تشمل مسقط رأس الأسد.. تحركات حكومية سورية لتطويق «تمرد علوي»

لليوم الثاني على التوالي، تخوض قوات الأمن السورية معارك لإخماد تمرد ناشئ من مسلحين من الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس السابق بشار الأسد في غرب سوريا، ووردت أنباء عن مقتل العشرات فيما يعد أكبر تحد تواجهه الحكومة الجديدة.
ومساء الجمعة، أعلنت السلطات في سوريا إطلاق عملية أمنية في مدينة القرداحة؛ مسقط عائلة الأسد، بعد معارك دامية وفظائع أسفرت عن مقتل أكثر من 140 شخصا في غرب البلاد.
وقالت السلطات السورية إن مسلحين مؤيدين لنظام الأسد شنوا هجوما داميا "مدروسا" على قوات الحكومة في المنطقة الساحلية، التي يقطنها عدد كبير من المنتمين للأقلية العلوية.
ولم تعلن السلطات عدد القتلى، لكن المرصد السوري لحقوق الإنسان قال إن أكثر من 120 شخصا قتلوا. ولم يتسن لرويترز التحقق بشكل مستقل من العدد.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية مساء الجمعة عن مصدر بوزارة الدفاع، قوله إن القوات "تمكنت من إفشال هجوم لفلول النظام البائد على قيادة القوات البحرية بمدينة اللاذقية، وأعادت الاستقرار للمنطقة".
وتأتي أعمال العنف فيما يسعى الرئيس السوري أحمد الشرع لترسيخ سيطرة إدارته في حين تكافح لرفع العقوبات الأمريكية وتواجه تحديات أمنية أوسع نطاقا خاصة في الجنوب الغربي حيث تقول إسرائيل إنها ستمنع دمشق من نشر قوات.
حظر تجوال
وتركزت أعمال العنف، أمس الخميس، في منطقة جبلة الساحلية، لكن الاضطرابات انتشرت على نطاق أوسع. وذكرت الوكالة السورية الرسمية للأنباء في ساعة مبكرة من صباح اليوم الجمعة أنه تقرر فرض حظر تجوال في مدن اللاذقية وطرطوس.
وأضافت الوكالة، نقلا عن مصدر أمني، أن القوات الحكومية بدأت عمليات تمشيط واسعة في مراكز المدن والقرى المحيطة وتم نصح المدنيين بالبقاء في منازلهم.
ونقلت عن المصدر قوله "نعلن حظرا للتجوال في مدن اللاذقية وطرطوس، وبدء عمليات تمشيط واسعة في مراكز المدن والقرى والبلدات والجبال المحيطة.. عمليات التمشيط سوف تستهدف فلول نظام الأسد ومن قام بمساندتهم ودعمهم ونوصي أهلنا المدنيين بالتزام منازلهم والتبليغ الفوري عن أي تحركات مشبوهة".
وقال أحد سكان مدينة اللاذقية عبر الهاتف إن الاشتباكات مستمرة هناك منذ 12 ساعة. وأضاف أن تعزيزات حكومية وصلت إلى المدينة.
وذكر أحد سكان مدينة طرطوس أنه سمع دوي إطلاق نار كثيف بالتزامن مع دخول القوات الحكومية المدينة صباح اليوم الجمعة وبدأت إطلاق النار في الهواء.
ووفق مصدر أمني فإن التعزيزات تمكنت من دخول مدينة اللاذقية صباح اليوم الجمعة، بعد أن عجزت عن ذلك أمس الخميس بسبب قطع الطريق.
وقال المصدر إن الاشتباكات مستمرة على مشارف المدينة وإن قوات الأمن تعمل على فتح الطريق إلى جبلة الذي قطع أيضا وإن مليشيات مرتبطة بالأسد تحاصر عددا من المواقع في جبلة.
عمليات نوعية دقيقة
ونقلت وكالة الأنباء السورية عن مصدر بوزارة الدفاع أن "القوات تمكنت من فك الحصار المفروض من قبل فلول النظام البائد على مقاتلينا بمحيط مدينة القرداحة، بعد اشتباكات عنيفة بالمنطقة".
وأضاف المصدر أن "فلول النظام البائد اتخذت من أبنية ومرتفعات مدينة القرداحة وكراً لها، وتقوم باستهداف قواتنا منها".
وتابع "ستقوم قواتنا الآن بتنفيذ عمليات نوعية دقيقة بالتنسيق مع قوى الأمن العام ضد فلول النظام البائد التي غدرت بقواتنا وأهلنا في مدينة القرداحة".
أعمال عنف وهجمات
يقول ناشطون علويون إن الطائفة تعرضت للعنف والهجمات منذ سقوط الأسد خاصة في ريف حمص واللاذقية.
وتعهد الشرع بإدارة سوريا بنهج يحتوي الجميع، لكن لم يتم بعد إعلان أي اجتماعات بينه وبين كبار الشخصيات العلوية، على النقيض من أعضاء أقليات أخرى مثل الأكراد والمسيحيين والدروز.
وجندت الحكومة في عهد الأسد أعدادا كبيرة من الطائفة العلوية في أجهزة الأمن والجهاز الإداري في الدولة التي تسعى السلطات الجديدة إلى إعادة تشكيلها، ومن هذه المساعي تنفيذ عمليات تسريح لأعداد كبيرة.
وفي حين نجح الشرع في إخضاع معظم مناطق سوريا ذات الأغلبية السنية لسيطرة دمشق، إلا أن مناطق مهمة لا تزال خارج سيطرتها، ومنها الشمال الشرقي والشرق اللذان تسيطر عليهما قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد.
وألقى بيان صادر عن مجموعة من رجال الدين العلويين، من المجلس الإسلامي العلوي، باللوم في أعمال العنف على الحكومة، قائلا إن قوافل عسكرية أرسلت إلى الساحل بحجة مواجهة فلول النظام "لترهيب وقتل" السوريين. ودعا إلى وضع المنطقة الساحلية تحت حماية الأمم المتحدة.
من يقف وراء الأزمة؟
فيما دعا رئيس جهاز الاستخبارات العامة في سوريا أنس خطاب، الجمعة، أتباع الرئيس السوري السابق بشار الأسد، إلى تسليم أنفسهم وأسلحتهم لأقرب جهة أمنية.
وقال خطاب: "ليس أمامكم سبيل إلا أن تسلموا أنفسكم وأسلحتكم لأقرب جهة أمنية، وذلك لضمان سلامة سوريا وشعبها وعودة الأوضاع إلى الاستقرار والأمان".
وتابع إنه "منذ اللحظة الأولى لتحرير مدينة حلب وحتى تحرير العاصمة دمشق، كنا (في إدارة العمليات العسكرية) نوجه جميع وحداتنا المنتشرة في المحافظات إلى ضرورة ضبط النفس وحسن التعامل مع الآخرين".
ولفت إلى أن "بعض ضعاف النفوس والمجرمين استغلوا الأوضاع السابقة والظروف الصعبة التي مرت بها البلاد، حيث ورثنا نظاما فاسدا مجرما بكل المقاييس، فراحوا يخططون ويجهزون لمحاولة ضرب الوجه الجديد لسوريا المستقبل الذي آلمهم زهوه وازدهاره".
وأوضح أنه "حسب التحقيقات الأولية، فإن قيادات عسكرية وأمنية سابقة تتبع للنظام البائد تقف وراء التخطيط والتدبير لهذه الجرائم، عبر توجيهها من قبل بعض الشخصيات الفارة خارج البلاد والمطلوبة للعدالة والقضاء".
aXA6IDE4LjExOS45Ni4yNTUg جزيرة ام اند امز