سوريا والعراق لم يطلبا مستشارين من النظام الإيراني ولم يطلبا منه العون.
لو أن مسابقة أُجريت لاختيار العبارة الأكثر إثارة للأعصاب في العالم فالأكيد أن الجائزة ستكون من نصيب الرئيس الإيراني حسن روحاني عن عبارته التي يكررها دائماً، وقالها أيضاً خلال افتتاحه المؤتمر الـ13 للبرلمانات الإسلامية في طهران الثلاثاء الماضي.
فليس من عبارة أكثر قدرة على «النرفزة» من عبارة «أرسلنا مستشارينا إلى سوريا والعراق بناءً على طلب كلا البلدين لكي نمنع سيطرة الإرهاب» لأنه باختصار يعتبر المتلقي غبياً، حيث الواقع يؤكد والعالم كله يعلم بأن سوريا والعراق لم يطلبا من إيران مدهما بمستشاريها، وأن ما حصل هو أن النظام في إيران تمكن من التغلغل في البلدين العربيين ووصل حد أن يفرض عليهما ما يريده، وحيث الواقع يؤكد أن هذا النظام هو المنظم لعمليات الإرهاب وهو مصدرها وممولها وداعمها، بل هو الإرهاب وأصله.
ولهذا أيضاً لا يمكن لعاقل أن يصدق العبارة الأخرى المتعلقة بفلسطين، التي قالها روحاني في الافتتاح أيضاً بغية تبرئة النظام الإيراني من الإرهاب والتنصل من التصريحات الكثيرة المتعلقة بفلسطين وملخصها أن «الإرهاب أدى إلى انحراف البوصلة عن القدس وفلسطين».
إيران استغلت حاجة العراق وسوريا للسلاح وللمال لمحاربة الإرهابيين فتغلغلت فيهما من هذا الباب فاضطرا إلى إشراكها في الحكم رغم علمهما بأن بعض التنظيمات الإرهابية التي تتم محاربتها هي من تأليف وإخراج هذا النظام، وأنها إحدى وسائله للتغلغل والوصول إلى حيث يمكنها التحكم في القرار.
هذا هو الذي حصل، لذا فإن القول بأن هذين البلدين طلبا من النظام الإيراني مدهما بالمستشارين لمحاربة الإرهاب قول يدخل في باب الهراء و»ينرفز».
للتوضيح فإن كلمة «المستشارين» لا تعني في قاموس النظام الإيراني أشخاصاً يعدون على أصابع اليدين كما توحي الكلمة، حيث الواقع يؤكد أن الإيرانيين الذين تواجدوا ولا يزالون موجودين في سوريا والعراق يعدون بالمئات بل بالآلاف، والدليل هو التوابيت التي ظل النظام الإيراني ينقلها من ذينك البلدين إلى إيران، والأموال التي ظل يدفعها إلى عوائل الجنود الأفغان وغير الأفغان الذين قام بشرائهم ودفع بهم إلى أتون حروب لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
إيران استغلت حاجة العراق وسوريا للسلاح وللمال لمحاربة الإرهابيين فتغلغلت فيهما من هذا الباب فاضطرا إلى إشراكها في الحكم رغم علمهما بأن بعض التنظيمات الإرهابية التي تتم محاربتها هي من تأليف وإخراج هذا النظام، وأنها إحدى وسائله للتغلغل.
سوريا والعراق لم يطلبا مستشارين من النظام الإيراني، ولم يطلبا منه العون وإنما النظام الإيراني عمد إلى استغلال الظروف التي يمران بها وفرض نفسه بتوفير المال والسلاح بحجة محاربة الإرهاب، قبل أن يكتشفا أنهما لم يعودا مستقلين ويدركا أن النظام الإيراني صار يشاركهما في اتخاذ القرار، بل صار في كثير من الأحايين يفرض عليهما اتخاذ ما يريده من قرارات.
النظام الإيراني نجح أيضاً في التغلغل في القرار اللبناني واليمني، ويسعى إلى التغلغل في قرارات دول أخرى عديدة بحجة محاربة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية التي أوجدها وبحجة تحرير فلسطين والقدس، وبحجة الانتصار لمظلومية الشعوب، وبشعارات رنانة لا يتحقق منها شيء على أرض الواقع، أما الغاية التي يسعى إليها هذا النظام فهي إضافة إلى ضمانه البقاء في السلطة في إيران إعادة إحياء الإمبراطورية الفارسية، وهو ما سيتبين بوضوح للكثيرين ولكن متأخراً.
من يعتقد أن القرار العراقي اليوم هو بيد العراق وحده مخطئ، ومن يعتقد أن القرار السوري هو بيد سوريا وحدها مخطئ، ومن يعتقد أن القرار اللبناني هو بيد لبنان وحده مخطئ، ومن يعتقد أن القرار في اليمن في يد اليمنيين وحدهم مخطئ، ومن يعتقد أن القرار في دول أخرى سيظل -إن لم يتم وضع حد لاستهتار هذا النظام- في يد حكامها وحدهم مخطئ.
ليس في هذا مبالغة، والواقع يعين على تبين ملامح المستقبل في حالة استمرار العالم في متابعة المشهد من دون التدخل فيه.
نقلا عن الوطن البحرينية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة