وزير خارجية سوريا في مصر.. دفعة لعودة دمشق للجامعة العربية
زيارة هي الأولى من نوعها منذ 10 سنوات يقوم بها وزير الخارجية السوري فيصل المقداد لمصر، وتمثل قوة دفع كبيرة لعودة دمشق لمحيطها العربي.
وأكد دبلوماسيون وسياسيون مصريون، في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، أنه بعد زيارة المقداد لمصر، فإن مسألة عودة دمشق للجامعة العربية ستٌطرح بقوة على طاولة البحث والنقاش خلال القمة العربية المقبلة في الرياض في مايو/أيار المقبل، بل إن احتمالات العودة لمقعدها كبيرة.
واستقبل وزير الخارجية سامح شكري بمقر وزارة الخارجية، السبت، نظيره السوري فيصل المقداد، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ أكثر من 10 سنوات.
وأكد وزير الخارجية المصري خلال استقبال نظيره السوري، بمقر وزارة الخارجية المصرية، مجددا دعم القاهرة الكامل لجهود التوصل إلى تسوية سياسية شاملة للأزمة السورية في أقرب وقت، مشيرا إلى أن التسوية السياسية من شأنها أن تضع حداً للتدخلات الخارجية في الشؤون السورية.
وقال أحمد أبوزيد، المتحدث الرسمي ومدير إدارة الدبلوماسية العام بوزارة الخارجية، إن المباحثات بين الطرفين تناولت سبل مساعدة الشعب السوري على استعادة وحدته وسيادته على كامل أراضيه ومواجهة التحديات المتراكمة والمتزايدة، بما في ذلك جهود التعافي من آثار زلزال فبراير/شباط المدمر، بالإضافة إلى جهود تحقيق التسوية السياسية الشاملة للأزمة السورية.
من جانبه، نقل الوزير المقداد تقدير بلاده لدور مصر الداعم والمساند لسوريا وشعبها على مدار سنوات الأزمة، مقدماً الشكر للمساعدات الإغاثية الإنسانية التي قدمتها مصر في أعقاب الزلزال.
واستعرض المقداد مختلف جوانب الأزمة السورية، بما في ذلك التحديات الاقتصادية والإنسانية والأمنية التي واجهها وما زال يعاني منها الشعب السوري.
وحول دلالات زيارة وزير الخارجية السوري إلى القاهرة، قال السفير محمد العرابي رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير الخارجية الأسبق، إن "مسألة عودة سوريا للجامعة العربية ستكون على طاولة البحث والنقاش خلال القمة العربية المقبلة في الرياض، بل إن احتمالات العودة لمقعدها كبيرة".
وأعرب العرابي عن أمله في أن تشهد قمة الرياض توافقا عربيا، وقرارا بعودة سوريا للجامعة العربية، مضيفا "موقف مصر يرمي لعودة سوريا للإطار العربي، بالتوازي مع النقلة الحالية فى شكل العلاقات بين سوريا ودول عربية مهمة".
ويستدرك قائلا "لكن الأمر ليس سهلا في ظل اعتراض عدد من الدول حتى لو كانت قليلة على عودة سوريا للجامعة".
وحرص العرابي على التأكيد على أن "زيارة وزير خارجية سوريا اليوم لمصر تمثل قوة دفع لعودة سوريا لمحيطها العربي، خاصة أن القمة العربية ستنعقد قريبا".
وكانت الجامعة العربية علقت المشاركة السورية في أنشطتها منذ نوفمبر/تشرين الثاني عام 2011، في أعقاب اندلاع الأحداث بسوريا.
ولمصر، والحديث لرئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، موقف متقدم من المسألة السورية منذ بدايتها في عام 2011، إذ أن لديها سفارة في دمشق تعمل بكفاءة وقوة.
ويتابع "رغم أن مستوى التمثيل ليس على مستوى سفير، لكن دائما هناك دبلوماسيين أكفاء من الجانب المصري، وسوريا أيضا لها سفارة بالقاهرة".
وفي هذا الإطار، ينبه العرابي إلى أن الباعث الأساسي وراء السياسة المصرية تجاه سوريا هو الحفاظ على الدولة الوطنية السورية، والدولة المركزية التي تحافظ على سيادة الأراضي ووحدتها ومنعها من التقسيم".
بدوره، قال الأكاديمي والخبير السياسي طارق فهمي إن "زيارة وزير الخارجية السوري مهمة من حيث الشكل والمضمون".
وتابع أن العلاقات بين الدولتين تشهد جملة من التطورات، وجزء منها مرتبط بأبعاد سياسية واستراتيجية، وحاجة سوريا لإعادة تعويم دورها في الإقليم، والاستفادة من دور القاهرة في تقريب وجهات النظر السورية مع أغلب الدول العربية.
ووفقا لفهمي، فإن هناك "مصالح مشتركة للطرفين، حيث إنه بالنسبة للجانب السوري فإن تحسين وتقارب العلاقات مع القاهرة مهم فى ملف التطبيع مع تركيا، إضافة إلى حاجة دمشق ولبنان لدخولهما إلى المنظمة الإقليمية لغاز شرق المتوسط والمنتدى".
ويقول الأكاديمي المصري أيضا إن هناك مغزى من استقبال وزير الخارجية السوري في مصر، يتعلق بنقل رسالة لأمريكا التي تتحفظ على الزيارة، بأن هناك تنسيقا مصريا روسيا على مستوى عال، وأن القاهرة تستطيع أن تلعب دورا فى التسوية المقبلة في سوريا، ومشروع إعادة الإعمار، إضافة للحاجة المصرية السورية بالتنسيق في المواقف والاتجاهات في هذا التوقيت.
وتابع أن الإدارة الأمريكية الراهنة ليس لديها كثيراً من الأوراق للتعامل في المنطقة العربية بعد سلسلة تحركات في الإقليم تجاه روسيا والصين ودول الاتحاد الأوروبي، ما يعني أن الولايات المتحدة واقعياً لن تصعد أو تتبنى سياسات معادية، أو ضاغطة لا على مصر أو الدول العربية، التي تقطع شوطاً كبيراً تجاه استئناف علاقاتها مع الدولة السورية في الوقت الراهن.
ولم تختلف قراءة الدكتور بشير عبدالفتاح الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، للمشهد الراهن، عن العربي وفهمي.
ويقول عبدالفتاح في حديث لـ"العين الإخبارية" إن الزيارة ستسهم في مزيد من التقارب المصري السوري"، لافتا إلى أن الزيارة تتزامن مع تقارير إعلامية تحدثت عن ترتيب لقاء قمة بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظيره السوري بشار الأسد في القاهرة.
ومضى قائلا "هذا اللقاء إذا تم قبل القمة العربية التي ستعقد فى الرياض مايو/أيار المقبل، فسوف يسهم في تعجيل عودة دمشق للجامعة العربية".
ويبين عبدالفتاح أن هناك "زخما وإقبالا عربيا على سوريا، وأتصور أن القمة العربية في الرياض قد تشهد عودة سوريا للحاضنة العربية مجددا بتحركات مصرية مدعومة بتحركات موازية من دولة الإمارات والسعودية".
وأنهت مصر، الإثنين 27 فبراير/شباط الماضي، سنوات من القطيعة مع سوريا بزيارة تاريخية أجراها وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى دمشق، في أعقاب زلزال مدمر ضرب دولتي سوريا وتركيا أوائل فبراير/شباط الجاري، وخلف آلاف القتلى والجرحى.
ونقل وزير الخارجية المصري خلال الزيارة رسالة للرئيس السوري بشار الأسد، من الرئيس عبدالفتاح السيسي أكد فيها تضامن مصر مع سوريا واستعدادها لمواصلة دعم السوريين بمواجهة آثار الزلزال.
وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قد أجرى في أعقاب الزلزال اتصالا هاتفيا هو الأول له منذ قدومه إلى السلطة في 2014، بنظيره السوري بشار الأسد، أعرب خلاله عن تضامن القاهرة مع دمشق.
ويرى مراقبون أن الاتصال كان بمثابة تحول إيجابي في العلاقات المصرية السورية، مشيرين إلى أن المد التضامني مع دمشق قد يفتح الباب لاتصالات أوسع ومحادثات تمهد لعودة سوريا للجامعة العربية.
aXA6IDE4LjIyMC4yMDAuMTk3IA== جزيرة ام اند امز