدلا من السكان الأصليين، تنفيذا لمخطط تركي ببناء حزام تركماني داخل الشمال السوري".
وأشار إلى أن تركيا استهدفت المكون الكردي منذ غزوها عفرين في يناير/كانون الثاني 2018، منوها بأنها أصبحت تستهدف كامل التركيبة السكانية، بما فيها العرب داخل تل أبيض ورأس العين".
كما استنكر بالي ادعاءات أردوغان بأن هدف بناء المستوطنات إعادة اللاجئين إلى ديارهم.
الميثاق الملي
ومؤخرا أفصح الرئيس التركي عن نواياه لاحتلال الشمال السوري، وقال أردوغان "سنبقى في سوريا حتى تأمين حدودنا الجنوبية بشكل كامل، وقد نواصل التقدم أكثر".
واعتبر القيادي بسوريا الديمقراطية أن أنقرة أعلنت جهرا عن مطامعها، تحقيقا لما تسميه بـ"الميثاق الملي"، الذي يدعي الحقوق التركية في ولايتي حلب السورية والموصل العراقية، وفقا للمعايير العثمانية وليس وفقا لتقسيم المحافظات الإداري حاليا.
وفند الميثاق قائلا "حسب التفسير التركي حلب تضم مدن اللاذقية وإدلب والرقة والحسكة ودير الزور، وتضم الموصل مدن دهوك وكركوك وأربيل، وهي المزاعم التي سُخر لها الإعلام التركي لكسب تأييد الرأي العام وتبرير احتلال أردوغان مدن أعزاز وعفرين وتل أبيض وجرابلس ورأس العين".
ومنذ نحو قرن، أصدر قائد الجيش التركي مصطفى كمال أتاتورك "الميثاق الملي" بـ6 بنود باللغة التركية القديمة، ما يشكك في صحة هذا الميثاق لسرية المحتوى وصعوبة تفسيره.
تفسير أنقرة للبنود في عام 1920 أكد أن "مستقبل المناطق المحتلة ذات الأغلبية العربية بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى يحدد عبر الاستفتاء، بينما تخضع المناطق العربية غير المحتلة (إقليم كردستان وحلب والموصل) للنفوذ التركي.
وعن خريطة انتشار قوات سوريا الديمقراطية أشار بالي إلى تمركز القوات في مناطق التماس مع تركيا بمحاذاة مدينتي رأس العين وتل بيض، مؤكدا استمرار الأعمال العسكرية والمبادرات السياسية والدبلوماسية لتحرير المناطق من الغزو التركي.
وتصبح السياسة التركية الحالية امتدادا للفكر العثماني الاستعماري، ففي أكتوبر/تشرين الأول الماضي توغلت القوات التركية داخل شمال شرق سوريا، مرتكبة أبشع الجرائم بحق المدنيين والعسكريين.
وأكد بالي ارتكاب الجيش التركي جرائم حرب، باستخدامه أسلحة غير تقليدية ظهرت آثارها على الضحايا والجرحى.
وأردف "هذا العدوان نتج عنه أكثر من 300 ألف نازح من رأس العين وتل أبيض، تم توزيعهم على مخيمات ومدارس في الرقة والحسكة والقامشلي".
داعش إلى أين؟
مع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقتل أبوبكر البغدادي زعيم تنظيم "داعش" الإرهابي في الـ27 من أكتوبر/تشرين الأول بإدلب، في غارة جوية أمريكية، برز اسم سوريا الديمقراطية في العملية العسكرية.
ونجحت سوريا الديمقراطية في استهداف المساعد الأيمن للبغدادي الإرهابي "أبوالحسن المهاجر" والمتحدث باسم داعش، خلال ملاحقة واستهداف قياديات التنظيم في مدينة عين البيضة بجرابلس.
يقول بالي "نجحت قواتنا في تعقب أبوبكر البغدادي منذ ما يقرب من عام"، موضحا دور القوات بداية من العمل الاستخباراتي وجمع المعلومات وتعقب الإرهابيين، وصولا إلى تنفيذ العملية بجميع مراحلها.
وعن حجم وجود داعش، أشار إلى أن النصر العسكري على التنظيم الإرهابي يعني تحرير مناطق جغرافية من سيطرة عناصره.
وحذر من ترديد عبارة "انتهاء داعش تماما"، خاصة أن التنظيم لا يزال موجودا قادرا على إعادة إنتاج نفسه من جديد بمسميات مختلفة، حسب وصفه.
وأشارت تقارير المرصد السوري لحقوق الإنسان، في يناير/كانون الثاني الجاري، إلى مقتل نحو 135 مدنيا في الرقة والحسكة ودير الزور ومنبج على أيدي عناصر مجهولة يرجح أنها خلايا داعشية، إضافة لإجبار مسلحين لبعض سكان ريف دير الزور لدفع أموال لهم.
يتابع بالي "داعش له أيديولوجية تشبه تلك التي يعتنقها أعضاء تنظيمات الإخوان والقاعدة تستهدف نشر التطرف، لذا القضاء على هذه الكيانات ليس سهلا"، مستشهدا بتحركات داعش الأخيرة داخل دير الزور.
واختتم حديثه قائلا "دحر داعش يتطلب نقلة نوعية دستورية في سوريا، تحمي الممارسة الديمقراطية في الحياة السياسية، لمحو أي وجود للإرهاب على أراضينا".
aXA6IDMuMTIuMzYuNDUg
جزيرة ام اند امز