تصريحات "ترامب" عن الجولان المحتل توحد فرقاء سوريا
موقف دمشق من تصريحات ترامب لم يختلف عن مواقف فصائل المعارضة السورية التي طالبت بضرورة توحيد الرؤية الوطنية للحفاظ على وحدة أراضي بلدهم.
استطاعات تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حول الاعتراف بـ"السيادة الكاملة" لإسرائيل على مرتفعات الجولان السورية، أن توحد الفرقاء السوريين، حيث أعلنوا رفضهم تغيير صفة المرتفعات المحلتة وإعلان تبعيتها للاحتلال، وذلك رغم استمرار أزمة بلادهم لنحو 8 أعوام متتالية، وتشابك المصالح والصراعات بين أطرافها.
وكتب "ترامب" تغريدة عبر تويتر: "بعد 52 عاما، حان الوقت لكي تعترف الولايات المتحدة الأمريكية بالكامل بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان"، مشيرا إلى أن منطقة الجولان الاستراتيجية التي استولت عليها إسرائيل 1967 وضمتها إليها في خطوة لا يعترف بها المجتمع الدولي، تعد ذات أهمية استراتيجية وأمنية بالغة لإسرائيل واستقرار المنطقة.
وعقب تصريحات ترامب، أصدرت كل الأطراف السورية، بيانات رسمية تندد فيها بهذا الموقف، مؤكدة أنه قرار غير مسؤول يؤدي لانتهاك سافر لقرارات الشرعية الدولية، خاصة قرار مجلس الأمن رقم 497 لعام 1981.
رؤية واحدة
ورفضت دمشق قرار ترامب، ووصفت الاعتراف بالجولان تحت سيادة إسرائيل، بـ"الازدراء والانتهاك السافر".
وأوضحت الخارجية السورية، في بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية "سانا"، أن الموقف الأمريكي تجاه الجولان السوري المحتل يعبر بكل وضوح عن ازدراء الولايات المتحدة للشرعية الدولية وانتهاكها السافر لقراراتها.
وقال مسؤول بالخارجية السورية: إن "الولايات المتحدة بسياساتها الحالية التي تحكمها عقلية الهيمنة باتت تمثل العامل الأساسي في توتر الأوضاع على الساحة الدولية، وتهديد السلم والاستقرار الدوليين".
موقف دمشق من تصريحات ترامب حول منطقة الجولان، لم يختلف كثيرا عن مواقف فصائل المعارضة السورية التي طالبت بضرورة توحيد الرؤية الوطنية للحفاظ على وحدة الأراضي، وجعل سوريا للسوريين فقط.
الهوية السورية
ومن جانبه، اعتبر فراس الخالدي، رئيس منصة القاهرة للمعارضة في مفاوضات جنيف، أن تصريحات ترامب بشأن الجولان تشير إلى مدلول خطير يؤكد وقوف جميع الأطراف السورية في مفترق طرق.
وشدد في تصريح لـ"العين الإخبارية"، على ضرورة اتخاذ موقف ثابت وموحد للحفاظ على الهوية السورية دون الالتفاف لأي خلافات أخرى.
وقال الخالدي: "إن الدفع بعملية سياسية جادة تنتج عن مؤسسات وطنية تحمي هوية البلاد، وتؤمن بأن سوريا فوق الجميع، تعد ردا قويا وحاسما ضد هذه التصريحات والمحاولات المستميتة لتقسيم البلاد".
وشدد على أهمية الانتقال لمرحلة بناء مؤسسات وطنية قادرة على توحيد صفوف الشعب السوري، وتحافظ على الأراضي السورية دون تقسيم ورفع شعار سوريا للسوريين.
وحذر مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية من خطورة هذا التطور عقب تصريحات ترامب، معتبرا أن التوقيت خطر، خاصة مع تزامن تصريحات مسؤولي الإدارة الأمريكية بشأن حلول قضايا الصراع العربي-الإسرائيلي مؤخرا، وقرار ترامب الأخير بنقل سفارة أمريكا للقدس.
واتفق بيان المؤتمر مع الخارجية السورية في وصف تصرفات الإدارة الأمريكية بانتهاك قرار مجلس الأمن والحفاظ على السلام والأمن بالعالم، معربا عن استيائه من الانحياز الواضح لإسرائيل.
وقال إن من شأن هذه الخطوة أن تدخل المنطقة في مزيد من النزاعات والحروب دون ترك أي مساحة لسبل تحقيق السلام.
وبعبارة "مخالفة للشرعية الدولية"، وصفت هيئة المفاوضات السورية موقف ترامب بشأن ضرورة الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان المحتلة.
وأوضحت، في بيان رسمي لها، أن تغريدة ترامب وتصريحات وزير خارجيته تمثل خطورة على الوضع السوري بشكل خاص والمنطقة بشكل عام.
وقبل أسبوع من تغريدة ترامب، أطلقت الإدارة الأمريكية تلميحات مسبقة عبر وزارة الخارجية واستبدالها لعبارة "الجولان المحتلة" بعبارة "الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل".
وعقب حديث ترامب رحب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بهذه التصريحات، معتبرا أنه حديث يعد دعما قويا له لإعادة انتخابه للمرة الخامسة، بحسب مراقبين دوليين.
ومنذ الـ5 من يونيو/حزيران 1967، تحتل إسرائيل هضبة الجولان السورية، وترفض الانسحاب منها على الرغم من إصدار مجلس الأمن قراراي 242 و338 اللذين يطالبان إسرائيل بالانسحاب منها.
وأعلنت إسرائيل ضم الجولان عبر قانون تبناه الكنيست تحت اسم "قانون الجولان"، ويعني فرض القانون والقضاء والإدارة الإسرائيلية على الهضبة السورية المحتلة منذ 14 ديسمبر/كانون الأول 1981.
وقوبلت تصريحات ترامب، برفض وإدانة من قبل دول عربية وغربية، حيث أكد مجلس التعاون لدول الخليج أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية تقوض فرص تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط.
وقال المجلس، في بيان، إن "تصريحات الرئيس الأمريكي لن تغير من الحقيقة الثابتة التي يتمسك بها المجتمع الدولي والأمم المتحدة، وهي أن مرتفعات الجولان أراض سورية احتلتها إسرائيل بالقوة".
كما أعلن الاتحاد الأوروبي أنه لا يعترف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان.
ومن جانبها، أكدت روسيا أن التصريحات الأمريكية حول تغيير صفة مرتفعات الجولان السورية التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967 وإعلان تبعيتها لها، يعد انتهاكا مباشرا للقرارات الأممية.
وفيما أدانت السلطة الفلسطينية، تصريحات ترامب، مؤكدة أن شرعية القدس والجولان يحددها الشعبان الفلسطيني والسوري، قال نائب المتحدث باسم الأمين العام فرحان حق إن الأمم المتحدة "ملتزمة بجميع قرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة"، وأن "موقف الأمم المتحدة لم يتغير بعد إعلان الرئيس الأمريكي بخصوص الجولان (المحتلة عام 1967)".
الخارجية الفرنسية قالت أيضاً إن باريس لا تعترف بضم إسرائيل لهضبة الجولان وإن الاعتراف به يتعارض مع القانون الدولي.
كما رفضت مصر، الجمعة، تصريحات دونالد ترامب، مؤكدة أن الجولان أرض عربية محتلة.
وأكدت الخارجية المصرية، في بيان، موقفها الثابت بـ"اعتبار الجولان السورية، أرضا عربية محتلة وفقاً لمقررات الشرعية الدولية، وعلى رأسها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 497 لعام 1981 بشأن بطلان القرار الذى اتخذته إسرائيل، بفرض قوانينها وولايتها القضائيّـة وإدارتها على الجولان السوري المحتل، وعلى اعتباره لاغيّاً وليست له أيّة شرعيّة دولية".